لبنان قد يواجه سيناريو العراق بعد «زلزال» الانتخابات

لبنان قد يواجه سيناريو العراق بعد «زلزال» الانتخابات

الكاتب: منير الربيع | المصدر: الجريدة الكويتية
18 ايار 2022

أظهرت النتائج النهائية للانتخابات اللبنانية فوزاً أكبر من المتوقع لقوى التغيير، في حين أشهر حزب الله الذي خسر مع حلفائه غالبيته النيابية، مبكراً، سلاح التهديد، ملوحاً بحرب أهلية، ومعتبراً أن رفض تشكيل حكومة وحدة وطنية قد يعني الحرب.

أظهر إحصاء لوكالتَي فرانس برس ورويترز للنتائج النهائية للانتخابات اللبنانية التي جرت الأحد، أن جماعة حزب الله، المدعومة من إيران، وحلفاءها فقدوا أغلبيتهم بالبرلمان اللبناني في الانتخابات العامة، رغم التغييرات التي طرأت على النتائج مساء أمس الأول وأظهرت صمود حلفاء الحزب المسيحيين في حلبة المنافسة.

وفازت الجماعة الشيعية والفصائل التي تؤيد حيازتها للسلاح بنحو 62 مقعدا من أصل 128 في البرلمان، في تراجع عن الأغلبية التي حققتها عام 2018 عندما حصلت على 71 مقعدا.

حرب أهلية

وفي أول رد فعل للحزب، قال رئيس كتلة الوفاء المقاومة، النائب محمد رعد، خلال استقباله في النبطية احتفالاً بالفوز في الانتخابات، في تصريح عالي النبرة، متوجها للنواب المعارضين للحزب ونواب التغيير: «نتقبّلكم خصومًا في المجلس النيابي، لكن لن نتقبّلكم دروعًا للإسرائيلي ولمن هُم وراءه… لا تكونوا وقودًا لحرب أهلية، نحن متسامحون جدًا، لكننا أقوياء جدًا لنفاجئكم بما لا تستطيعون حتى التوهّم به»! مضيفا «إذا لم تريدوا حكومة وطنية فأنتم تقودون لبنان إلى الهاوية».

وتوجّه رعد الى الفريق الآخر قائلاً: «عليكم التعاون معنا، وإلّا فإن مصيركم العزلة»، مشدّدًا على أننا «نحرص على العيش المشترك، وإياكم أن تكونوا أعداءً لنا، فالسلم الأهلي خط أحمر».

وفي أول انتخابات منذ الانهيار الاقتصادي المدمر في لبنان وانفجار مرفأ بيروت عام 2020، حصد سياسيون إصلاحيون جدد بين 12 و17 مقعداً، وهو ما يمثّل تطورا كبيراً مفاجئاً في نظام لطالما هيمنت عليه جماعات بعينها.

وتمكنت وجوه جديدد من هزيمة مرشحين متحالفين مع حزب الله من عائلات سياسية عريقة، مثل مارك ضو الذي هزم طلال أرسلان، وهو سليل عائلة سياسية عريقة، والذي كان يعد الزعامة الثانية لدى الدروز، كذلك هُزم فيصل كرامي في طرابلس من قبل وافد جديد على الحياة السياسية.

وتضمنت النتائج النهائية رقما قياسيا بفوز 8 نائبات بمقاعد في البرلمان، نصفهن تقريبا من الوافدات الجدد.

«القوات» وجنبلاط

وحقق معارضو حزب الله مكاسب، بما في ذلك حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، وحسب النتائج النهائية، حصل الحزب على 19 نائباً، متجاوزاً التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله بزعامة جبران باسيل الذي حصل على 17 مقعدا.

كما تمكّن وليد جنبلاط من استعادة كل مقاعد الدروز، باستثناء المقعد الذي فاز به ضو، وتم إقصاء أرسلان ووئام وهاب، ليصبح ممثلاً وحيداً للدروز، مما يمنحه قوة في اللعبة السياسية اللبنانية القائمة على الطائفية، والتي تعطي الطوائف ما يشبه حق الفيتو تحت عنوان ما يُعرف بـ «الميثاقية».

 

وتركت النتائج البرلمان معلّقاً ومنقسماً إلى عدة معسكرات، لا يتمتع أيّ منها بأغلبية مطلقة، مما يزيد من احتمالات الشلل السياسي والتوتر الذي قد يؤخر الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها لإخراج لبنان من الانهيار الاقتصادي.

وفي حين أن انتخابات 2018 قرّبت لبنان من فلك إيران التي يقودها الشيعة، فإن هذه النتيجة قد تفتح الطريق للسعودية لإعادة تأكيد نفوذها في بلد لطالما كان ساحة لتنافسها الإقليمي مع طهران.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى تشكيل حكومة شاملة بسرعة من أجل تحقيق الاستقرار في الاقتصاد. في حين قال مدير المركز اللبناني للدراسات، سامي عطاالله، إن ذلك مستبعد.

وأضاف أن المجموعات داخل «البرلمان المستقطب» ستدخل في نزاعات عند انتخاب رئيس البرلمان وتسمية رئيس الوزراء المقبل، والتصويت على اختيار رئيس في وقت لاحق من العام الحالي. وفي حين حافظ حزب الله وحركة أمل المتحالفة معه على سيطرتهما على 27 مقعدا مخصصا للشيعة، فإن الجماعتين فقدتا مقعدين في معقلهما التقليدي بجنوب لبنان.

وقال عطا الله إن ذلك قد يدفعهما إلى اتخاذ موقف متشدد، مضيفا «إنهم لا يريدون أن يكون لديهم أي تصدّع في الجدار».

وتجمعت خلال ليل الاثنين ـ الثلاثاء حشود غفيرة تحمل أعلام حزب الله في وسط بيروت، . وبحلول الصباح، بدا وكأن قبضة عملاقة من الورق المقوى في وسط بيروت أقيمت لأول مرة عندما اندلعت الاحتجاجات ضد المؤسسة الحاكمة قبل 3 سنوات قد تمزقت وأُحرقت.

إعادة انتخاب نائبَين متهمين بانفجار المرفأ تقلق عائلات الضحايا

أعيد انتخاب نائبين لبنانيين متهمين فيما يتعلق بتفجير مرفأ بيروت عام 2020، في أول انتخابات تُجرى منذ الكارثة، مما جعل بعض أسر الضحايا يخشون المزيد من التأخير في تحقيق متعثر في أسباب الانفجار.

ويُلقي كثيرون في لبنان باللوم في الكارثة، التي أودت بحياة أكثر من 215 شخصا، على إخفاقات أمنية ارتكبها مسؤولون سياسيون وأمنيون كبار. وكانت مساءلة أولئك المسؤولين عن الانفجار قضية رئيسية لمرشحي المعارضة والناخبين.

وتظهر نتائج وزارة الداخلية فوز علي حسن خليل وغازي زعيتر، وكلاهما من حركة أمل الشيعية المتحالفة مع «حزب الله»، بمقعدين في جنوب لبنان وبعلبك الهرمل.

ووجهت اتهامات إلى خليل وزعيتر في ديسمبر 2020، لكنهما نفيا ارتكاب أي مخالفة، ورفضا حضور جلسات الاستجواب، متعللين بالحصانة الممنوحة لهما من مقعديهما البرلمانيين.

ولم تُعلَن التهم الموجهة إليهما بالتحديد، لأن التحقيقات سرية.

ووصفت ريما الزاهد، التي توفي شقيقها أمين في الانفجار، وهي عضوة في لجنة تمثل الضحايا، فوزهما بـ «المهزلة».

وقال كيان طليس، وهو عضو آخر باللجنة توفي شقيقه محمد البالغ من العمر 39 عاما في الانفجار، لـ «رويترز»: «نشعر بالقلق والاستفزاز، ولا نريد أن يكون أحد فوق القانون». وصدرت مذكرة اعتقال بحق خليل، لكن لم تنفذها قوات الأمن متذرعة بالحصانة البرلمانية.

وتسببت الدعاوى التي رفعها المشتبه فيهم، ومن بينهم النائبان، ضد القاضي الذي يحقق في الانفجار، في تعطيل التحقيق عدة أشهر.

مع ذلك، قال أقارب الضحايا، إنهم تلقوا دفعة معنوية من فوز مرشحي المعارضة الجدد في بيروت، والذين حصلوا على خمسة مقاعد من أصل 19 في الدائرتين الانتخابيتين بالعاصمة.