اختبار بالغ الخطورة بين “بعض القضاء”والقطاع المصرفي
لم تخرج الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء التي عقدت السبت في السرايا بنتائج حاسمة، ولو ان رئيس الوزراء نجيب ميقاتي رسم بوضوح معالم “الخلل القضائي” وضرورة ان يتولى أركان السلطة القضائية المعالجة الحاسمة ضمن اطر القانون والانتظام القضائي، ستكون الأيام القليلة المقبلة بمثابة اختبار بالغ الخطورة ما لم يجر رسم روادع للمواجهة بين “بعض القضاء” المتصل بالعهد و”التيار الوطني الحر”، والقطاع المصرفي، بعدما كشفت المعطيات المتصلة بما سبق وأعقب انعقاد جلسة مجلس الوزراء السبت ان الاستقطاب السياسي لم يتوقف بعد عند حدود منع مزيد من التصعيد. وتفيد معطيات “النهار” المستقاة من مصادر وزارية مطلعة واكبت ما جرى بان ميقاتي اندفع في عقد الجلسة بعدما حصل على تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون موافقته ودعمه لميقاتي في إعادة تصويب الأمور من طريق التشديد على استقلالية القضاء، وانما أيضا ضرورة ان يضطلع اركان القضاء بالدور الحصري لاحتواء مفاعيل الإجراءات “الاستنسابية” الخطيرة الأخيرة التي لم تسلك حتى الطريق القانونية التي يمليها هذا النوع من الدعاوى. وبذلك كان يفترض ان يشارك اركان السلطة القضائية في الجلسة للمساهمة في رسم خريطة الطريق للمعالجة من ضمن القضاء ومن دون تدخل أي سلطة ورسم تخلفهم عنها معالم سلبية سرعان ما برزت تباعا. وتشير المصادر الى ان رئيس الجمهورية تراجع عمليا عن مساندة ميقاتي وعادت الأمور الى النقطة الصفر، وبدا واضحا ان ثمة ملامح تورط سياسي لتيار العهد عبر عنه بيان هذا التيار قبل جلسة مجلس الوزراء وفي مواكبتها وبعدها من منطلقات التوظيف الشعبوي الانتخابي. وقد حمّل “التيار” الحكومة “مسؤولية الفوضى المالية” ورفَضَ “كل محاولة للضغط على القضاء لكف يده عن الملفات المالية والمصرفية التي يحقق فيها والتدخل بشؤونه من خلال أي إجراء تعسفي قد يتم إتخاذه من خارج الأصول”.
وكشفت المصادر الوزارية ان ميقاتي الذي اعلن بوضوح انه ليس في وارد الاستقالة بدا مصمما على “عدم الاستكانة” اذا تطورت الأمور في اليومين المقبلين نحو الأسوأ ولم يقم المعنيون القضائيون بدورهم المطلوب في ما قد يدفعه الى اعلان موقف جديد حازم.
وينطلق ميقاتي وفق المعطيات من مسلمة ان الحكومة لن تتدخل او تعمل على تخطي مسألة فصل السلطات، ولذلك اجتمع الوزراء وتكلم جميعهم في جلسة السبت حيث كان لا مهرب من انعقادها وأجمعوا على تثبيت أصول القانون والقضاء والمحاكمات الجزائية. ولم يأت ما قاله ميقاتي من فراغ بعد تشديده على أركان السلطة القضائية لقيام كل معني بدوره مع الالتزام بالاصول القانونية كاملة وعدم القفز فوق مندرجاتها. وكانت رسالة الحكومة للقضاء بأنها لا تعمل ولا ترغب في حماية فلان على آخر او حماية المصارف على حساب المودعين وسائر المواطنين. وكان أركان الجسم القضائي أوصلوا الى ميقاتي بواسطة وزير العدل هنري خوري تحفظهم عن مسألة الظهور انه تم استدعاؤهم الى مجلس الوزراء ولذلك أرادوا ان يحافظوا على هذه الاستقلالية. وابلغ ميقاتي خوري قبيل الجلسة بأنه لا يمانع هذا الطلب ولم يسبب هذا المخرج احراجاً له ولا للحكومة على اساس انها لا تريد ولا تقدم على اعطائهم او تزويدهم بأمر يعاكس القانون او يخالفه وما يصر عليه ميقاتي هو ان كل ما يطلبه من القضاء هو تطبيق القانون وان الامتثال امام القانون وتطبيقه ليس جريمة وليس من الخطا تطبيق هذا الأمر.