حزب الله”… نجاح في التعطيل وفشل في إدارة الدولة
لعل أخطر ما يرزح تحته الشعب اللبناني، هو جريمة الخطف السياسية الموصوفة، التي يتمادى في ارتكابها “حزب الله”، بالأصالة عن إيران وبالنيابة عن نفسه وحلفائه، وما لها من تداعيات سيادية واقتصادية وإنسانية مدمّرة.
ويبدو ان “حزب الله” يُزيَّن له، أن اللبنانيين جميعاً على طريق الإصابة بعوارض “متلازمة استوكهولم”، بعد تسللها الى جزء لا بأس به منهم، والتي تجعل من المخطوف يتعاطف مع خاطفه!
لعل توصيف “لبنان المخطوف”، الذي خلص اليه الصديق الدكتور حارث سليمان، في تحليله لواقع لبنان منذ سنوات، هو الأكثر تعبيراً عن واقع الحال، للدولة اللبنانية المتداعية في سجن الخاطف، والمعطّلة في كل مفاصل الحكم والادارة العامة، والمتحكّم بها من خارجها، فيما الحكم والحكومة يكشفان عن عقم وعجز وتسليم للخاطف من جهة، وادّعاء القدرة على الحكم عبر هامش صلاحيات، تتيح لأمين عام “حزب الله” أن يقول في احدى خطبه الاخيرة، ردّاً على مقولة أنه يحكم لبنان، “لو كنا نحكم لبنان لما كنا عاجزين عن اقالة قاضٍ”.
صحيح ان “حزب الله” ليس هو من يحكم لبنان، لكنه بالتأكيد هو المتحكّم أو الخاطف للدولة، والمعطّل لوظائف الحكم والادارة العامة، والقدرة على التحكّم والتعطيل هي الأشدّ خطرا من الحكم، لأنها تسرّع خطى الدولة نحو الانهيار والتلاشي، من دون أن يكون هناك أي مساءلة قانونية أو محاسبة.
لعبة التعطيل هي إعلان غير مباشر عن العقم في مقاربة إدارة شؤون الدولة المعقّدة، نتيجة ثقافة نشأ عليها “حزب الله”، لا ترى في شؤون الدولة أولوية أو مهمّة، تتقدّم في سلم أولويات السياسة والشأن العام، وهي وظيفة وطنية، لا ترقى اليها اي وظيفة سياسية أو جهادية أخرى، لأنها ترتبط بوجود الشعب ومستقبله وسبل حمايته، التي تتجاوز البعد الأمني إلى البعد السياسي والاجتماعي والحضاري.
التعطيل حرفة “حزب الله”، التي لم يتعلّم سواها بعد حرفة القتال وفنونه، وهي حرفة بدأ اعتمادها في 7 أيار، بعد محاولة تعطيل حكومة الرئيس فؤاد السنيورة بانسحاب الوزراء الشيعة، على خلفية إقرار المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي مهّد كل ذلك، بعد قضية وقف شبكة اتصالات الحزب، إلى اقتحام بيروت في 7 ايار 2008، ثم اتفاق الدوحة الذي رسّخ الترويكا المارونية – الشيعية – السنية.
والتعطيل الثاني، من دون إدراج عملية تشكيل الحكومات ولعبة الفيتوات المتبادلة والمعطّلة في تشكيلها في هذا السياق، هو التعطيل الرئاسي، الذي أدّى إلى انتخاب الرئيس ميشال عون بعد عامين ونصف من تعطيل الانتخابات، وكان “حزب الله” اليد المانعة ثم المانحة، وفي الحالتين كان التعطيل السلاح الأمضى، لتحقيق مبتغاه.
التعطيل الثالث، هو ما يعيشه لبنان اليوم، على مستوى منع انعقاد مجلس الوزراء، وهو التعطيل الذي يكاد “حزب الله” يبدو فيه أكثر انكشافاً، ففي ما سبقه، كان الحزب قادراً على أن يوفر حاضنة سياسية لقراره، لا يبدو انها متوافرة اليوم.
فانقسام اللبنانيين بين 8 و14 آذار لم يعد قائما، حاضنة انتخاب الرئيس الأكثر تمثيلاً، التي وجدت صدى في البيئة المسيحية تراجعت وتلاشت، هذه العناوين لم يعد لها مرادف سياسي، يتيح لـ”حزب الله” الاستناد إلى حاضنة لبنانية خارج بيئته الشيعية، بل يُلاحظ اليوم، ان القريبين من الحزب من حلفاء واصدقاء، باتوا لا يهلّلون لعلاقتهم به، عندما يقترن الأمر بتعطيل الحكومة، وبعضهم بات يميّز نفسه على هذا الصعيد أو يلوذ بالصمت.
التعطيل، يوفر مصادر قوة، لتحكم “حزب الله” بالدولة من دون بذل اي جهد حقيقي، للدخول في معترك الحكم وبناء الدولة، مكتفياً بتسيير مصالحه ومصالح اتباعه، مستفيداً من السطوة وليس حُسن الإدارة، بما يعزز تفشي الفساد وتفاقمه، وجعل “حزب الله” منتشياً بحجم ملفات الفساد التي قبض عليها، والتي وفرت له المزيد من فرص ابتزاز حلفائه وخصومه سياسياً.
في قناة “المنار” واذاعة “النور” وفي كل المنابر الاعلامية التي يوجهها، يُصور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على انه “الشيطان الرجيم” الذي سبّب الخراب، فيما يتساءل المواطن العادي من يحمي سلامة، ومن يوفر له هذه القدرة على البقاء في موقعه، طالما أن رئيس الجمهورية ضدّه، وكذلك “حزب الله”، ليتبين ان ما يبقي سلامة، ليس الاميركيون كما يردّد أنصار “حزب الله”، فيما هم يشيحون النظر عن “الأخ الكبير” للسيد نصرالله، في نصرة المقاومة واعلاء شأن الشيعة.
التعطيل هذه المرة، سينقلب حكما على “حزب الله”، وسيحمل بالنتيجة كل ما ارتكب حلفاؤه وخصومه من فساد وإفساد، وسيكون بفعل التحكّم والتعطيل، الشماعة التي سيعلق عليها حلفاؤه قبل خصومه، مسؤولية انهيار الدولة، .””.
“حزب الله” يدفع اللبنانيين دوماً لترداد مقولة..”لنا لبناننا ولكم لبنانكم”!