مدخرات جيل كامل تبخّرت ولا أمل في تعويضها وخبير يحذّر من عفو عام عن أبشع الجرائم بعد الحرب الأهلية

مدخرات جيل كامل تبخّرت ولا أمل في تعويضها وخبير يحذّر من عفو عام عن أبشع الجرائم بعد الحرب الأهلية

الكاتب: عمر حبنجر | المصدر: الانباء الكويتية
22 نيسان 2022

أقر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بخطأ الدمج بين قانون «الكابيتال كونترول» وضمان الودائع المصرفية. وأضاف في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت برئاسته أمس، انه كان يفترض تشريع هذا القانون في اليوم الأول من الأزمة المصرفية والمالية.

ميقاتي الذي غادر بيروت بعد جلسة مجلس الوزراء باتجاه المملكة العربية السعودية، لأداء مناسك العمرة، أبلغ الوزراء بأنه بين الأمور التي يطلبها صندوق النقد، إقرار الموازنة العامة، وقانون «الكابيتال كونترول» وتعديل قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة المصارف. وأكد أن خطة التعافي لم تقر بانتظار ملاحظات الوزراء.

وعن الانتخابات النيابية، قال ميقاتي: كل التحضيرات تسير في الاتجاه الصحيح، وان وزير الخارجية يتابع الملاحظات التي أثيرت حول اقتراع المغتربين.

وخلال انعقاد مجلس الوزراء وصل السفير السعودي وليد البخاري الى السراي، في سياق جولته التي شملت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقد ترك الرئيس ميقاتي قاعة مجلس الوزراء للقاء السفير، وعرض معه الأوضاع وما يتصل بسفره الى السعودية، وبعد اللقاء غادر البخاري السراي دون ان يدلي بأي تصريح.

قانون «الكابيتال كونترول» كان الشغل الشاغل للسلطة، حكومة ومجلس نواب، وترحيله الى ما بعد الانتخابات، ليس بداعي عفة النواب، بل خوفا من تداعيات اقراره قبل الانتخابات النيابية، ما يعني ان التضحية بالمودعين تأجلت الى ما بعد الانتخابات المفترض حصولها في 15 مايو، مثله مثل ملف استجرار الغاز والكهرباء من مصر والأردن.

ولكن ما هو واضح للنواب، ولو احجموا عن الاعتراف به، ان دولارات المصرف المركزي، تبخرت او كادت، وان كل يوم تأخير في إقرار هذا القانون وغيره من القوانين الإصلاحية، سيؤدي الى استنزاف سريع لما تبقى من أموال المودعين.

ومن هنا كان ارتفاع الصرخة في مجلس النواب وخارجه.. في الخارج الناس تريد أموالها، وفي الداخل النواب بين من يريد إقرار القانون لاقتناعه به، وبين من يريد ذلك استجابة لشروط البنك الدولي، وبين من قلبه على مصير ودائع صغار المودعين، وبين من يريد ترحيل القانون الى مجلس النواب الجديد. اما معارضو القانون فيصرون على ان يأتي متلازما مع خطة تعاف واضحة تمكن المودع من معرفة كم تبقى له من أموال وآلية استردادها ولو بموجب سندات.

صرخة الغضب التي أطلقت من خارج المجلس اثناء انعقاد اللجان النيابية استهدفت منع النواب من تشريع سرقة المال العام، إذ إن 60 مليار دولار ديون المصارف التجارية على المصرف المركزي، كانت مرشحة للشطب، و72 مليار دولار من رأسمال المصارف المحتاجة الى «الرسملة» بحسب خطة التعافي. المصادر المتابعة اعترفت بأن الخسارة وقعت، لكن النواب يعاندون الاعتراف بها، عبر ربط القانون بخطة التعافي. والمصارف تريد قانونا يحميها ويرفع سعرها في مرحلة التصفية وإعادة الهيكلة والرسملة. ونواب خائفون من المصارف ومن المودعين متهربين من الاعتراف بأن الأموال تبخرت او كادت تتبخر.

ولهذا تقول صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله، ان الرئيس ميقاتي ألغى سفره الى واشنطن، تلبية لدعوة مديرة صندوق النقد الدولي للمشاركة في اجتماعات الربيع للصندوق، بعدما تبلغ من الإدارة الأميركية بأن اللقاء الذي طلبه من وزير الخارجية انتوني بلينكن، وغيره من المسؤولين الاميركيين متعذر بسبب الانشغالات الأخرى، ما فهم منه ان المسؤولين الأميركيين غاضبون من عدم قدرة الحكومة الميقاتية على الالتزام بأي نوع من الإصلاحات المطلوبة. المصادر المتابعة، توقعت من جهتها ان تكون قضية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع الكيان الإسرائيلي في طليعة الإصلاحات المطلوبة، من الحكومة اللبنانية العاجزة عن الالتزام، قبل جلاء صورة الانتخابات النيابية.

لكن النائب جورج عدوان، رئيس لجنة الإدارة والعدل استشعر من المماحكات الحاصلة حول قانون الكابيتال كونترول، إرادة للوصول إلى «عفا الله عما مضى، لأنه اذا فتحت الملفات، فما من مسؤول الا وسيصيبه من نتنها عود».

ووفق المحلل الاقتصادي منير يونس، فإن لبنان مقبل على عفو عام، عن أبشع الجرائم المالية المرتكبة في التاريخ الحديث، بعد عفو الحرب الأهلية، لأن مدخرات جيل كامل تبخرت، وليس مؤكدا تعويضها في جيل أو جيلين، اذا بقي النظام الطائفي كما هو.