خاص _ بيروت الأولى: التّيار  إلى انحسار ورياح القوات قد تعاكس الأمنيات ومصير قوى الثّورة بين يديها.

خاص _ بيروت الأولى: التّيار  إلى انحسار ورياح القوات قد تعاكس الأمنيات ومصير قوى الثّورة بين يديها.

الكاتب: حورج العلية | المصدر: Beirut 24
17 كانون الثاني 2022

معركة بيروت الأولى  ليست كباقي المعارك. لهذه الدّائرة طعمها ورونقها الخاص. هنا قد تتحطّم الآمال وتُرسَم معالم جديدة للبنان جديد فيما رياح التّغيير تداعب بيوتها المدمّرة وشوارعها الفارغة وسكانها المنكوبين.  

تتميّز دائرة بيروت الأولى (الأشرفية – الرميل – المدوّر – الصيفي) بتنوّعها  المذهبيّ، الطّائفي والسياسيّ مع وجود خليط حزبيّ ومدنيّ ومستقلّ قلّ نظيره في غيرها من الدّوائر. ولانتخابات ٢٠٢٢   رمزيّة خاصة في هذه الدّائرة،  كيف لا وهي التي ضربها ثالث أكبر انفجار في التّاريخ الحديث ما خلّف دمارًا هائلًا وأسقط الآلاف بين قتيل وجريح وشرّد أهلها في حين يراوح التّحقيق مكانه في ظلِّ التّجاذبات التي تتقاذفه.

في هذه الدّائرة ثمانية مقاعد: ماروني ١ كاثوليكي ١ روم أرثوذوكس ١ أقليّات ١ أرمن أرثوذوكس ٣ أرمن كاثوليك ١ .

في دورة  ٢٠١٨ كان عدد النّاخبين  ١٣٧٧٣٣  اقترع منهم ٤٣٦٦٦ أي بنسبة ٣٣ % وتعتبر هذه النّسبة الأضعف مقارنة بمختلف الدّوائر.

كيف يبدو المشهد البيروتي على بعد أشهر من الانتخابات ولمن سيعطي النّاخب صوته؟

في بيروت الأولى قوّتان حزبيّتان رئيسيّتان القوات اللّبنانيّة والتّيار الوطنيّ الحرّ أضِف إليهما الكتائب والطّاشناق والمستقلّين وقوى المجتمع المدني التي فرضت نفسها بقوّة على هذه الدّائرة في الدّورة السّابقة وباتت بعد ثورة ١٧ تشرين  لاعبًا أساسيًّا يعتدّ به ويعتمد نجاحه في قلب النّتائج على عوامل عديدة لعلّ أبرزها زيادة نسبة المقترعين المحليين ونسبة اقتراع المغتربين ودخول المعركة بلائحة موحّدة. 

المعركة في بيروت الأولى حامية الوطيس. فكيف ستتعامل الأحزاب والقوى معها وعلى أي أسس ستخوضها وما هي أحجامها وكيف ستكون تحالفاتها؟

التّيار الوطنيّ الحرّ 

يدخل التّيار المعركة متأثرًا بجراح عميقة أصابته في الصّميم منها سمعته المشوّهة بعد ١٧ تشرين وفشل العهد القوي في تحقيق أي إنجازات لا بل وأنّ الكثيرين يعتبرونه المسؤول المباشر لما ألمّ بهم من ويلات. وما زاد الطّين بِلَة انفجار المرفإ الذي أربك التّيار فوقف عاجزًا حتّى عن مدّ يد العون لأهالي العاصمة وبلسمة جراحهم. أضف الى هذه العوامل وفاة حليف التّيار الرّئيسيّ مسعود الأشقر وتَشَتُّت أصوات مؤيّديه  ما عمَّق جراح التّيار أكثر فأكثر. 

وما زاد من وضع التّيار تعقيدًا معاناته  المتجلّية  بفقدان شهيّة الشّخصيّات المستقلّة الوازنة للتحالف معه. ولاكتمال عناصر المشهد يبقى علينا أن نرى موقف الطّاشناق الحليف التّقليدي في ظلّ معلومات كانت تشير الى اتجاه داخل الحزب الأرمني ذات الشّعبيّة الوازنة لخلط أوراقه الانتخابيّة  بعيدًا عن التّيار تبعًا لما تقتضيه المصلحة في باقي الدّوائر التي له حضور فيها كالمتن وزحلة إلّا أنّ معلومات خاصة أكّدت سقوط هذا التوجَّه وأنّ قرار التّحالف بين الطّرفين أصبح قاب قوسين من إعلانه. 

في ظلّ هذه الظّروف يأمل التّيار الحصول على مقعد قد يكون في متناول يده كما تشير بعض الاستطلاعات لكن من غير المضمون أن يكون من نصيب مرشحه الرئيسي نقولا صحناوي وبالتالي يؤول إلى عضو آخر في اللائحة  بالإضافة إلى مقعد مؤكد للطاشناق.  

القوات اللبنانية.

تراهن القوات في معركتها على موقفها السّياسيّ  بعد اندلاع ثورة ١٧ تشرين وخروجها من الحكومة وبالتّالي من التّسوية الرّئاسيّة وعلى مساعداتها الاجتماعيّة التي قدّمتها بعد انفجار المرفإ ووقوفها كما تقول أوساطها إلى جانب أهالي الأشرفيّة. إلّا أنَّ حسابات الحقل هذه المرَّة قد لا تناسب حسابات البيدر فهي تأثّرت كباقي أحزاب التّسوية ولو بنسبة أقلّ وربما تخسر أيضًا تحالفاتها خاصة مع خروج النّائب جان طالوزيان من كتلتها وهو المقرّب من الرّجل القوي في الأشرفية أنطوان صحناوي الذي بات مؤكدًا تحالفه مع النّائب نديم الجميّل وبالتّالي خسارة حليفين رئيسيين كانا من أركان لائحة انتخابات ٢٠١٨ علمًا أنّ الكتائب يرفضون حتى الآن فكرة التّحالف مع جميع الأحزاب التي انخرطت في التّسوية الرّئاسيّة.

 على صعيد ترشيحات القوات أصبح واقعًا ترشيح غسان حاصباني الأرثوذوكسي المقرّب من مطران بيروت الياس عودة  بدلًا من النّائب عماد واكيم كما أعلن رئيس القوات سمير جعجع، ويمكن أيضًا تبنّي ترشيح القيادي القواتي ريشارد قيومجيان تبعًا لمقتضيات التّحالفات.

بعد كل ما تقدّم  ومع أنّ توقعاتها تؤكد حصولها على مقعدين فإنّ المؤكّد من خلال استطلاعات الرأي أنّ القوات منفردة تستطيع تأمين حاصل ويبقى الرّهان على التّحالفات للحصول على المزيد.

في الأشرفية أيضًا قيادات مستقلّة أبرزها ميشال فرعون الذي كَثُرَ الحديث عن إمكانيّة تحالفه مع القوات بعد زيارته الأخيرة لمعراب إلّا أنّ خياراته تبقى مفتوحة على كافة الاتجاهات باستثناء التيار وبغياب الغطاء المستقبلي نظرًا لضبابية موقف سعد الحريري يتكئ فرعون على كتلة سنيّة ناخبة تُقدَّر بعشرة آلاف ناخب يقترع منهم الثّلث تقريبًا  توجهاتها الإنتخابية مشتتة كما الموقف السني العام . معركة فرعون مرتبطة بحظوظ التيار ومحصورة بينه وبين نقولا صحناوي خاصة وأنّ للكاثوليك مقعدًا وحيدًا في هذه الدّائرة وإن لم تتأمن شروط نجاحه يبقى خيار العزوف عن الترشح لدى فرعون واردًا. 

من الشّخصيّات البارزة أيضًا رجل الأعمال جهاد بقرادوني نجل الوزير السّابق كريم بقرادوني الذي لمع نجمه مؤخرًا من خلال الحركة والعمل اليومي على الأرض مع أبناء المنطقة في ظاهرة تشبه إلى حدٍّ كبير حركة مسعود الأشقر وهو يتمتّع بديناميكيّة كبيرة ويتواصل مع الكثير من الأطراف من بينها بعض القوى في المجتمع المدني ومجموعات من الثّورة الذي يعتبر نفسه من صلبها.

قوى المعارضة والتغيير.

تدخل هذه القوى المعركة مزهوّة بما حققته قوى المجتمع المدني في انتخابات ٢٠١٨ . كيف لا و منطقة الأشرفية هي الدّائرة الوحيدة التي أنصفتها  وأعطتها مقعدًا نيابيًا لبولا يعقوبيان ما لم تعطه لها أي دائرة أخرى.

بالإضافة إلى حزب الكتائب الذي يُعدّ من أحد أبرز الأحزاب المنضوية تحت لواء الثورة والذي يرفض التّحالف مع أحزاب السّلطة على أنواعها تبرز القوى والمجموعات والأحزاب والحركات المنبثقة عن ثورة ١٧ تشرين ومع الرهان المعقود عليها تحاول هذه المكونات نسج تحالف عريض تخوض على أساسه المعركة. إلا أنه وفقًا لمصادرنا معوقات كبيرة ما زالت تعترضها في ظل انقسام خرج أخيراً إلى العلن بين تحالف وطني  نداء ١٣ نيسان وجبهة المعارضة اللبنانية إنما التّعويل  يبقى على رفع نسبة الاقتراع وعلى مدى القدرة على تشكيل لائحة موحّدة تحمل مشروعًا متكاملًا وتشمل أكبر عدد ممكن من مكوِّنات الثّورة. حظوظ هذه القوى في استطلاعات الرَّأي متقدّمة وتناهز حاصلين انتخابيين ويبقى مصيرها بين يديها إذ أن خلافاتها قد تطيح بمقعد منهما.

أصوات المغتربين.

 عامل كبير ومؤثِّر قد يقلب النّتائج  وهو أصوات المغتربين المسجّلين في دول الاغتراب  وعددهم  في دائرة بيروت الأولى ارتفع من 3393 ناخبًا عام 2018 إلى 9668 ناخبًا علمًا أنّ هؤلاء مُقارنةً مع الحاصل الانتخابي في الدّورة الماضية  قادرون على إيصال نائب إلى البرلمان بقوّتهم الذَّاتيّة في حال صبّ نصف أصواتهم لمصلحة إحدى اللّوائح.

في المُحَصّلة ومن خلال الواقع الحالي المعركة في هذه الدّائرة مُتشابكة ومُتداخلة والنّتائج فيها غير واضحة المعالم وهي تتركّز على أربعة مقاعد غير محسومة من أصل ثمانية قد تخلق واقعًا جديدًا فتقلب المعادلات وتبدّل التّوازنات.

ملحوظة : بيروت الأولى دورة ٢٠١٨

عدد المقاعد ٨

عدد النَّاخبين ١٣٧٧٣٣

عدد المقترعين ٤٣٦٦٦ 

الحاصل الانتخابي ٥٤٥٨