بين بهاء وسعد انقلاب أبيض … هل تكرسه صناديق الاقتراع؟
كتب جورج العلية:
أدار سعد الحريري ظهره معلقًا عمله السياسي رافضًا الترشّح للانتخابات المقبلة طالبًا من تياره الاقتداء به. حدث سياسي قلّما شهده تاريخ لبنان الحديث ترك أثره على الساحة الداخلية لما له من انعكاسات وتداعيات تبدأ من السّاحة السّنية ولا تنتهي عند حدود مستقبل الوضع اللبناني برمته. ومع خروج الحريري أسئلة كثيرة بدأت تطرح: من يملأ الفراغ الذي أحدثه سنيًّا ووطنيًا؟ وهل لهذا الحدث امتدادات إقليميّة ودولية؟ وكيف ستتفاعل معه القوى المحلية ومن المستفيد منه؟
في عزّ انشغال اللبنانيين بهذا الحدث برز موقف الشقيق الأكبر لسعد الحريري بهاء الذي لم ينتظر طويلًا ليطرح نفسه بديلًا مُذكِّرًا بثوابت والده رافضًا إقفال بيت الحريري السياسيّ معلنًا عودته الى بيروت .
كيف سيتبلور موقف بهاء الحريري وهل سيترشح بنفسه للانتخابات؟ وهل عودته تأتي بسياق غير منفصل عن خروج سعد الحريري وبسيناريو مُعدّ سعوديًا ودوليًا يحمل في طياته انقلابًا أبيض داخل البيت السني يُنتظر تكريسه في صناديق الاقتراع؟
لم تستبعد مصادر سنيّة مقرّبة من ٨ آذار هذا السّيناريو إلّا أنّها اعتبرت أنّ بهاء الحريري غير قادر على ملء الفراغ الذي أحدثه خروج سعد وأنّ السّاحة السنيّة مقبلة على تعددية سياسية كبيرة سيستفيد منها التطرف السني. كيف لا وحزب الله كان من أشدّ الدّاعمين للحريري بالسّر والعلن على السّواء وإقصاء الحريري اليوم هو استكمال لعمليّة احتجازه في السعودية عام ٢٠١٧ ما يجعل السّاحة اللبنانية عُرضة لتطورات سلبية.
في المقابل علّق الكاتب والمحلل السياسي خالد ممتاز لموقعنا على عودة بهاء الحريري مؤكدًا أن الأخير سيترشح شخصيًا للانتخابات في أيار وسيرأس لائحة تضم شخصيّات بيروتية معروفة صمدت في وجه المدّ الإيراني في لبنان ورفضت التسوية الرئاسية مع ميشال عون وكلّ التنازلات والمساكنة التي كانت قائمة مع حزب الله نافيًا أي سيناريو سعودي أميركي مُعَد مُسبقًا يقضي باستبدال سعد ببهاء فكلّ ما في الأمر أنّه وبعد عزوف سعد عن العمل السياسي عزم بهاء على استكمال مسيرة والده وعدم إقفال بيت الحريري السياسي خصوصًا وأنّ السعودية لا تضع الفيتو عليه بل تترقّب وتراقب عن كثب تشكيل فريق عمله وآداءه السياسي لتبني على الشيء مقتضاه. فالمملكة العربية السعوديّة اتخذت قرارها بترك الساحة السنية تفرز قياداتها بهدف دحض مقولة أنها تملي خيارات سياسية على السّنّة في لبنان.
وتابع ممتاز الدّعم السّعودي حاضر طبعًا ولكن بعد الانتخابات النيابيّة لمن يعمل وفق أجندتها ورؤيتها.
أما بشأن تحالفات بهاء الانتخابية فموقفه واضح وقد كرره مرارًا فهو لن يتحالف مع أحزاب المنظومة التي أخذت لبنان إلى محور طهران وسرقت الاقتصاد اللبناني ونهبت المالية العامة وبالتالي هو منفتح على التحالف مع الأحزاب الرافضة لهذه المنظومة كالقوات والكتائب وغيرها من قوى المجتمع المدني المنبثقة من ثورة ١٧ تشرين والتي دعمها الحريري منذ انطلاقتها.
أما عن علاقة الحريري بالشخصيّات السنيّة العاملة في الشأن العام فهي تتراوح ما بين الجيدة جدًا والفاترة. ونفى ممتاز إمكانيّة التحالف مع النّائب فؤاد مخزومي وذلك بسبب الصراع القائم بين الرجلين على الزّعامة البيروتيّة فيما تجمعه علاقة ممتازة بأشرف ريفي والرئيس فؤاد السنيورة.
أما فيما يتعلّق بصقور المستقبل الذين تم اقصاؤهم لمخالفتهم قرار سعد الحريري بالتسوية الرئاسية وبمساكنة حزب الله فالتواصل معهم ممكن وقائم.
وأردف ممتاز أنّ بهاء يملك القدرة والإمكانية على استقطاب الشّارع السنيّ بخاصة أنّه ابن رفيق الحريري.
أخيرًا لم تكن تجربة سعد الحريري في الحياة السياسية ناجحة والدليل نهايتها السيئة عليه شخصيًا وعلى البلد بشكلٍ عام.
فهل تعلّم بهاء من تجربة شقيقه وبالتالي تحصّن ليخوض تجربته الخاصة فيكون رجل المرحلة المقبلة أم سيكون بدلًا عن ضائع فلننتظر ونرٓ.