إحذروا الإفراط بالوعود الفارغة والخطابات السياسية المُعَسلة . . . الحقيقة مؤلمة!

إحذروا الإفراط بالوعود الفارغة والخطابات السياسية المُعَسلة . . . الحقيقة مؤلمة!

الكاتب: الكاتب محمد فحيلي،
26 كانون الأول 2021

‏مازال لبنان يتخبط بالعناوين العريضة فيما يخص إنطلاقة التفاوض مع ‎صندوق النقد الدولي. وبغض النظر عن ما يتم التداول به على المنصات الإخبارية و وسائل التواصل الإجتماعي، وإستثمار اللقاءات الدبلوماسية لإعطائها صفة المفاوضات، ما يُركز عليه صندوق النقد الدولي خلال المفاوضات هو أمرين أساسين:
١. التأكيد على عدم تكرار هذه الأزمة التي وقع فيها ‎لبنان. فإذا كان ‎الفساد و ‎الهدر وفقدان ‎الحوكمة في إدارة البلاد هي الأسباب وراء هذه الأزمة، فالتركيز في المفاوضات سوف يكون على إقرار وتنفيذ الإصلاحات ذات الصلة.
‏٢. إذا كان الحل يتطلب تقديم تسهيلات (ديون) إلى لبنان، فيجب تعزيز قدرة البلد على سداد ديونه ولهذا يتم تركيز صندوق النقد الدولي على:
– تعزيز إيرادات الدولة (‎الضرائب)
– و ترشيد الإنفاق (‎التقشف)
ويتوجب على الفريق اللبناني المفاوض الإجابة على هذه الأسئلة بمصداقية ومسؤولية وليس بالوعود الفارغة.
أما للإستهلاك الإعلامي وتسجيل نقاط في السياسة، يتم إعتماد أسلوب الترغيب والترهيب إتجاه هذه المفاوضات، وإقحام موضوع تحديد الخسائر كالشرط الأول لإنطلاقة هذه المفاوضات. ويذهب البعض إلى تظهير هذه المفاوضات وكأن للبنان خيار في ذلك وبإستطاعته النهوض من أزمته من دون اللجوء إلى الصندوق. أهم ما يستطيع صندوق النقد الدولي تقديمه إلى لبنان، ولا جهة أخرى قادرة على ذلك، هو إبراء ذمة لبنان وتأكيد الجدية والمصداقية بالمباشرة في إصلاح ما أفسد الإقتصاد الوطني. هذا الأمر يعطي الدول المانحة الضمانات الضرورية والمطلوب لفتح أبواب المساعدة رسميا؛ وفقط بعد مباركة صندوق النقد الدولي يستطيع لبنان العودة إلى الأسواق المالية العالمية.

وفي المقلب الآخر وأيضاً للإستهلام السياسي إحتدم الحديث في الآونة الأخيرة عن إهتمام الطبقة السياسية بالحفاظ على اموال المودعين، والإفراط في هذا الإهتمام حال دون إقرار قانون الكابيتال كونترول. والكل بات يعلم بأن ‏الهدف من هذا القانون هو وقف النزيف في القطاع المالي ولا يستهدف حماية المودع، ولكن يعرف إلى وقف هجرة ‎الودائع ورأس المال إلى خارج القطاع سواء هذه الهجرة إنتهت في الخزنات الحديدية في المنازل والشركات او خارج ‎لبنان.
وبهذا يكون الهدف من وراء هذا القانون هو إبقاء الودائع بالعملة الأجنبية في مكانها في محاولة للحفاظ على دورها في الإقتصاد.
‏لبنان كان بحاجة ماسة إلى قانون الكابيتال كونترول لضبط هجرة رأس المال في منتصف ال ٢٠١٩ وحتى قبل ذلك، أما اليوم إنتفت الحاجة لهذا القانون وكل ما نحن بحاجة إليه هو قانون لإبراء ذمة المصارف التجارية العاملة في لبنان من كل الإرتكابات الغير قانونية منذ أواخر ال ٢٠١٩ وحتى اليوم كشرط جد أساسي لإعادة هيكلة ‎القطاع المصرفي.
‏إعادة هيكلة القطاع المصرفي تتطلب:
١. ضخ رأس مال جديد من الخارج
٢. دمج
٣. إستحواذ
ومن المستحيل أن يتم هذا في ظل وجود ‎دعاوى قضائية ضد المصارف يصعب تحديد قيمتها وتأثيرها. إبراء ذمة ‎المصارف هو كلام يفتقد للشعبوية والعدالة، لكنه ضرورة إقتصادية للخروج من الأزمة التي سببها الفاسد والفاشل بالسلطة في ‎لبنان.‏ ‏‎الهدف هو المؤسسات المصرفية وليس أصحاب المصارف والمدراء التنفيذيين. يجب محاسبة من أخطأ، ولكن يجب أن لا يأتي هذا الشيء على حساب المؤسسات، وهذا ما يحصل اليوم. إصلاح القطاع المصرفي يستهدف إبعاد العناصر الفاسدة عن هذا القطاع الحيوي وتحسين قدراته على العودة لخدمة الإقتصاد في لبنان.