عقبات الانتخابات: لا علاجات

عقبات الانتخابات: لا علاجات

المصدر: الجمهورية
28 نيسان 2022

كلّما اقتربت المسافة، يضغط الاستحقاق على الجميع أكثر، وتزداد حماوة الشحن الجماهيري وترتفع حدة الخطاب السياسي والسجالات، لِخَطب ودّ الناخب اللبناني وإغرائه للتوجه الى صناديق الاقتراع. وهو الأمر الذي باتَ يشكّل التحدّي الاكبر أمام القوى السياسية والحزبية، في إقناع النسبة العالية من المنكفئين الذين قرروا الإحجام عن المشاركة في هذا الاستحقاق، وفق ما تُجمع عليه الدراسات والاحصاءات الانتخابية. وتضاف إلى هؤلاء المنكفئين، النسبة الأعلى من اللبنانيين، الذين ما يزالون حتى الآن يضعون الاستحقاق الانتخابي في دائرة التشكيك في إمكان حصوله في موعده المحدد، خصوصاً انّ العوامل الدافعة الى هذا التشكيك ما زالت ماثلة في مجموعة العقبات التي لم يحسم علاجها بشكل نهائي بعد، ولا سيما ما يتصل بتسهيل اقتراع غير المقيمين، وبمطالب القضاة والاساتذة وموظفي القطاع العام، اضافة الى العقبة الكبرى المتمثّلة بصعوبة تأمين التغذية بالتيار الكهربائي في يوم الانتخابات لكل مراكز الاقتراع والفرز.

على انّ الأشد خطورة من بين تلك العقبات هي، اولاً، التوتّرات الامنية التي بدأت تظهر في بعض المناطق، والتي تُثار حولها شبهات وغايات خبيثة لدفع البلد نحو فلتان السلاح وإلقائه في ايدي زعران الشوارع على ما حصل في الايام الاخيرة في طرابلس وكذلك في بيروت. وثانياً، الإشعال المريب في هذا التوقيت للفتيل المعيشي عبر تحريك اللعب بالدولار، والضغط على اللبنانيين بالغلاء ورفع اسعار اساسيّات حياتهم. وكل ذلك يجري امام سلطة فاقدة لمعناها، فكل شيء يجري من تحت رجليها، فيما هي لا ترى ماذا يحصل!

واذا كانت المراجع الأمنية والعسكرية قد التزمت بتوفير الحماية للاستحقاق، وفرض جَو من الاستقرار والأمان يرافق العملية الانتخابية في كل المناطق، الّا أن السؤال الذي يفرض نفسه على باب الانتخابات هو: كيف سيُحتوى «التوتير المالي» ويُردَع مُشعلو الفتيل الاجتماعي ويُحبط ما يرمون إليه؟ تجدر الاشارة هنا الى انّ ضخّاً شرساً يجري في هذه الفترة عبر مواقع التواصل الإجتماعي لشائعات تروّج للانهيار ولتحليقٍ مُرعب للدولار؟

وفي موازاة ذلك، يبدو أن هامش الوقت قد أصبح في أضيق حدوده، أمام السلطة الحاكمة، التي عليها تبديد هذه العقبات قبل موعد فتح صناديق المغتربين الذي بات على بُعد أقل من عشرة ايام، وكذلك قبل فتح الصناديق المحليّة في 15 ايار، خصوصاً انّ بقاء الحال على ما هو عليه، واكتفاء السلطة الحاكمة بإطلاق اسطوانة الوعود بإيجاد العلاجات الجذرية لهذه العقبات وغيرها ولكن من دون ان تبادر اليها، يُخشى معه ان تهبّ الرياح الانتخابية في اتجاه احتمالات تهدّد الاستحقاق برمّته، وتوقِع البلد في محظور شديد الخطورة.