الحزب لم يساعد حلفاءه عمداً أو خطأ؟

الحزب لم يساعد حلفاءه عمداً أو خطأ؟

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
18 ايار 2022

السقوط المدوي لحلفاء النظام السوري او للودائع السورية التي قام بعضها في المجلس النيابي منذ العام ١٩٩٢ والتي لم تسقط او تضعف حتى في عز ثورة ١٤ اذار في 2005 وحتى في 2009 التي فرضت الانسحاب السوري من #لبنان يترك علامات استفهام ابعد من مجرد تصويت عقابي من اللبنانيين . فغالبية هؤلاء ليسوا فاعلين تشريعا او خدماتيا ولا يتحركون سوى سياسيا وهذا ما قد يشكل اسبابا كافية لاسقاطهم انتخابيا في مرحلة ما بعد انتفاضة اللبنانيين وانهيار البلد، ولكن مراقبين سياسيين لا يستبعدون ابعادا سياسية مختلفة تتصل بالمحور الايراني السوري وطبيعة العلاقات بين طرفيه اي ايران ونظام بشار الاسد. اذ كشفت العملية الانتخابية بان عدم مد “#حزب الله” هؤلاء بالاصوات التي ترجح فوزهم، باعتبار ان معظم هؤلاء لا يملكون القدرة على الفوز وحدهم فيما ان الحزب الذي اخذ الراية من النظام السوري على اثر انسحاب قواته من لبنان حافظ له على “الوفاء” طيلة الفترة الممتدة من 2005 حتى الان لهذه الهدية الثمينة التي قدمها له بتوفير فرصة تسلم النفوذ من النظام ومقاسمته معه. في الزيارة الاخيرة لبشار الاسد الى طهران ، ثمة من قرأ مدى حاجة النظام السوري الى امداد انقاذ اقتصادي في ظل الاختناق الذي بات يواجهه في الوقت الذي انشغلت روسيا بحربها على اوكرانيا والعقوبات الغربية عليها . ولا يعتقد احد ان روسيا يمكن ان تخلي الساحة السورية لايران لاعتبارات استراتيجية تتصل بمدى اهمية سوريا بالنسبة اليها، ولكن ارتماء الاسد كليا في حضن ايران ومده في اليوم التالي بخط ائتماني لم يكن من دون اثمان يعتبر البعض انها تأتي نتيجة الزيارة التي قام بها بشار الاسد الى دولة الامارات العربية وما يعنيه ذلك من امكان فتح الامارات التي باتت على علاقة تطبيعية مع اسرائيل من ابواب للرئيس السوري للعودة الى الجامعة العربية.

 

عدم مد “حزب الله” حلفائه بالاصوات المساعدة لفوزهم هل كان متعمدا ام لعجزه عن ذلك ؟ لا يستبعد المراقبون ان يكون عامل الثقة الزائدة بالنفس لدى الحزب بان الاكثرية محسومة لصالحه وفق ما جزمت كل استطلاعات الرأي على قاعدة عدم التشكيك اطلاقا باي اختراق للوائحه المباشرة او غير المباشرة مع احتمال فوز اكيد لبضعة مقاعد سنية اضافية نتيجة عدم مشاركة تيار المستقبل في الانتخابات قد اتاحت له التراخي نسبيا على هذا الصعيد .ولكن في هذه الحال يكشف ذلك سوء تقدير في ادنى الاحتمالات وحسابات غير صحيحة. ولكن الاحتمال الاخر الذي لا يستبعده المراقبون هو عدم مساعدة مقصودة من الحزب لحلفائه الاقرب الى سوريا منه، ما يؤدي عملانيا الى قطع اي مشاركة سورية لايران او للحزب في لبنان في اي مفاوضات مستقبلية . اي ان الاسد لن يكون شريكا في لبنان لايران باي نسبة ممكنة حتى لو عنى ذلك من ضمن ما عناه استبعاد حظوظ رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى نتيجة المعطيات المتغيرة في قضاء زغرتا بالذات . واستئثار الحزب بحصة صافية له هي الحصة الشيعية التي لا تخلو من ودائع سورية ايضا الى حد ما ، ولكن لا احد منها خارج سقفه المباشر ومده بسبل الوجود السياسي. وهذا ما سيكون مهما استكشاف ابعاده في المرحلة المقبلة.

 

الوضع مختلف بالنسبة الى التيار العوني حليف الحزب استنادا الى اعتبارات متعددة من بينها عدم اخلاء الساحة المسيحية لحزب القوات اللبنانية . ومن هنا مده بعوامل الدعم ولاحقا بمقاعد تعوم كتلته ومن عكار السنية بالذات على رغم ضعفه في البترون وكسروان المسيحيتين بامتياز . وجبران باسيل يبقى مفيدا للحزب وقد بدا في خطابه على اثر الانتخابات متهما بوجود مؤامرة اميركية اسرائلية تستهدفه مع امتدادات اقليمية بحيث وضع دول السعودية وفق انتقاده قبل يومين لزيارات السفير السعودي وليد البخاري في مرتبة واحدة مع اسرائيل كأنه خطاب قيادي من ” حزب الله” وتحت علم الحزب في حمأة توسع مروحة الرفض اللبناني لنفوذ ايران والحزب . وان يقول مسؤول من الحزب خطابا مماثلا فهذا منطقي ومتماسك في ظل مقاربات الحزب للامور ، ولكن ان يصدر عن باسيل فبدا مقدار التأزم الذي وجد نفسه فيه ومدى حاجته الى انعاشه او انقاذه من حليفه . كذلك وضع التيار العوني مختلف ايضا في ظل الحاجة لعدم مغادرة الرئيس ميشال عون موقعه في تشرين الاول المقبل بخسارة كبيرة مؤثرة على احتمال استمرارية تياره بعد الفشل الكبير لعهده فيما انه لا يزال في امكانه تقديم المساعدة لتياره فيما لا يزال في السلطة . فالفوز العوني على هذا الصعيد يبقى وفق المراقبين انفسهم فوزا بطعم الخسارة في ظل رأب المسافات الذي حققه حزب القوات اللبنانية في الوقت الذي كان يفترض بالتيار قراءة الرسالة واضحة برفض اللبنانيين لخياراته لا سيما انه كابر ازاء فهمه الرسالة التي وجهتها الانتفاضة اليه وحمل عليها ولم يغير قيد انملة في ادائه. فهناك قسم لا يستهان به من اللبنانيين اعطاه فرصة حتى لما ابدل التيار جلده وغير دمه ، لكنه اساء توظيف الرصيد الذي قدم له واستهان به حين انهار البلد كليا تحت ادارته ودمار كل الركائز التي قام عليها الوجود اللبناني والمسيحي تحديدا خلال عقد من الزمن.