العلّية: تطبيق “الشراء العام” لا يقل صعوبة عن تشريعه
تاريخ 19/7/2021، صدر قانون الشراء العامّ الذي أقرّه مجلس النوّاب في 30/6/2021 وهو يُعدّ أحد أبرز القوانين الإصلاحية المُطالب بها دوليّاً، لا سيما في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. فخلال العقود الأخيرة، شكّلت صفقات الشّراء العام مدْخلاً أساسيّاً للفساد في لبنان بفعل انعدام المنافسة والنقص في الشفافية. وهذا ما ساهم في جعْل البلد في المرتبة 149 من بين 180 دولة، حسب درجة الفساد في القطاع العام، وفقاً لمؤشّر مُدركات الفساد للعام 2020. وكان النائبان ميشال موسى وياسين جابر قدّما اقتراح القانون الذي تمّ إقراره بتاريخ 6/11/2019 بناءً على تصوُّر المعهد المالي الاقتصادي الجديد لمنظومة الشّراء العام. ويقوم هذا التصوّر على إجراء الصّفقات بصورة لامركزيّة، فيما تتولّى هيئة مركزية تنظيمها وفق مبادئ عامّة موحّدة وإحكام الرقابة عليها.
لكن القانون لن يكون نافذاً، قبل تموز العام 2022 وفقاً لأحكام المادة 116 منه، على أن تكون المرحلة الفاصلة بمثابة فترة تحضيرية لتنفيذ القانون تتولى خلالها إدارة المناقصات تجهيز الكادر البشري والحاجات التقنية، كي تتولى هيئة الشراء العام بعد ذلك تنفيذ القانون. اذ يتم عقد ورش عمل ودورات تدريبية على القانون الجديد لموظفي الهيئات الشارية وإدارة المناقصات، كما يتم العمل على تحضير المراسيم التطبيقية والوثائق المعيارية وأهمها دفاتر الشروط النموذجية وكذلك وضع أدلة تطبيقية وارشادية، وذلك بالتنسيق والتعاون الكامل ما بين معهد باسل فليحان وإدارة المناقصات.
ولهذه الغاية، عقد أمس لقاء مشترك بين وزارة المال ومعهد باسل فليحان حيث يتبيّن أنّ الشراء العام الإلكتروني هو التحدي الأكبر الذي يواجه تطبيق القانون، ولذا يتمّ التحضير للمنصة الالكترونية التي “تلزم الجهات الشارية نشر المعلومات الاساسية المتعلقة بمراحل الشراء على هذه المنصة”، لتكون معظم المعلومات باستثناء الحالات السريّة التي ينصّ عليها القانون، علنيّة أسوة بتجارب ناجحة في العديد من الدول العربيّة التي اعتمدت الشراء الالكتروني المُلزم. وبحسب القانون فإنّ المنصّة هي “أساس لنظام إفصاح ورقابة فعليّة” وتسمح بالوصول إلى البيانات والمعلومات. ويتمّ التحضير لهذه المنصة بالاستفادة من نظام وضعه خبراء من الاتحاد الاوروبي على أن يتمّ تحديثه وتكييفه وفقاً لمقتضيات القانون.
ويرى رئيس إدارة المناقصات جان العلّية أنّ تطبيق القانون يشكل تحدياً صعباً، كي لا يكون الرقم 91 في سلسلة القوانين التي لا تطبق وبات عددها 90، مشيراً إلى أنّ المادة 115 من القانون تفرض تطبيقه بصرف النظر عن صدور المراسيم التطبيقية، اعتباراً من تموز 2022 حيث سيكون نافذاً وواجب التطبيق في حينه. وأكّد أنّ هيئة الشراء العام ستكون مستقلة تماماً في عملها وأقصى ما تستطيع السلطة التنفيذية القيام به هو إبعاد موظف لا أكثر، وبعد ذلك لا تستطيع أن تفعل شيئاً، ليختم بالقول إننا نريد هيئة ناظمة مستقلة وليس على شكل مكاتب استشارية لوزراء.
ويشير إلى أنّه “طالما أنّ القانون كما أقرّ وكما عدّله المجلس الدستوري ينصّ على أنه يتولى رئيس هيئة الشراء العام، مهام الهيئة إلى حين تعيينها، وأن القانون يصبح نافذاً اعتباراً من تموز 2022، فإنّ إدارة المناقصات ستكون ملتزمة بمقتضيات القانون لحظة بدء تطبيقه، فيما تشير تقديرات الخبراء إلى أنّه خلال ستة أشهر سنكون جاهزين للانطلاق الكترونياً لنشر الاعلانات والابلاغ والتواصل الالكتروني، ولكن لن نكون جاهزين للقيام بعمليات شراء الكتروني لأنّ ذلك يحتاج إلى تحضير أكبر للوزارات والادارات العامة وللعارضين لتعبئة الاستمارات وتقديم المستندات الكترونياً، وهذه النقطة مرتبطة بقانون التوقيع الالكتروني الذي أقرّ في العام 2018 ولم يُلحق بالأطر التطبيقية، وبالتالي، سنكون متأخرين بهذه النقطة بالذات الى حين، ليس فقط تدريب الجهات الشارية، ولكن إلى حين بلورة الإطار التطبيقي لقانون المراسلات الالكترونية وهو من ضمن القوانين الـ90 غير المطبّقة بعد. أما بقية الجوانب فسنلتزم تطبيقها. أما بالنسبة للاعتراضات، فهي مرتبطة بالسلطة التنفيذية لجهة تعيين مجلس الوزراء الهيئة، واذا لم يفعلها، سيبقى البتّ بالشكاوى وفق الوضع القائم حالياً بين ديوان المحاسبة ومجلس شورى الدولة الى حين تعيين هيئة الاعتراضات من جانب مجلس الوزراء”.
يضيف: “بالانتظار، لن نكون معنيين بتعيين الهيئة، سواء فعلها مجلس الوزراء في وقت قريب أم لا، وسأقوم بكل واجباتي الى حين قيام مجلس الوزراء بواجباته، ولكن سأكون في هذه الأثناء، بحكم القانون كما عدّله المجلس الدستوري، الهيئة ورئيسها في الوقت نفسه”.