كلّهم محشورون والمزاج الشعبي مُحبط

كلّهم محشورون والمزاج الشعبي مُحبط

المصدر: الجمهورية
15 آذار 2022

يبدو أنّ كل الاطراف تلعب دورين على المسرح الانتخابي، ففي العلن وعلى المنابر تظهر نفسها واثقة من الفوز وانها تسير بخطى ثابتة نحو الحسم، وتحقيق سيل الوعود التي اطلقتها في الشوارع. اما في دواخلها، فتتبدى حقيقة صادمة تؤكد أن كل هذه الاطراف مُربكة ومحشورة، بعجزها عن تحقيق التغيير الذي نادت به، وبأن صياغة التحالفات بين هذا الطرف او ذاك ليست باليسر الذي توقعته، فدونها شروط من هنا وهناك، تصعّب عقد هذه التحالفات، وبلوغ لوائح مكتملة في الكثير من الدوائر.

وبمعزل عن الخطاب المنبري والكلام الكبير الذي يُساق فيه لزوم الشحن الانتخابي للحزبيين والمناصرين التقليديين، فإنّ المزاج الشعبي الذي تأثّر بالشعارات ووعد بالتغيير وإحداث انقلاب جذري في الخريطة النيابية القائمة في المجلس النيابي الحالي، هو، وفق ما تؤكد دراسات واستطلاعات اصحاب الاختصاص في مجال الانتخابات، مُصاب بإحباط حقيقي بعدما تَوضّحت امامه الصورة، وتبيّن له بما لا يقبل أدنى شك ان العناوين التغييرية التي رفعت على مدى اشهر طويلة قد تبدلت وتقزّمت، وانّ الهدف الاسمى للاحزاب التي استثمرت عليها لأشهر طويلة، هو الذهاب، ليس الى معركة كسر عظم وقلب موازين سياسية ونيابية، بل أقصى ما تريده هذه الاحزاب، هو خوض معركة انتخابية شرسة لتجميع «حَواصل» تمكّنها من الحفاظ على احجامها النيابية على ما كانت عليه في المجلس الحالي لا أكثر ولا أقل.

وتحت هذا العنوان، سيدور الصّخب السياسي خلال الشهرين المقبلين، والاجواء تؤشر الى ان الفترة المتبقية من الآن وحتى موعد اجراء الانتخابات ستكون ذروة في الشراسة في بعض الدوائر، وخصوصا بين الاحزاب المتصارعة على موقع التمثيل الأول والاقوى في الطائفة، وليس سرّاً الصراع المحتدم بين حزب «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحر على اكثرية نيابية يتربّع من ينالها في موقع الاقوى مسيحياً.

على انّ الثقل الاكبر الذي تعانيه القوى السياسيّة والحزبية، هو ان انحدار الازمة وآثارها السلبية التي ضربت المواطنين في كل المناطق، نزعت ثقته بأي برنامج انتخابي لأي من هذه القوى السياسية التي يتهمها بأنها كانت السبب في بلوغ حاله هذا المستوى من الاهتراء، او شريكة في ذلك، وهو ما يدفع بشريحة واسعة من الناخبين الى الإحجام عن المشاركة في عمليّة الاقتراع، وهو الامر الذي يزيد من حشر هذه القوى في معركتها للحفاظ على احجامها، وهذا الاحجام الذي تتقاطع على تأكيده مختلف الدراسات والإحصاءات، حيث ترى ان انتخابات 15 ايار ستكون الادنى من حيث نسبة الاقتراع، بين سائر الدورات الانتخابية التي جرت في لبنان بعد الطائف.