ماذا ينتظر المودعين في خطة الحكومة؟

ماذا ينتظر المودعين في خطة الحكومة؟

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
17 نيسان 2022

بقطع النظر عن التقويم السلبي أو الإيجابي لها، فقد تمكّنت حكومة حسان دياب من وضع خطة للتعافي الاقتصادي والمالي، مستندة على اتفاقها مع شركة “لازارد” الفرنسية، بعد نحو ثلاثة أشهر على تشكيلها، كاشفة عن توجهاتها الاقتصادية والمالية، بعدما أعلنت رسميا قرارها تخلّف لبنان عن سداد ديونه السيادية.
منذ ذلك القرار، والبلاد تتخبّط في سياسات عشوائية، لم تنجح حكومة نجيب ميقاتي التي تشكّلت بعد نحو عام على استقالة حكومة دياب وتحولها إلى تصريف الاعمال، في تجاوزها، أو في التوصل إلى خطة جديدة أو أقلّه تعديل أو تحديث الخطة السابقة، فكان أن استفحلت الأزمة، مستنزفة احتياطات المصرف المركزي ليس على حماية العملة الوطنية التي سجلت انهيارات متتالية في وجه العملة الأميركية بلغت نحو 80 في المئة من قيمتها، وإنّما على دعم مواد استهلاكية وغذائية، لم تؤدّ هدفها في حماية القدرة الشرائية للبنانيين، بل أحرقت أكثر من 17 مليار دولار على دعم غير مُجدٍ، وتهريب إلى خارج الحدود.

وتسعى حكومة ميقاتي اليوم، وهي على أبواب خوض تحدّي إجراء الانتخابات النيابية، الى إقرار سلسلة من الخطوات المطلوبة من صندوق النقد ضمن الإجراءات المسبقة لفرملة الانهيار، وتجاوز القطوع الانتخابي مع حدّ أدنى من الاستقرار، منعاً لاستغلال الأزمة الاقتصادية والمعيشية كسبب لتفجير الأوضاع وتطيير الاستحقاق.

ورغم أن الوقت الفاصل عن الخامس عشر من أيار لم يعد طويلاً، وقد دخلت البلاد في حماوة الاستعدادات والحملات الانتخابية، تسعى حكومة ميقاتي إلى تمرير بعض الإجراءات المسبقة المتّفق عليها مع صندوق النقد الدولي، كبادرة حسن نية والتزام تجاه المؤسسة الدولية التي يعتزم مجلس مديريها درس البرنامج مع لبنان وإقراره خلال الشهرين المقبلين، إذا تمّ تنفيذ تلك الإجراءات.

ويأتي في هذا الإطار إقرار مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة الاتفاق، رغم الملاحظات التي أوردها عدد من الوزراء، وتقرّر إرجاء البحث فيها إلى الجلسة المقبلة. وهذا يعني عملياً عدم الأخذ بها رغم التزام مجلس الوزراء بالبحث فيها.

لكن ما كان لافتاً في تلك الجلسة عدم طرح خطة التعافي على طاولة مجلس الوزراء رغم الأهمية المعلقة عليها كمُرتكز أساسي لأيّ برنامج مع الصندوق. فالخطة يجب أن تنطلق من البنود الموقّع عليها في الاتفاق، ليُصار إلى بلورتها في البرنامج الذي سيقرّه الصندوق على مستوى مجلس إدارته. وكان ينتظر أن تُدرج الخطة على جدول اعمال الجلسة إلا أنه ارتؤي أن يقدّم نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بصفته رئيس الوفد اللبناني المفاوض عرضاً لأعضاء المجلس حول استراتيجية إعادة هيكلة المصارف وحول معايير توزيع الخسائر ونصيب أموال المودعين وحملة اليوروبوندز منها. ما يعني عملياً أن الحكومة لم تعرض إيّ خطة بل اقتراحات مستقاة من الاتفاق مع الصندوق، ولم تُعطِ أجوبة واضحة حتى الآن حيال ما تعتزم القيام به من إجراءات مالية ولا سيما في مسألة توزيع الخسائر التي تشغل بال المودعين وتقض مضاجعهم. فالمودعون حتى اليوم لم يحظوا بجواب واضح وشفاف حيال مصير أموالهم، وآلية استردادها إذا كان هذا الأمر ممكناً وبأيّ جدول زمني وبأيّ نشب اقتطاع، ما يدفع إلى السؤال هل لدى الحكومة خطة واضحة في هذا الشأن أو هي لا تزال في مرحلة وضع الفرضيات والسيناريوات ومؤجلة الاقتراحات؟ وإذا كان لديها مثل هذه الخطة لماذا لا تعتمد الشفافية في مصارحة اللبنانيين وكلّ المودعين المعنيين في لبنان أو في الخارج ممّن وثقوا بالجهاز المصرفي اللبناني وبالسياسة النقدية، فتقدّم لهم برنامجاً واضحاً وجدولاً زمنياً يبلور هذا المسار، ولماذا كل هذا التعتيم على هذه المسألة الأساسية والحيوية لكلّ اللبنانيين؟