من غوتيريس الى ماكرون… هذا ما ينتظره اللبنانيون د. جورج صدقه

من غوتيريس الى ماكرون… هذا ما ينتظره اللبنانيون د. جورج صدقه

24 كانون الأول 2021

 

لم يُعلّق اللبنانيون آمالا على زيارة الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس لبنان. جاء، زار، صرّح، واعتبر في النهاية ان حلّ المشكلة هي في أيدي اللبنانيين أنفسهم. انها عودة الى أسطوانة قديمة حين كانت الدول تريد أن تغسل يديها من الأزمة اللبنانية.

لم يُصب اللبنانيون بأي خيبة من هذه الزيارة اذ انهم في الأساس لم ينتظروا شيئا منها، وان كانت تصريحاته في بعض منها حملت توبيخاً للمسؤولين اللبنانيين كقوله في بعبدا: «أنا أحثّ القادة اللبنانيين على أن يستحقوا شعبهم (…). لا يملك القادة السياسيون في لبنان، عند مشاهدة معاناة الشعب اللبناني، الحق في الانقسام وشلّ البلد». وأمل بدوره بأن تحمل الانتخابات المقبلة التغيير المطلوب.

نعرف كلنا أن خطاب غوتيريس هو من باب التمنّيات وأن كلامه لا قيمة عمليّة له على أرض الواقع السياسي اذ لا ترجمة له في أي مكان. وجلّ ما يمكن أن يقوم به أمين عام الأمم المتحدة هو تقديم بعض المساعدات الإنسانية، يذهب الجزء الأكبر منها الى اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين أكثر منها الى اللبنانيين الذين باتوا في حال تعاسة لا تقلّ عن ضيوفهم.

ما يزعج اللبنانيين هي هذه الخطابات التي لا تقدّم شيئا، هي هذه النصائح الخبيثة المبطّنة في وقت بات العالم يعرف أن المنظومة السياسية في لبنان نهبت ثروات البلد وثروات الشعب وتتمسّك بالسلطة، فيما يتحاشى الجميع اتخاذ تدابير ضد هذه المنظومة، رغم ان الشعب اللبناني قال كلمته في انتفاضة 2019 طوال أشهر بقي خلالها في الشارع وتعرّض لكل أنواع القمع والتهديد والاستدعاءات وإطلاق النار على عيون الناشطين منه.

بات العالم بأجمعه يعرف مأساة الشعب اللبناني المتجسّدة في طبقة سياسية فاشلة وفاسدة ومرتهنة. بات وضع لبنان يُدرّس في الجامعات والمدارس كنموذج عن فشل الدولة، وكنموذج كيف يمكن لمسؤولين سياسيين ان يقودوا شعبهم الى الجوع والذلّ والهجرة. كنّا في الماضي ندرّس في الجامعات النموذج الشيوعي، السوفياتي تحديدا، كيف أنه سقط لأنه فشل في تأمين الأمن الغذائي لشعوبه بسبب فشل آليات النظام السياسي الاقتصادي القائم. فجاء النموذج اللبناني كمثال على افلاس الدولة وتجويع الشعب في بلد مزدهر من خلال السرقة والفساد وانعدام المحاسبة وسقوط القضاء بيد السياسيين.
لكن إذا كان هناك من خيبة عند الشعب اللبناني فهي من الرئيس الفرنسي فرنسوا ماكرون بعد الآمال الكبيرة التي علقوها على حركته السياسية في زيارتين متتاليتين للبنان والثالثة الى العربية السعودية قبل أيام.

في زيارته الأولى بعد انفجار المرفأ أطلق وعودا كبيرة ونزل الى الشارع لتخفيف وقع المأساة على اللبنانيين الذين استقبلوه كبطل بديلاً من قادتهم السياسيين الذين لم يجرؤ أي واحد منهم على النزول لملاقاة الناس المفجوعين وتفقّد الاضرار ومواساتهم. كانت تصريحات الرئيس الفرنسي حينها متقدمة وواعدة. فقد طالب المسؤولين بإجراء إصلاحات سريعة، وهدّد بتجميد أموالهم في بنوك فرنسا إذا عاد في أيلول ولم يبدأوا في عملية الإصلاحات. «أنتظر من السلطات اللبنانية أجوبة واضحة حول تعهداتها بالنسبة لدولة القانون والشفافية والحرّية والديموقراطية والإصلاحات الضرورية وإلا فسيتحمّلون مسؤولياتهم». كما دعا من بيروت إلى تحرك دولي عاجل لمساعدة المتضررين وطالب بإجراء «تحقيق دولي مفتوح وشفاف» لكشف مسبّبات الانفجار.