إنتخابات كسروان جبيل جولة أولى من معركة رئاسة الجمهوريّة. “أقوياء الموارنة” “النّاس بالنّاس والقطة بالنّفاس!

إنتخابات كسروان جبيل جولة أولى من معركة رئاسة الجمهوريّة. “أقوياء الموارنة” “النّاس بالنّاس والقطة بالنّفاس!

الكاتب: جورج العلية | المصدر: Beirut 24
25 كانون الثاني 2022

كتب جورج العليّة:
تطلّ معركة رئاسة الجمهورية برأسها من جديد ولكن هذه المرّة من نافذة انتخابات كسروان جبيل فلهذه الدائرة نكهة خاصة وحساسيّة مُفرطة تتخطى حسابات الحقل الانتخابيّ النّيابيّ فيها لتصل إلى حسابات بيدر الاستحقاق الرئاسيّ، بخاصة وأنَّ موعده ليس ببعيد عن موعد الاستحقاق النيابي.
إنّها حرب مفتوحة على مصراعيها بين “أقوياء موارنة” تنصبّ معظم اهتماماتهم الوطنية والحزبية والخدماتية ومقارباتهم لكافة المواضيع السياسية في خدمة طموحهم الجامح للوصول الى سدّة الرئاسة الأولى.
في هذه الدائرة سبعة مقاعد مارونية ومقعد شيعي ما يُبرر تجنيد كلّ من التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية والمردة وحلفائهم وآخرين كامل إمكاناتهم المادية وغير المادية وأسلحتهم وتحالفاتهم لحصد أكبر عدد من المقاعد.
البداية مع التّيار الوطني الحر الذي لطالما كانت تُعدُّ هذه الدّائرة من أقوى معاقله ومنها انطلق العماد عون مؤسس التيار في طريقه الى بعبدا. ففي عاميّ 2005 و 2009 اجتاح عون كامل مقاعدها وبنسبة مدوّية من الأصوات ولكن ومع أنّ انتخابات عام 2018 جرت في ظلّ قانون انتخابي جديد كان للقطبين المسيحيين التيار والقوات الدّور الأكبر في صياغته وتسويقه واعتباره عنوان تلك المرحلة لاسترجاع الحقوق المسلوبة إلّا أنّ نتائج هذه الانتخابات حملت تراجعًا واضحًا في شعبيّته فحصد ثلاثة مقاعد في كسروان ومقعدًا يتيمًا في جبيل ضمن تحالف عريض ضمّه إلى نعمة افرام ومنصور البون وشامل روكز وزياد بارود .
كسروان جبيل 2022 غير كسروان – جبيل 2018 فشعبية التّيار تشهد تراحعًا خصوصًا بعد ثورة 17 تشرين ودخول قوى تغييريّة على الخط مع انفراط عقد التحالفات القديمة إذ أنّ النّائب المستقيل نعمة افرام حسم خياراته بعيدًا عن تحالفه السابق. بالإضافة إلى خلاف الصهرين باسيل-روكز الذي أخرج الأخير من تكتل لبنان القويّ وهو يسعى لتشكيل لائحة مستقلة، ما جعل التّيار يتخبّط وحيدًا وسط ضياع وانقسام مؤيديه بين باسيل وروكز. ومع صعوبة تأمين حلفاء ذات أرضيّة صلبة، يخوض جبران باسيل الطّامح إلى الرّئاسة الأولى المعركة على أرض مهتزة وعلى قاعدة العمل للحدّ من الخسائر والحفاظ على الوجود وإن كان ذلك من خلال الفوز بمقعدٍ واحد إن حالفه الحظّ في كسروان وآخر في جبيل مستفيدًا من أخطاء انتخابية قد يرتكبها خصومه وبذلك يكون قد ضمن الحدّ الأدنى من شرعيّة مارونية ربما توصله الى تحقيق أحلامه الرئاسية
الطّرف الثاني المعنيّ بالمعركة الرئاسيّة هو سمير جعجع. كيف لا وهو من كرّس حسب اعتقاده بترشيحه العماد ميشال عون مقولة الرئيس القويّ. كانت القوات غائبة تمثيليًّا عن هذه الدائرة من العام 2005 وحتّى العام 2018 لذلك هي تعدّ حساباتها الإنتخابية وفقًا لنتائج انتخابات 2018 التي فاجأت الجميع إذ حصدت مقعدًا في كسروان لشوقي الدكاش وآخر في جُبيل نتيجة تحالفها مع زياد حوّاط الرّجل الجُبيليّ المحبوب والقوي. ومع أنّ استطلاعات الرأي المتقاطعة تؤكد على حصة القوّات إلا أنَّ الحلم الأكبر يبقى بزيادة هذه الحصّة ومحاولة نيل مقعد إضافيّ في كسروان من خلال التّحالف مع شخصية كسروانية لها وزنها، الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن مع ابتعاد منصور البون وفشل المفاوضات مع زياد بارود والعلاقة غير الودية مع روكز. ووفقًا لمصادرنا فالتّواصل مع هذه الشّخصيّات هو في أدنى مستوياته إن لم نقل أنّه مقطوع كليًّا.
بالمحصِّلة نوم القوات على حرير نتائج عام ٢٠١٨ غير مضمون ويمكن أن تستفيق على مفاجأة ما قد تحملها تحالفات ذكية في وجهها أو خلافات داخليّة على اسم المرشّح مع بروز أسماء قواتيّة غير النّائب شوقي الدكاش طامحة لنيل رضا القيادة والترشّح عن هذا المقعد إلا أن مصادرنا تؤكد حسم الأمر لدى قيادة القوات لصالح الدكاش.
وأخيرًا سليمان فرنجية الذي كان أوّل من أعاد خلط أوراقه وبدأ معركته باكرًا ومباشرة بعد انتخابات ٢٠١٨ فضمّ إلى كتلته، الكسروانيّ القويّ النّائب فريد الخازن والجُبيليّ النّائب المرحوم مصطفى الحسيني. أحلام فرنجية التوسعيّة خارج إطار زغرتا والأقضية المجاورة لم تتوقف يومًا وهو حاول على مدى سنوات بسط انتشاره بعيدًا إن كان من خلال تيّار المردة ومحاولاته في هذا الصّدد لم تكن في أغلب الأحيان موفّقة وإن من خلال تحالفاته السياسية مع معظم الأفرقاء السّياسيين باستثناء التيار الوطني الحر ّطبعًا وبالتّالي هو يسعى جاهدًا لتحقيق حلمه الرئاسي وآخر أسلحته المستعملة إدخال وزيرين كسروانيين الى حكومة نجيب ميقاتي هما جوني القرم وجورج قرداحي المقربين من النّائب فريد الخازن المعارض الشّرس لخصم فرنجية الرئاسي جبران باسيل.إنّها معركته الرئاسية يخوضها فرنجية على تخوم كسروان .
في الإطار عينه يخوض النائب فريد هيكل الخازن السّباق الانتخابي الكسرواني مُعتزًّا بتحالفه مع فرنجية محافظًا كما يقول على استقلاليته في مقاربة الكثير من القضايا وقد بدا ذلك واضحًا من خلال التمايز الحاصل بمجموعة من العناوين أبرزها تحقيقات المرفإ. وهنا تشير استطلاعات الرأي إلى أنَّ نجاحه بنسج تحالف انتخابي عريض والوصول مجددًا إلى الندوة البرلمانية تعيقه مطبات كثيرة قد يكون غير قادر على تخطيها، وتأمينه لأكثر من حاصل انتخابيّ شبه متعذِّر. هنا يرصد المراقبون موقف حزب الله وتحالفاته الانتخابيّة إن كان مع التيار أو بلائحة مستقلّة كما جرى في الانتخابات الماضية علمًا أنّ الحزب لا يحبّذ التحالف مع الخازن لتمايزه واستقلاليته . فالحسابات هنا معقدة نوعًا ما.
بالعودة إلى فرنجيّة فهو يأمل من خلال تحالفه مع فريد الخازن كسروانيًا ومع بعض الشخصيات المستقلة في العديد من الدوائر الأخرى توسيع كتلته النيابيّة وبالتّالي تثبيت موقعه كمرشح رئاسي قويّ في مواجهة جعجع وباسيل.
وبين الحفاظ على موقع باسيل وتثبيت قوة جعجع وإحياء آمال فرنجية في معركته الرئاسية المقبلة يصحّ على زعماء الموارنة قول المثل الشّائع “النّاس بالنّاس والقطّة بالنّفاس.”
وهنا تعلق شخصية مارونية كبيرة بالقول فلننتظر ونرى مصير الجمهورية بدلًا من التّلهي والسّعي للوصول إلى رئاستها.
في المقلب الآخر يخوض نعمة افرام و الكتائب ممثلة بالوزير السابق سليم الصايغ المعركة تحت عناوين تغييرية واضحة تحاكي خروجهما من الندوة البرلمانية بعد انفجار المرفإ وبتحالفهما مع بعض المستقلين سيكون لهما حتمًا قدرة تنافسية كبيرة تنطلق من حاصل أكيد وكسر قد يلامس الحاصل الثاني.
ختامًا وإلى حين موعد الانتخابات ستبقى دائرة كسروان جبيل قبلة أنظار جميع اللبنانيين وقلعة الموارنة الأولى فأمام أسوارها تتكسّر أحلام و تُبنى آمال إلا أنَّ الكلمة الفَصل فيها تبقى للنّاخب الكسروانيّ والجُبيليّ.