كسروان أسقطت “الشهابية” وتُحضّر “صفعة” قوية لـ “العونية”
تُعتبر معركة كسروان الانتخابية “أُمّ المعارك” في الأقضية ذات الغالبية المسيحية عموماً وفي جبل لبنان خصوصاً، فهي التي تُخرّج الزعامات المارونية وأيضاً تُسقط كثراً عن عروشهم.
لا تقتصر اللعبة الإنتخابية في كسروان على عدّ الأصوات وحشد المقترعين، بل تتخطّاها إلى عامل نفسي يُشعر الكسرواني بالإرتياح، فلا يحتاج إلى فكرة الزعيم الذي يحميه.
لم تُفرز كسروان في الماضي القريب أي زعيم ماروني شعبي عابر للأقضية والمحافظات، ففي فترة الإستقلال كان الصراع دائراً بين رئيس الكتلة الدستورية بشارة الخوري إبن عاليه وعميد الكتلة الوطنية إميل إده إبن بيروت، وبعدها إنتقل الصراع الماروني بين حميد فرنجية إبن زغرتا وكميل شمعون إبن دير القمر الشوفية، وظلّ التنافس الماروني قبل الحرب بين شمعون والعميد إده والشيخ بيار الجميل إبن بكفيا المتنية، وفي الحرب كان بشير الجميل، وبعد الحرب بات للموارنة قطبان هما سمير جعجع إبن بشري وميشال عون إبن حارة حريك في بعبدا.
قد تكون مرحلة حكم الرئيس فؤاد شهاب إستثنائية في خريطة منطقة كسروان السياسية، فالرجل أتى من المدرسة العسكرية وكان رجل المؤسسات الأول ولم يكن زعيماً شعبياً مثل شمعون وفرنجية وإده والجميل والخوري، عمل على مأسسة الإزدهار الذي أنتجه عهد شمعون ونجح، وبات رمزاً كسروانياً ولبنانياً، لكنه لم يبنِ زعامة على الطريقة التقليدية أو يشدّ العصب، بل أسّس للنهج الشهابي الذي شوّه “المكتب الثاني” طريقة حكمه.
عام 1967 نجح النائب كاظم الخليل الذي كان في كتلة شمعون مع آخرين في تحقيق تقارب بين الزعماء الموارنة الثلاثة: شمعون والجميل وإده، وكان الحلف الثلاثي الذي خاض إنتخابات 1968 الشهيرة حيث “برمت” سيدة حريصا باتجاه لوائح الحلف كما روّج البعض حينها وأسقطت لوائح “الشهابية” وسدّدت ضربة كبرى للنهج، والذي دفع ثمنها في الإنتخابات الرئاسية عام 1970 بخسارة مرشحه الياس سركيس بفارق صوت أمام مرشح الحلف الثلاثي سليمان فرنجية.
واليوم، فإن كسروان على موعد شبيه بالسيناريو نفسه، وما جعل الكسروانيين والمسيحيين في إنتخابات 1968 يصوّتون للحلف الثلاثي هو الخوف على الدولة والدور، ففي ذلك الحين كان العمل الفدائي يتمدّد وكانت أجهزة الدولة الممسوكة من “المكتب الثاني” لا تفعل شيئاً لمواجهة هذا التمدد داخل البيئة اللبنانية بل كان بعض ضباطها يشجعون هذا الأمر للقول للمعارضين “نحن من يحميكم”، إضافة إلى التضييق على الحرّيات واستفحال سلطة “المكتب الثاني”.
ويُعتبر الخوف على المصير اليوم أكبر، فكسروان أعطت في “تسونامي” برتقالي في انتخابات 2005، العماد ميشال عون 70 في المئة من أصواتها، وجدّدت الثقة في انتخابات 2009 حيث منحته 51 بالمئة من أصواتها، وحافظت في الدورة الأخيرة على ماء وجه العهد العوني فأعطته نائباً حزبياً هو روجيه عازار، والعميد شامل روكز الذي قال عنه عون “شامل أنا وأنا شامل”، في حين أن المرشح نعمة افرام فاز بقوته الذاتية وخدماته ومحبة الناس.
لكن ماذا جنت أيادي العونية على كسروان ولبنان؟ فأهل كسروان يراقبون كل ما يحصل منذ دخول “التيار الوطني الحرّ” جنّة الحكم. فقد استلم “التيار” الكهرباء نحو 12 سنة والبلاد تغرق في العتمة، والمكافأة أن رئيس “التيار” النائب جبران باسيل يرشّح وزيرة الطاقة ندى البستاني في كسروان والتي يُطلق عليها الأهالي مرشحة “العتمة”!
أما النقطة الأخطر فإن عون إستخدم الصوت المسيحي الذي منحه إياه الكسروانيون من أجل تغطية “حزب الله” وباتت الدولة في حضن “الدويلة”، وبالتالي بات وجود الكيان في خطر نتيجة السياسة العونية.
من الظلم مقارنة “الشهابية” على الرغم من أخطائها بـ العونية”، فعلى الرغم من أن “الشهابية” ساهمت في بناء لبنان الحديث بمؤسساته وتطوره، إلا أن إبن كسروان حاسبها عندما شعر بالخطر، فكيف الحال مع “العونية” التي أوصلت البلاد إلى جهنم وتسببت سياساتها بهدم أساسات الدولة و”تفرعن” الدويلة، من هنا فإن كسروان، كما كل لبنان، على موعد مع محاسبة “العونية” يوم الإنتخاب وسط التأكيد بأن “الكفّ” الكسرواني سيكون الأقوى.