باسيل يكابر في خياراته
قبل موعد الانتخابات المقرر في منتصف أيار المقبل، تستنهض القوى السياسية قواها وتشحذ الهمم من خلال بثّ الخطاب الذي من شأنه زيادة حصصها النيابية أو على الأقل الحد من الخسائر المحتملة. وإذا كان العام الفائت أقفل على دعوة الرئيس ميشال عون للحوار ومناقشة 3 قضايا أبرزها اللامركزية الادارية والمالية الموسعة. فماذا يمكن للنائب جبران باسيل أن يفعل؟
لا تزال دعوة الرئيس عون لمناقشة اللامركزية الإدارية والمالية الموسغة تتفاعل وإن كانت عطلة الأعياد قد حجبت النقاش في الأمر عدا عن توجيهات واضحة لـ”#حزب الله” و”أمل” بعدم الدخول في سجال مع رئيس الجمهورية وإمرار فترة الاعياد بأقل قدر من المناكفات السياسية .
بيد أنّ طرح اللامركزية الموسعة لا يلقى الصدى الإيجابي لدى الحزب والحركة لا سيما أنّ ذلك الطرح كثيراً ما ينعش آمال المطالبين بالفيديرالية، وأنّه في عزّ الانقسام اللبناني كان الرئيس الراحل إلياس سركيس، على سبيل الذكر لا الحصر، يرفض اللامركزية المالية نظراً لما تلك الخطوة من تداعيات سلبية، إضافة إلى أنّ اتفاق الطائف لم يأتِ على ذكر اللامركزية المالية وإنّما تحدّث عن اللامركزية الادارية.
” التيار والحزب: زواج ماروني”
لم يكن توقيع وثيقة التفاهم قي 6 شباط 2006 بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” في كنيسة مارمخايل سوى خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين الأحزاب اللبنانية وخصوصاً بين القوى المسيحية الأساسية والقوى الاسلامية.
وإذا كانت الوثيقة قد صمدت نحو15 عاماً مع تسليم طرفيها بضرورة تطويرها نظراً للمتغيرات التي عصفت بالبلاد، فإنّ الشكوك بشأن استمرارها لا يبارح الخطاب السياسي اليومي.
فالتيار البرتقالي بحاجة لشد العصب الشعبي ولا سيما المسيحي وبعض جمهوره لا يتقبّل الاستمرار في التحالف مع الحزب الأقوى في البلاد من دون إعادة النظر في بنود الوثيقة، وليس خافياً أنّ طرفي التفاهم قد اختلفا بشكل واضح بشأن قانون العفو العام وتجرَّع “حزب الله” كأس عدم إقراره على الرغم من وعد أمينه العام السيد حسن نصر الله جمهوره بإقراره قبل 4 سنوات.
لكن الخلاف الجدي بين الطرفين يكمن في تخيير التيار البرتقالي للحزب بالانحياز إليه في مواجهة الرئيس نبيه بري، وهذا أمر لا يمكن أن يُقدم عليه الحزب لاعتبارات كثيرة.
هذه النقطة ليست تفصيلاً وهي تشكل بيت القصيد، وباسيل كرّر في أكثر من مناسبة أنّ وثيقة التفاهم اخفقت في بناء الدولة وحمّل “حزب الله” المسؤولية.
وفي مفهوم باسيل لبناء الدولة أنّه على “حزب الله” أن يقول بصراحة أنّ بري جزء من الطبقة الفاسدة التي اغرقت البلاد في ازمتها الراهنة.
أمّا الخلاف المستجد، فهو الدعوة إلى اللامركزية الموسعة وإن كان الحزب يرفض الخطوة بما لا لها من تداعيات، فإنّ أوساطه تذكر أنّ رئيس حزب “القوات اللبنانية” كان قد عرض المقايضة بين اللامركزية الموسعة والمؤتمر التأسيسي، وتوجه بحزم في أيلول عام 2020 الى دعاة الطرح أو المروجين له بالقول إنّهم مخطئون في الكلام عن مؤتمر تأسيسي والتهويل به، على طريقة أنهم الأقوياء ونحن الضعفاء. وتابع: “إذا كان لا بد من مؤتمر تأسيسي فإنّنا من سيضع البندين الأول والثاني على قائمة البنود: اللامركزيّة الموسعة والحياد؛ مع الاشارة الى أن هناك تصوراً كاملاً لدى القوات حول كيفية تطبيق اللامركزية الموسعة (…)”.
أمّا بالعودة للتحالف بين طرفي وثيقة التفاهم، فإنّ التيار بحاجة لأصوات جمهور المقاومة في أكثر من دائرة ولا سيما في بعبدا وزحلة وجزين وبيروت الثانية وحتى في المتن وكسروان وجبيل والكورة.
وعليه، فإنّ خطاب المصارحة الذي سيقدّمه باسيل الأحد لن يصل إلى حد التصويب على “حزب الله” وإنّما سيكون أقرب إلى “مصارحة بصوت مرتفع بين الاصدقاء”، مع الإشارة إلى أنّ معلومات كشفت لـ”النهار” أنّ باسيل أرسل إلى الحزب تلميحات مباشرة بأنّ كلمته ستكون تصعيدية وما إطلالات بعض الاعلاميين المقربين منه سوى “استطلاع بالنار” لسبر أصداء المواقف المرتقبة.