“البرج الشمالي” إلى الواجهة من البوّابة الأمنية… و”حماس” تشيّع ضحاياها

“البرج الشمالي” إلى الواجهة من البوّابة الأمنية… و”حماس” تشيّع ضحاياها

الكاتب: محمد دهشة
15 كانون الأول 2021

 

يُثجمع أبناء مخيم البرج الشمالي في منطقة صور على ان الحادث الامني الذي حصل، بدءاً من الحريق والإنفجار يوم الجمعة في مسجد “أبي بن كعب” وتشرف عليه حركة “حماس”، مروراً باطلاق النار اثناء تشييع المهندس حمزة شاهين يوم الاحد، على اعتباره الاخطر بعدما تحول مواجهة مباشرة بين حركتي “فتح” و”حماس” اللتين تتقاسمان نفوذ القوة فيه، اثر اتهام “حماس” لـ”قوات الامن الوطني الفلسطيني” وهي الذراع العسكري لحركة “فتح” بالقتل المتعمّد وارتكاب مجزرة، ونفي الاخيرة واستعدادها لتسليم اي متورط باطلاق النار.

وتقول أوساط فلسطينية لـ “نداء الوطن”: “بغض النظر عن تفاصيل واسباب الحريق والإنفجار واطلاق النار وسقوط الضحايا الثلاث، والاتفاق على ان تكون التحقيقات في عهدة القوى القضائية والامنية الرسمية اللبنانية، فإن الحادث الاخير وضع المخيمات الفلسطينية على صفيح ساخن، وتحت المجهر من العنوان الامني، اذ أدى الى توتر غير مسبوق بين حركتي “فتح” و”حماس” في لبنان، مع اتهام “حماس” لـ”قوات الامن الوطني” بارتكاب ما وصفته بـ”المجزرة المتعمدة والقتل العمد”، بينما حركة “فتح” نفت ضلوعها بالحادث، واكدت انها لم تُرِق اي دماء وأبدت استعدادها لتسليم اي متهم باطلاق النار”.

وتوضح هذه الاوساط “ان التوتر السياسي بين القيادتين ترجم بداية بتبادل الاتهامات والروايات ثم بالاصطفاف العمودي بين فصائل منظمة التحرير مع “فتح” و”تحالف القوى الفلسطينية” مع “حماس”، ثم بالاحتقان الشعبي في مختلف المخيمات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كافة وخاصة مجموعات “الواتساب”، وبقرار بتجميد “العمل الفلسطيني المشترك” الذي كان يشكل مرجعية ومظلة سياسية وامنية للمخيمات، مع تقدم الهواجس من توتيرات أمنية متنقلة داخلها، اذ ان للحركتين نفوذاً قوياً فيها، والمخاوف من دخول طابور خامس لاشعال نار الفتنة وهي محاولات دائمة ولم تتوقف اصلاً، لتوجيه ضربة جديدة الى الشعب الفلسطيني بهدف شطب قضيته وحق العودة ورمزية المخيمات في نضاله الوطني على اعتباره محطة من محطات الانتظار ريثما يتم تطبيق القرار 194 الذي ينص على العودة”، في وقت علمت “نداء الوطن” ان قوى سياسية وامنية لبنانية دخلت بقوة على خط التهدئة ولا تزال منعاً لتفاقم الاحداث.

والمواجهة المباشرة اعادت تسليط الاضواء على واقع مخيم البرج نفسه، وعلى باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان، في ظل معادلة نفوذ القوى فيها والخريطة السياسية والامنية، حيث لا تزال قوات “الامن الوطني” تؤدي الدور الرئيسي في حفظ الامن والاستقرار في غالبيتها، وكان يطلق عليها سابقاً “الكفاح المسلح الفلسطيني”، الى جانب “القوة الامنية المشتركة” اذا وجدت في بعضها مثل عين الحلوة والرشيدية.

البرج الشمالي

غير ان ما يميز البرج الشمالي عن سواه، انه “شبه لبناني”، اذ استحصل اكثر من 3000 من سكانه على الجنسية اللبنانية بموجب قرار التجنيس الصادر في العام 1994 ومعظمهم من منطقة سهل الحولة، الزوق الناعمة القيطية، اما البقية فهم من لوبية، صفورية، الكساير، ديشوم، سعسع، شعب، شفا عمرو، صلحا، ميعار، معلول، دير القاسي، الشجرة، حطين، المنصورة، والحسينية. ويميزه ايضاً انه متداخل مع بلدة البرج الشمالي جغرافياً وبالعلاقات الاجتماعية والمصاهرات، وكثيراً ما تقدم البلدية الخدمات للقاطنين من دون تمييز بينهم، في ظل عجز “الاونروا” عن تلبية احتياجاتهم وهي لا تزال تشرف على ادارته رسمياً منذ تأسيسه العام 1955 على يدي مديره الأول الحاج نايف عَزّام “أبو جمال”، حيث يبعد ثلاثة كيلومترات عن مدينة صور شرقاً، وعن الحدود مع فلسطين نحو 24 كلم، وفيه اربع مدارس ومركز صحي ومؤسسات خدماتية اخرى.

ويعتبر المخيم واحداً من ثلاثة مخيمات رئيسية في منطقة صور الى جانب الرشيدية والبص وعدد من التجمعات الفلسطينية غير الرسمية مثل المعشوق وجل البحر والقاسمية، شبريحا، البرغلية، الواسطة، العيتانية، أبو الاسود، كفربدة وجيم جيم. ويوصف بأنه من أفقر المخيمات حسب تصنيف “الاونروا” اخيراً، وهو معروف عنه بالاكتظاظ السكاني وبانتشار امراض الربو والضغط ومرض التلاسيميا الذي يهدد حياة اكثر من 140 شخصاً ولكنه في الوقت نفسه يعتبر الخزان الجماهيري للقوى الفلسطينية على اختلاف تلاوينها السياسية.