غوتيريس: فرصة
على اهمية حضور المنظمة الدوليّة الأرفع في العالم، عبر أمينها العام في لبنان وما ينطوي على ذلك من دلالات أقلها التأكيد على ان لبنان ما زال مُدرجاً على خريطة الاهتمامات الدولية، الا انّها اصطدمت بجدار الإنسداد الداخلي السياسي والحكومي الذي يعطّل كل مسارات التفاهم الداخلي، ويعوق ايّ مسعى دولي داعم للبنان، ويرفض الاستجابة لدعوات المجتمع الدولي بوضع لبنان على سكة الإنقاذ.
لا حل سحرياً
وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ الخلاصة التي يمكن الخروج بها من مروحة المحادثات الواسعة التي أجراها غوتيريس مع القيادات السياسية والروحية في بيروت، انّه “كان مستمعاً في الجانب الأكبر من هذه المحادثات، ولا يحمل في جعبته حلّا سحريّا للأزمة في لبنان، بل انّ جلّ ما نقله كان وَصفة تشخّص مرضاً شديد الخطورة علاجه بيد اللبنانيين”.
وتفيد مصادر المعلومات بأنّه “كرّر امام مَن التقاهم مضمون رسالته التي استبق فيها زيارته الى لبنان، آملاً ان يتلقف القادة في لبنان الفرصة الجديدة التي تتيحها هذه الزيارة، بترجمة خطوات اصلاحية سريعة لا بد منها للخروج من الازمة. وأيّ تأخر في هذه الخطوات من شأنه أن يُفاقم الوضع الصعب في لبنان ويزيد من معاناة الشعب اللبناني، ولعلّ اولى الخطوات في هذا الاتجاه تتجلى في استئناف العمل الحكومي، والسماح للحكومة في القيام بمهامها وتنفيذ ما هو مُلقى عليها من مسؤوليات وواجبات على هذا الصعيد”.
وتشير مصادر المعلومات الى أنّ في طيّات كلام غوتيريس خشية على الانتخابات النيابية، حيث شدّد أكثر من مرّة على إنجازها من دون اي مداخلات وبكل حيادية ونزاهة، وعدم وضع ايّ معوقات في طريق إتمامها في مواعيدها، مكرراً وصف هذا الاستحقاق بالمهم جداً بالنسبة الى لبنان، بوصفه الفرصة التي يعبر فيها الشعب اللبناني عن تطلعاته في الخروج من الازمة.
وضع لبنان محزن
وفي هذا السياق، أبلغت مصادر الوفد المرافق لغوتيريس الى “الجمهورية” قولها: لقد عاينّا في لبنان وضعاً صعباً للغاية، ولمسنا معاناة قاسية للشعب اللبناني تبعث على الحزن، ولا تحتمل ان يتخلّف المسؤولون في لبنان أكثر عن مقاربتها بعلاجات فوريّة تخفّف من وطأتها، والتقارير تفيد بأرقام مخيفة لحجم الفقر الذي سببته الأزمة في لبنان. ولقد أكد الأمين العام انّ الحل لأزمة لبنان منطلقه لبناني، وعلى المسؤولين في لبنان أن يوفوا بالتزاماتهم ويتحمّلوا مسؤولياتهم ويتعاونوا فيما بينهم لإنقاذ بلدهم، والمجتمع الدولي يريد أن يرى مبادرات عاجلة في هذا الإتجاه، والّا فإن كل تأخير سيجعل الامور اقسى وربما ميؤوساً منها.
واشارت المصادر الى ان الامين العام كان شديد التأثر حينما شاهد حجم الدمار الذي خلّفه الانفجار في مرفأ بيروت، مبدياً التعاطف مع ذوي الضحايا، وقد اكد لكل المسؤولين الدعم الكامل للتحقيق توصّلاً لإظهار الحقيقة ومعاقبة الفاعلين، وضد اي مداخلات او مؤثرات تَحرف التحقيق عن مساره.
وردا على سؤال قالت المصادر: لبنان بلا شك في حاجة ماسة الى مساعدات دولية، وهي مرهونة بإصلاحات عاجلة تجريها الحكومة اللبنانية، وفي المحادثات مع المسؤولين اللبنانيين أكّدنا على ان تُزال كل العقبات من امام اجتماع الحكومة.
وردا على سؤال آخر قالت المصادر: المجتمع الدولي على تضامن تام مع الشعب اللبناني، ولا يريد ان يرى لبنان دولة فاشلة، والفرصة ما زالت قائمة في ان ينتقل المسؤولون في لبنان بالازمة في بلدهم الى حيّز الانفراج.
جولة غوتيريس
وكان غوتيريس قد واصل لقاءاته امس، مجدداً تمسّكه بضرورة الاقلاع عن الخلافات السياسية واجراء الانتخابات النيابية واستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، معرباً عن استعداده للمساعدة في إحياء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية.
وشملت جولته زيارة الى مرفأ بيروت حيث وقف دقيقة صمت على أرواح شهداء الانفجار. وجال في ارجائه للاطلاع على الاضرار التي لحقت به جرّاء انفجار 4 آب. واختتمها بوضع اكليل من الزهر على النصب التذكاري لشهداء انفجار المرفأ. كذلك التقى القادة الروحيين، وزار مقر رئاسة المجلس النيابي في عين التينة والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعتبر في مؤتمر صحافي مشترك معه انّ “اسرائيل لم تنفذ القرارين اللذين يتكلمان عن وقف الانتهاكات الحربية وهي لا تريد دوراً للامم المتحدة في أي مهمة تتعلق بالجنوب اللبناني لا سيما في موضوع الحدود البحرية، علماً ان هذا الموضوع تكلمنا فيه ونريده برعاية الامم المتحدة وبمشاركة الاميركيين، ومعروف أنّ الشركات التي تم تلزيمها تؤخّر الموضوع بسبب حجج أمنية وحتى الآن لا يزال هناك مماطلة في هذا الموضوع ما يؤثر في الاقتصاد”.
اما غوتيريس فقال: “نعمل كل ما بوسعنا من أجل تسهيل المفاوضات والوصول إلى حلّ من أجل ترسيم الحدود البحرية للاستفادة من نفطهم”.
وقالت اوساط عين التينة لـ”الجمهورية” ان اللقاء مع غوتيريس كان مريحا وممتازا، ودامَ 35 دقيقة، من اصلها خلوة بينه وبين بري استمرت 25 دقيقة”.
ومن عين التينة انتقل غوتيريس والوفد المرافق الى السرايا الحكومية حيث التقى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي جدد “تأكيد التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن اي خلاف بين الدول العربية، كما كان قراره عام 2011 عند صدور البيان الرئاسي خلال عضويته في مجلس الامن. ولن يكون لبنان، في مطلق الاحوال، الا عامل توحيد بين الاخوة العرب، وحريصاً على افضل العلاقات مع كل أصدقائه في العالم”.
اما غوتيريس فقال: “سمعتُ من ميقاتي التزام الحكومة بأن تجري المفاوضات مع صندوق النقد والتزامها بإجراء عدد من الإصلاحات الإدارية والمالية اللازمة لكي يتمكن لبنان من الاستفادة من الإمكانات المتاحة في ظل الدعم الدولي المتاح اليوم، ممّا يضمن البدء بتحقيق نوع من التعافي”.