كسب ميقاتي ولكنّه خسر مجلس الوزراء!

كسب ميقاتي ولكنّه خسر مجلس الوزراء!

الكاتب: روزانا بومنصف | المصدر: النهار
22 كانون الأول 2021

أثنى سياسيون كثر في اتصالات هاتفية مباشرة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو في مجالسهم الخاصة، على رفضه الصفقة التي عرضها عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري في ظل علامة استفهام كبيرة حول التحوّل في موقف رئيس المجلس الذي كان سينقض ما ذهب إليه هو نفسه في مجلس النواب من تعديلات على قانون الانتخاب، بما في ذلك كيفية احتساب التصويت في المجلس كانت الصفقة مع رئيس الجمهورية وتيّاره ستطيحها عبر الأبواب التي يفتحها قبول الطعن العوني أمام المجلس الدستوري.

 

التصفيق لموقف ميقاتي أتى على خلفية أن رفضه للمقايضة، وهي في المناسبة مقايضة تنصّل منها القائمون بها ما يعني أن هناك ما يوجب هذا التنصّل فعلاً نظراً الى مدى الإحراج الذي تتسبّب به وأنها غير مقبولة وإن كانت ستتيح انعقاد مجلس الوزراء، أو بيع ذلك للناس على أنه هديّة لهم في الأعياد، هي مكسب للبلد لأن هذه المقايضة تسهم أكثر في تدميره، لا بل تسهم في تدمير الانتخابات والقضاء وسمعة لبنان في الخارج أكثر فأكثر.

 

لن يستطيع ميقاتي الذي حصل على صدقية ديبلوماسية خارجية أتاحت له مراكمة رأسمال معيّن كان يطمح إليه ولاحت له بوادر انفتاح خليجي محتمل، أن يترك انطباعاً بأنه خضع لا لتسوية بين الثنائي الشيعي والفريق العوني فحسب بل أكثر لتسوية كسب منها الطرفان المعنيّان ولا سيما الحزب وجبران باسيل، بما يعنيه اسم الأخير من حساسية فائقة وعدائية إزاءه. المتغيّر في هذه الحسابات والأكثر غرابة في رأي بعض المصادر السياسية، كان موقف الرئيس نبيه بري بمعدّل انقلب فيه ١٨٠ درجة، فيما خلف تسجيل المغتربين من حيث أعدادهم وتوزعهم مخاوف كبيرة لا يمكن تجاوزها في انتظار أن تظهر القطبة المخفيّة على هذا الصعيد في الوقت المناسب. (هل كان الضغط من جانب “حزب الله” قوياً الى هذا الحد أم هي التحالفات المقبلة ولا سيما في الانتخابات النيابية يسأل البعض على سبيل عدم إخفاء الاستغراب وإعطاء أسباب تخفيفية لبرّي).

 

كان معروفاً منذ اليوم الأول أن المخرج لوقف عمل قاضي التحقيق في انفجار المرفأ طارق البيطار هدفه سياسي وليس قضائياً، بمعنى تمييع التحقيق ومنع المحاكمة في الواقع. وحين قام البطريرك الماروني بشارة الراعي بمبادرته التي تفضي الى عودة مجلس الوزراء الى الاجتماع في مقابل حصر محاكمة الوزراء والنواب بالمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والنواب، لم ينجُ من انتقادات واتهامات قاسية وحتى تخوينية، فيما عطل رئيس الجمهورية لرغبته في الحصول على ثمن في المقابل يبدو أنه أتيح له عبر صفقة أكثر من يربح فيها “حزب الله” لجهة إطاحة البيطار ومجموعة من القضاة نتيجة انتقاداته الأخيرة للقضاء، بالإضافة الى تعطيل تصويت المغتربين، من دون أن يعني خسارة بري الذي عينه على الانتخابات أيضاً، أو خسارة رئيس الجمهورية وفريقه.​