حلّاق متجوّل في طرابلس: القصة بـ 3000 ليرة والحلاقة بألفين
مضي الشاب زين العابدين الخالدي يومياته يجول في شوارع طرابلس وأحيائها، فيتوقف في الساحات والحدائق وينادي على الزبائن “حلاق حلاق… والحلاقة بـ 3000 ليرة”. يحمل حقيبته السوداء وتحوي العدّة من مقصات وماكينات وشفر وخلافه، وغالباً ما يستقر أمام أبواب المدارس عند خروج التلامذة وعندها تكون لحظة الزحمة إذا ما وجد أكثر من تلميذ يريدون الحلاقة في نفس الوقت.
زين العابدين الخالدي هو شاب من بلدة مشمش العكارية، من سكان مدينة طرابلس، متزوج وله أولاد، ويعمل حلاقاً متجولاً، ويحب أن يسمي نفسه “أبو الزوز حلاق الشوارع”. كلفة الحلاقة لديه بـ 3000 ليرة وأما الذقن فبألفين، ولكل زبون عنده حكايات يرويها له عندما يكون ممسكاً برأسه، وأغنية واحدة لا تتغير “يا حلاق عملي غرة”.
التقينا أبو الزوز وهو يحلق لأحد الزبائن في ساحة المنشية في التل – طرابلس ويتحلق حوله الشباب، يقول: “أنا حلاق منذ مدة طويلة وحكواتي رمضان في المقاهي الشعبية الطرابلسية، وأحلق للناس بأقل أجر وأعرف هذا ولكنني بهذا الشكل أستطيع أن أعيش وأؤمن للفقراء حلاقتهم بأقل الأجور سيما وأن معظم زبائني فقراء. أحياناً أسير على قدمي وأحياناً اركب دراجتي، وأحلق لكل من أجدهم في الشارع، وأحياناً يتصل بي بعض الزبائن ونتواعد في مكان معين من أجل القصة. وإذا كان الطقس ماطراً نلجأ إلى أي مكان مسقوف لنتدارى به ونكمل عملنا”.
الإبتسامة لا تفارقه، ولا يبخل على من يريد من الشباب أن يلتقط معه الصور في الشارع بعد كل قصة. ويتمنى أبو الزوز لو يصبح لديه محل خاص وصالون حلاقة رجالي مثله مثل باقي الحلاقين في مدينة طرابلس، ولكن لا قدرة لديه على ذلك. انما في كل الأحوال هو مقتنع بعمله ومرتاح لما يقوم به وزبائنه مسرورون من أدائه وطريقة عمله.
فرضت الأزمة الإقتصادية نفسها على اللبنانيين في كل شيء، حتى في الحلاقة وقد باتت صعبة بكلفتها على الكثيرين. وفي وقت وصلت فيه كلفة الحلاقة الرجالية وقصة الرجل إلى 30 ألف ليرة، ولا يجد كثيرون هذه الكلفة حتى يقصوا شعرهم، يظهر أبو الزوز كحل سريع للزبائن الفقراء في طرابلس، يقص لهم شعرهم بأقل الأكلاف، بمبلغ 3000 ليرة لبنانية ولا يزال مبلغاً صغيراً جداً يستطيع الجميع تسديده.