مرحلة ما بعد سقوط الصفقة تُهدّد الانتخابات النيابيّة؟

مرحلة ما بعد سقوط الصفقة تُهدّد الانتخابات النيابيّة؟

الكاتب: روزانا بومنصف | المصدر: النهار
27 كانون الأول 2021

إذا كان للمواقف غير السياسيّة أيّ دلالات، لاسيّما بعد فشل الصفقة التي كان يُفترض أن تفرج عن إعادة انعقاد مجلس الوزراء لحكومة الرئيس نجيب #ميقاتي، فإنّ موقفين لافتين برزا قبيل عطلة الأعياد. أحدهما للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي، الذي قال في رسالة الميلاد: “أنّ أهل السلطة غارقون في التشاطر في كيفية تأجيل الانتخابات”. وهو موقف معبّر على أثر انكشاف صفقة تبادل قبول المجلس الدستوريّ الطعن في تعديلات قانون الانتخابات، وإلغاء اقتراع المغتربين للنواب الـ128، في مقابل تعيينات قضائيّة تحاصصيّة، يفترض أن تنهي عمل المحقّق العدليّ في انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، كانت لتؤدّي عملانيّاً إلى كارثة على مستويات عدّة، لو لم يوقفها رفض من رئيس #الحكومة نجيب ميقاتي، والبعض يقول تراجعه عنها لاعتبارات لم تتّضح في رأيهم، في ظلّ اتّهامات له بأنّه كان مشاركاً فيها، وتناسبه في موضوع إعادة انعقاد مجلس الوزراء، وتعيين قاض سنّيّ يختاره هو. لكن لا دليلَ مقنعاً بالنسبة إلى هذه النقطة الأخيرة، فيما أنّ إشارة البطريرك الراعي إلى “أهل السلطة” الساعين الى “تأجيل الانتخابات”، إنّما يكشف المأزق الذي بات عليه هؤلاء بعد فشل هذه الصفقة. إذ أن “لا قرار” المجلس الدستوريّ بالطعن الذي قدّمه التكتّل النيابي الموالي لرئيس الجمهورية سيمهّد لمرحلة جديدة، أو الخطّة “ب” التي ربّما تؤدّي الى تأجيل الانتخابات، على خلفيّة تلاقي معطيات ومعلومات أنّ اقتراع المغتربين سيوجّه على الأرجح ضربة قاصمة لـ”التيّار الوطنيّ الحرّ”، ما يفقده غالبيّته المسيحيّة من جهة، ولكن يفقد “#حزب الله” أيضاً أكثريّته النيابيّة وغطاءه المسيحيّ الذي يستعيض به عن غياب الإجماع السياسيّ والشعبيّ حوله.

 

وكان لافتاً أنّ رئيس الجمهورية، وفي أثناء الاجتماع الأخير لمجلس الدفاع الأعلى، الذي دعا اليه بعد موقف المجلس الدستوري، وتعبيراً عن الانزعاج من رئيس الحكومة الذي لعب دوراً أساسيّاً في إجهاض الصفقة، أثار نقطة مهمّة كان ذكرها سابقاً. إذ لفت خلال الاجتماع “إلى ضرورة متابعة عمل بعض الجمعيات الأهلية، لاسيّما بعد توافر معلومات عن تمويل خارجيّ لها للقيام بأنشطة سياسية في مرحلة الانتخابات النيابية المقبلة، خلافاً للأهداف التي أنشئت من أجلها، وهي أهداف اجتماعية وإنسانية ” كما قال. ويلاقي هذا الموقف الاتهامات التي يسوقها “حزب الله” ضدّ تنظيمات المجتمع المدني التي تعتزم خوض الانتخابات النيابية بعد تشجيعها من دول عدّة، على أثر انتفاضة 17 تشرين الاول 2019، بالسعي الى خوض الانتخابات لإجراء التغيير بالسبل الديموقرطية وليس في الشارع.

 

“حزب الله” عمد فوراً بعد انطلاق هذه الانتفاضة، وعلى لسان أمينه العام السيّد حسن نصرلله، الى توجيه الاتهامات الى السفارات بتحريك الشارع المطالب بتغيير كلّ الطبقة السياسية. موقف رئيس الجمهورية يثير تساؤلات إذا كان يدفع في اتّجاه اتّخاذ إجراءات قبل الانتخابات لردع هذه التنظيمات عن خوضها، علماً أنّ تساؤلات أخرى تبرز ما إذا كانت هذه الخطوة هي للمساومة مع الخارج أو ذريعة لتأجيل الانتخابات أو تطييرها نتيجة وضع انتخابي وسياسي صعب جدّاً بات عليه تيّاره، وما إذا كانت أيّ خطوة ضدّ تنظيمات المجتمع المدني يمكن أن تمرّ من دون ردّ فعل خارجيّ. فوجه الغرابة أنّ الأحزاب نفسها تتلقّى مساهمات من داعمين في الداخل والخارج من أجل تمويلها وعلى رأسها “حزب الله” الذي يجاهر بأموال داعمة له من إيران لا تقتصر على السلاح فحسب.​