حوت المحروقات المقرّب من “حزب الله” في قبضة الاستخبارات السورية؟!

حوت المحروقات المقرّب من “حزب الله” في قبضة الاستخبارات السورية؟!

المصدر: دمشق-النهار العربي
24 شباط 2022
نشر موقع سوريّ موالٍ، خلال الأيام القليلة الماضية، خبراً عن اعتقال أحد أكبر تجار المحروقات في دمشق بتهمة التربّح من تجارة المحروقات في السوق السوداء، ما مكّنه من التربّع خلال سنوات قليلة على ثروة تقدر بما يقارب 19 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل 600 ألف دولار أميركي. الخبر الذي اكتفى بذكر الأحرف الأولى من اسم التاجر المقصود، أثار الكثير من التكهنات حول هوية “الصيد الثمين” في مقياس محاربة الفساد. وقد أجمعت بعض المواقع المعارضة، التي أثار الخبر اهتمامها، على أن الحديث يدور عن جورج سمعان عربش، لأنه الوحيد الذي يتطابق مع الأحرف التي استخدمها الموقع الموالي (هاشتاغ سوريا) للتعريف عن المعتقل وهي (ج.ع).
اعتقال بتهمة الفساد
وحسب الموقع، فقد اعتقلت الاستخبارات السورية، قبل أيام، أحد أكبر تجار المحروقات في ريف دمشق، بعد إدانته بسرقة واختلاس مبلغ 19 مليار ليرة سورية من تجارة المحروقات خلال السنوات الماضية، بمساهمة من محافظ ريف دمشق السابق.
وكشفت التحقيقات أن تاجر المحروقات الذي أشارت إليه بـ “ج.ع”، تمكن من اختلاس المبلغ المذكور بمساهمة محافظ ريف دمشق السابق “علاء إبراهيم”، ومسؤولين ومدراء في دوائر المحروقات، وفقاً لموقع “هاشتاغ سوريا” الموالي.
وأضاف الموقع أن التحقيقات كشفت مساهمة محافظ ريف دمشق السابق ومدراء الأقسام، في حصول “حوت المحروقات” على صهريجين من مادة المازوت وآخر من مادة البنزين يومياً، مشيراً إلى أن حصوله على تلك الكميات بدأ منذ عام 2013 وحتى وقت قصير، وأن اختلاس المبلغ المذكور جاء نتيجة فروقات أسعار المازوت والبنزين التي حصل عليها بالسعر المدعوم وباعها بسعر السوق السوداء.
ولفت الموقع إلى أن اعتقال تاجر المحروقات جاء بناء على مذكرة صادرة عن “القضاء العسكري”، مؤكّداً أن عملية التحقيق جرت بإشراف مدير إدارة القضاء العسكري بـ”سرّية تامة”.
علاقات مع “حزب الله”
ما لم يذكره الموقع الموالي، تولت مواقع سورية معارضة مهمة الكشف عنه، حيث ذكر موقع “صوت العاصمة” ومواقع عديدة أخرى، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن تاجر المحروقات المتورط باختلاس المبلغ المذكور، هو “جورج سمعان عربش”، الملقب بـ”الشيطان”.
وقالت المصادر إن “عربش” المرتبط بـ”حزب الله” اللبناني مباشرة، يمتلك العديد من محطات الوقود في منطقة القلمون بريف دمشق.
وأضافت المصادر أن “الشيطان” عمل على تمويل ميليشيا محلية في منطقة “القلمون” للقتال إلى جانب النظام بذريعة “حماية الأقليات”، وأسّس مكتباً لتجنيد الشبان في صفوف الميليشيات المحلية.
وكان لعربش الدور الأبرز في إتمام عمليات التسوية في منطقة القلمون، إضافة لعمله بالتنقيب عن الآثار وتهريبها، إلى جانب تهريب المحروقات خارج سوريا.
أوضحت المصادر أن ملاحقة الملفات المالية لعربش جاءت بالتزامن مع متابعة التحقيقات بملفات الفساد، المرتبطة بمحافظ ريف دمشق السابق علاء إبراهيم.
وأشارت المصادر إلى أن إبراهيم أدلى باعترافات حول تورطه بتجارة المحروقات لمصلحة عربش، بالاشتراك مع عدد من مدراء المكاتب والأقسام.
وأكّدت المصادر أن الملاحقة الأمنية لعربش جاءت بعد الانتهاء من متابعة ملفاته المالية، وانتهاء التحقيقات بالملف مع المحافظ السابق، موضحة أن العديد من الوساطات تدخلت سابقاً لإبعاد التهمة عنه.
وبحسب المصادر، فإن “أبو سليم دعبول”، مدير المكتب الخاص لرئاسة الجمهورية، كان من أبرز المساهمين في حماية عربش من الملاحقة سابقاً، مؤكّدة أن وفاته تسببت باعتقال عربش و9 من قياديي الميليشيات المحلية العاملة في القلمون.
وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أصدر، الأربعاء 2 من كانون الأول (ديسمبر)، مرسوماً رقم 325 لعام 2020، قضى بإعفاء المهندس علاء منير إبراهيم من مهمته كمحافظ لمحافظة ريف دمشق، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا”.
ولم يذكر في حينه سبب الإقالة أو تفاصيلها. وفي أقل من 24 ساعة على صدور مرسوم الإقالة، أصدرت وزارة المالية، قراراً يقضي بالحجز الاحتياطي على أموال محافظ ريف دمشق، المُعفى من منصبه، علاء منير إبراهيم، وعائلته.
وبحسب القرار الرقم 2941 الموقّع من قبل وزير المالية كنان ياغي يُلقى الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة العائدة لعلاء إبراهيم وزوجته ريم حاج نجيب وأولاده باسل وبشار وفاطمة الزهراء، دون توضيح سبب الحجز.
 
تضارب في المعلومات
غير أن الإعلان عن اسم المقصود بالاعتقال، وكونه جورج سمعان، أثار موجة استغراب واسعة في صفوف المتابعين لقضايا الفساد في سوريا، لا سيما أن جورج سمعان اعتُقل سابقاً أواخر عام 2020، وذكر موقع “تلفزيون سوريا” نقلاً عن مصادر وصفها بالخاصة أن دورية أمن الدولة داهمت منزل قائد الميليشيا جورج سمعان الملقب بـ”الشيطان” خلال مداهمة استهدفت منزله في حارة الصالحية في يبرود. وأضافت مصادر الموقع نفسه أن الدورية داهمت أيضاً منزل عضو مجلس محافظة ريف دمشق في بلدية يبرود عماد الخطيب الملقب بالجندل، إلا أنه تمكن من الفرار. وقد أكد “المصدر السوري لحقوق الإنسان” خبر الاعتقال في حينه.
“درع القلمون” تاريخ من المشكلات
وقد تأسست ميليشيا “درع القلمون” عام 2016 كفصيل مسلح متواضع يهدف إلى القتال إلى جانب الجيش السوري ضد الجماعات المسلحة في جبال القلمون، ولكنها تحولت سريعاً إلى قوة شبه عسكرية مجهزة جيداً وتعمل على الصعيد الوطني، حيث لم يعد نشاطها يقتصر على القلمون، بل امتد إلى محافظات ومناطق كثيرة، منها مرتفعات الجولان وصولاً إلى محافظة إدلب.
وبعد التسويات التي جرت في ريف دمشق، انضم العديد من فصائل المعارضة المسلحة إلى ميليشيا “درع الفرات”، ومن أهم هذه الفصائل مجموعة “أبو بحر والمنشار” وغيرها.
وعام 2018 قررت قيادة الفرقة الثالثة مدرعات عزل المقدم فراس جزعة قائد ميليشيا “درع القلمون” التي تتبع لها، وتحويله إلى التحقيق بسبب ما شهدته معركة حرستا في ذلك العام من عمليات فرار واسعة ضمن صفوفها. وقد كانت هذه الخطوة بمثابة التمهيد لسحب البساط من تحت أقدام الميليشيا التي أصبحت تسيطر على مناطق شاسعة في ريف دمشق، أبرزها مدينة التل والقطيفة. ويبدو أن الصراع على السلطة والنفوذ كان وراء أفول نجم هذه الميليشيا التي تحول قادتها هدفاً سهلاً للاعتقالات بتهم مختلفة.
محروقات أم مخدرات؟
ورغم أنه لم يتسن لموقع “النهار العربي” التأكد من هوية المقصود بالاعتقال الذي نشر عنه موقع هاشتاغ سوريا، وما إذا كان قد تم الإفراج عن جورج سمعان ثم أعيد اعتقاله مرة ثانية، يبقى من المهم تأكيد أن تجارة المحروقات لا يمكن أن تدر على صاحبها ثروة تقدر بمليارات الليرات، ولا سيما أن المعطيات تشير إلى أدوات متواضعة لا تتعدى صهريجي وقود وبضع كازيات في دمشق. وقد يكون في ما أورده “المرصد السوري لحقوق الإنسان” قبل ما يقارب عام ونصف عام، ما يسلط الضوء على كيفية جمع هذه الثروة. وذكر المرصد في حينه أن قائد ميليشيا “درع القلمون” كان متورطاً في تجارة المخدرات بين سوريا ولبنان، وقال إن قائد الميليشيا المعتقل يعتبر من أبرز الوجوه التي تعمل في تجارة المخدارات في منطقة القلمون والعاصمة دمشق وريفها، حيث تربطه علاقات وثيقة مع بعض القياديين في “حزب الله” والذين يعملون على تهريب المخدرات دورياً إلى الأرض السورية عبر لبنان”.