خاص: السنّة أمام مفترق كبير. فهل يندم أقوياؤهم غدًا على ما اقترفته أيديهم اليوم؟

خاص: السنّة أمام مفترق كبير. فهل يندم أقوياؤهم غدًا على ما اقترفته أيديهم اليوم؟

الكاتب: جورج العلية | المصدر: Beirut 24
17 آذار 2022

عام ١٩٩٢  وفي ظلّ غياب الغطاء الدّولي ورعايته،  قاطع المكوّن المسيحي الانتخابات الأولى بعد الطائف ومن دون التطرّق إلى الأسباب الموجبة لتلك المقاطعة إلّا أنّ المسيحيين شعروا بثقل الخطيئة التي ارتكبوها من خلال إبعادهم وابتعادهم عن السلطة بكلّ أشكالها إضافة  إلى  خسارتهم لمكتسبات ومواقع مازالوا حتى السّاعة يحاولون استردادها.

اليوم وبعد انتهاء مهلة تقديم الترشيحات للانتخابات النيابيّة ليل ١٥ آذار بدأ المشهد يتبلور أكثر فأكثر من مسار التحالفات وتركيب اللوائح  إلى حسابات الرّبح والخسارة.  إلّا أنّ العنوان الأبرز الذي سيطبع حكمًا انتخابات ٢٠٢٢ وسينعكس على نتائجها هو عزوف “أقوياء” السنّة الأربعة عن الترشّح: رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي والرؤساء السابقون سعد الحريري، تمام سلام وفؤاد السنيورة في ظاهرة قلما شهدتها الانتخابات النيابيّة في تاريخ لبنان .

ومع أنّ دوافع العزوف ليست نفسها عند الجميع إلّا أنّها أدخلت الطائفة السنية في مسار طويل من التفكك والضياع وتعبيد الطريق أمام أطراف عدّة تحاول قضم ما تستطيع من حصص نيابيّة واستغلالها في إطار أهدافها ومصالحها السياسيّة .

في حين تميّز الرئيس السّنيورة عن الرؤساء العازفين عن الترشّح بدعوته للمشاركة بكثافة في الانتخابات وعمله الدؤوب  على تشكيل لوائح من بيروت الى طرابلس والشمال وصيدا والإقليم  والبقاع الغربي وزحلة ودعمها بهدف مواجهة حزب الله ورفض هيمنته على الساحة السنية إضافة إلى عمله جاهدًا للتنسيق مع قوى سنية معارضة من أجل إنضاج تفاهمات ما زالت تعوقها خلافات داخلية كبيرة في ظلّ غياب غطاء سعودي واضح لها . 

بعد كلّ ما تقدّم  وفي ظلّ هذا  الواقع السني المشتت بين بهاء الحريري وأشرف ريفي من جهة واللقاء التشاوري وحلفاء حزب الله من جهة أخرى وبين محاولة سعد الحريري حتّى بعد خروجه من الحياة السياسية فرض واقع يكرس زعامته من خلال أكبر نسبة مقاطعة للانتخابات . وفي ظل غياب الغطاء العربي  والابتعاد الخليجي عن لبنان وتركه لمصيره.  وفي حال لم تتأمن الظروف المناسبة لحثّ الناخب السنيّ على المشاركة الكثيفة في الانتخابات فإنّ مسؤولي هذه الطائفة ومرجعياتها الدينية والزمنيّة والرّعاة  التقليديين لها في الخارج سيتحملون حتمًا بعد ١٥ أيار نتائج أعمالهم أمام الوطن والتاريخ وسيعلمون في وقت لن ينفع فيه النّدم ماذا اقترفت أيديهم بحق طائفتهم والوطن .