أبعاد خارجية لانتخابات جبل لبنان الجنوبي

أبعاد خارجية لانتخابات جبل لبنان الجنوبي

الكاتب: ناصر زيدان | المصدر: الانباء الكويتية
21 شباط 2022

تجري اتصالات داخلية وخارجية على أعلى المستويات لخوض معركة اسقاط القوى السيادية، وخصوصا في دائرة جبل لبنان الرابعة التي تضم قضاءي الشوف وعاليه، وفيها 342 ألف ناخب ولها 13 مقعدا في الندوة النيابية. والهدف الأساسي من هذه المعركة تحقيق اختراق ميداني لقوى الممانعة في هذه المنطقة الحساسة، كان عجز حزب الله وحلفائه عن تحقيقه عن طريق شراء الأراضي وافتعال المشكلات الأمنية.

وقد وصلت الرسائل الموجهة ضد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كونه الأقوى في هذه الدائرة، من خلال تهديدات منها المعلن ومنها المخفي. ونقلت مصادر مطلعة أن القيادة السورية أعطت حلفاءها أسماء مرشحين وطلبت دعمهم، كما أن حزب الله طلب من التيار العوني اختيار مرشحين قادرين على المواجهة.

الحجة المعلنة للحرب الانتخابية الضروس التي تشن ضد جنبلاط، هي بسبب تحالفه مع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لكن الأهداف غير المعلنة ترمي إلى السيطرة على المنطقة لأنها تربط بين بيروت وضواحيها وبين الجنوب والبقاع حيث معاقل حزب الله، وتهدف إيضا إلى إزاحة جنبلاط من المعادلة السيادية بعد أن انكفأ رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سعد الحريري. وقد جندت القوة المعنية بهذه المعركة، وفي الطليعة حزب الله، إمكانيات مالية كبيرة، وحشدت لخوضها تحضيرات اعلامية وميدانية واضحة.

والتحليلات التي تم تسريبها عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري السلبي من تحالف الاشتراكي مع القوات، تهدف الى الإيقاع بين جنبلاط وبري، ولتحميل الأخير مسؤولية معركة غير معني بها، وهي قد تؤدي الى الإخلال بالميثاقية الوطنية في مجلس النواب، وبري يحتاج الى هذه الميثاقية لترسيخ دوره إذا ما قرر العودة للترشح مجددا، علما أن دور الناخبين الشيعة في هذه الدائرة محدود، وقد اقترع غالبيتهم لمصلحة أخصام جنبلاط في انتخابات 2018 على عكس ما يشاع (ومن أصل 4441 مقترعا شيعيا في الشوف وعاليه حصل أخصام جنبلاط على 3067 صوتا، بينما اقترع لصالح لائحة جنبلاط 1374 ناخبا وهؤلاء موالون تاريخيا للخط الذي تمثله المختارة ومرشحوها).

في ذات الوقت تبذل قوى الممانعة جهودا حثيثة لضرب الانتخابات. وقد بدا ذلك من خلال استحضار التوترات الأمنية في الجنوب وفي الجامعات، وبالملاحقات القضائية العونية العشوائية والانتقائية، وبالطلب المتأخر بتطبيق نظام «الميغاسنتر» كما بالكلام عن حرمان المغتربين من التصويت لكل اللوائح من خلال افتعال اضراب لموظفي السفارات في الخارج في موعد الانتخابات، وكلام المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان المحسوب على حزب الله عن أن الانتخابات ستدمر العيش المشترك لافت في هذا السياق. وكافة الاستطلاعات الموضوعية تؤكد تزايد شعبية الفريق السيادي، لأن تجربة حكم فريق «مار مخايل» أدت الى انهيار البلد. ومحاولة افتعال مشكلات جانبية لحرف الأنظار عن فعلتهم لن تغير بالمعادلة، برغم النقاط السلبية الكثيرة الموجودة عند الفريق السيادي، وأهمها بعض التباين بين القوات وجمهور «المستقبل»، وتصويب قوى من الحراك المدني سهامهم باتجاه هذا الفريق، وهم بذلك يخدمون سياسة حزب الله عن قصد أو عن غير قصد.

رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يتعاطى بهدوء في مواجهة التحديات الإلغائية، وهو قال في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري: كتب علينا الصمود وسنصمد. وهو ما يذكر بظروف انتخابات العام 2000 والعام 2009، حيث رد الناخبون الحصار عن جنبلاط وحلفائه وأسفرت النتائج عن فوز كاسح لصالحهم.

نوايا القوى الخارجية وحلفائهم في الداخل الهادفة لتحجيم جنبلاط واستفراد جعجع واضحة، وهذه القوى تحاول الاستفادة من غياب الرئيس سعد الحريري عن الساحة لإحباط الناخب السني وتشجيعه على عدم الذهاب لصناديق الاقتراع.

لكن الوقائع الميدانية تشير الى أن ذلك لن يحصل، وقد ينتقم هذا الجمهور من الذين عزلوا لبنان عن أشقائه العرب ودفعوا بالحريري الى الانكفاء.