خاص- ارحلوا كي يبقى للعيد فرحة

خاص- ارحلوا كي يبقى للعيد فرحة

الكاتب: أسعد نمّور
21 آذار 2022

يومٌ بعد يوم وسنةٌ بعد سنة، نكبر ونكتشف أنّ الأمّ تبقى السند والكتف الحنون وملجأ الأمان الذي نهرع اليه عندما تعصف بنا مشاكل الحياة ونوازل القدر… فهل يكفي يومٌ واحدٌ للمعايدة؟ بالطبع لا! ولا حتى تكفي كلمات المعاجم والقواميس ولا حتى قصائد الدنيا.

لربما الحقيقة الثابتة التي لا تتغيّر مهما تغيّر الزّمن، هي حبّ الأمّ والمؤكّد صدق محبّتها، فإذا التفتنا من حولنا نرى عالمًا مليئًا بالدّجل والكذب ان كان في السياسة أو حتى في الصداقة، ففي السياسة وبما أنّنا على أبواب انتخاباتٍ نيابيّة، تكثر زيارات المرّشحين لمنازلنا ويخاطبوننا بأرقى وأجمل العبارات، فيشعروننا بأنّنا سنوصل إلى الكرسي البرلماني أفضل خلق الله، وفور انتهاء فرزالأصوات، تحتجب وجوههم كما أصواتهم، وتطفأُ هواتفهم، ونراهم بالكاد على أجهزة التلفزة أو في المحافل الرّسميّة محاطين بالحرّاس، يدوسون فوق النّاس كي يصلوا إلى الكرسي المخصّص لجلوس سعادتهم، وإن قصدنا منازلهم توصد الأبواب بوجهنا. أمّا الأصدقاء فمهما كان حجم الصداقة تبقى في زاوية العلاقة نفحة مصلحةٍ تتبلور في المواقف وعند الحاجة. فوحده في كلّ الأوقات حبّ الأمّ في كلّ الأوقات باقٍ.

لفتتني اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي، معايدات الطبقة السياسيّة لأمّهات لبنان، فبين من نظم الأشعار ومن كتب الوجدانيّات، غاب عن فكر السياسيين ما فعلته أياديهم وارتكبته عقولهم المتحجّرة بفؤاد “ستّ الحبايب”، فباسم الدّين و”حقوق الطائفة” هجّرت ارتكاباتهم شباب لبنان وابعدت عن الأمّهات فلذات أكبادهنّ، وفي الرّابع من آب حرُمت بسبب استهتارهم وقلّة مسؤوليّتهم من أبنائهنّ وباتت الثكالى تنتظرن ولو قرارًا ظنيّ يبلّ مهجاتهنّ، ناهيك عن القرارات التي تنتهك حقوق الأمّهات والقوانين المهترئة التي لم تتغيّر ولن تتغيّر لأسبابٍ شتّى نخجل حتى أن نذكرها.

ألم تخجلوا عندما نصّيتم المعايدات؟ ألم تؤنّبكم ضمائركم؟ بالطبع لا، فضمائركم ماتت فور وصولكم إلى مواقع المسؤوليّات التي لا تليق بكم! أتريدون معايدة الأمّهات؟ لكم منّي الطريقة المثلى، إرحلوا، فبرحيلكم تكونوا قد قدّمتم للأمّهات وللشعب كاملًا هديّة تفرح القلب وللوطن استقلال يخرجه من “جهنّم” التي أوديتم به إلى قعرها.