مَن أطلق «الانتفاضة الدرزيّة» ضدّ الوجوه التقليديّة وسجّل «انتصاراً ثورياً» في عاليه ؟

مَن أطلق «الانتفاضة الدرزيّة» ضدّ الوجوه التقليديّة وسجّل «انتصاراً ثورياً» في عاليه ؟

الكاتب: صونيا رزق | المصدر: الديار
22 ايار 2022

من اجل توحيد البيت الداخلي الدرزي، وبعد القراءة الجيدة في السياسة اللبنانية والاقليمية، استشعر رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط الخوف على الطائفة، واتجه نحو خصوم البيت الداخلي، ناصحاً نفسه بالانفتاح عليهم، من اجل مصلحة الدروز والجبل اولاً، فاجتمع قبل اشهر بالخصمين، اي رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» النائب طلال ارسلان، ورئيس حزب «التوحيد العربي» وئام وهاب، لبحث ترتيبات البيت الدرزي وتحصينه في هذه الظروف، وقبل موعد إجراء الانتخابات النيابية الاحد الماضي التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع جنبلاط وارسلان، للاتفاق على دعم المرشح مروان خير الدين عن المقعد الدرزي في دائرة الجنوب الثالثة، الامر الذي انتهى بفوز مرشح «الثورة» فراس حمدان.

لكن النتائج في دائرة الشوف- عاليه لم تكن على خاطر ارسلان ووهاب، فيما كانت على خاطر جنبلاط بشكل مرضٍ جداً، اذ كان التنافس يدور بين المرشح عن «لائحة الجبل» طلال ارسلان ومرشح «لائحة توحدنا للتغيير» مارك ضو، الذي فاز بالمقعد وأسقط الاول بعد نيله 11656 صوتاً تفضيلياً، الامر الذي سجّل مفاجأة لم تكن في الحسبان، خصوصا انّ ارسلان كان مطمئناً لفوزه بالمقعد في الجبل، لكن حساباته لم تكن على قدر الواقع الانتخابي.

الى ذلك كثرت التأويلات حول المستجدات التي حصلت ليل 15 ايار، واوصلت مرشح «الثورة» الى المجلس النيابي، وحول هوية من أسقط الوزير السابق وئام وهاب الذي سُدّت الطريق امامه للمرة الثانية، خلال خوضه الاستحقاق الانتخابي على دورتين. فما الذي جرى مع وهاب؟ هل وعده الحلفاء ولم يفوا بوعودهم؟ فيما انتشرت معلومات حول وجود اتفاق من تحت الطاولة، او لعبة انتخابية بطلها جنبلاط الذي اطلق توجيهات لمناصريه للتصويت ضد أرسلان، في وقت كان فيه النائب أكرم شهيب مرتاحاً على مقعده، لكن ونقلاً عن مصادر الحزب «التقدمي الاشتراكي»، فإن بعض الناخبين المناصرين للحزب صوّتوا للتغيير في عاليه ولمصلحة مارك ضو، الامر الذي اعتبره البعض إسقاطاً لطرف ينضوي ضمن فريق الممانعة، خصوصاً انّ ارسلان يُعتبر من المقرّبين جداً من حزب الله الذي لم يعد على علاقة جيدة مع جنبلاط، بل ضمن علاقة ظرفية لا يعرف متى تزول او على الاقل تهتز، خصوصاً في هذه المرحلة، حيث وُزعت الاتهامات في خطابات جنبلاط الاب والابن، ولم توفر حزب الله و»اللطشات»، وبرز الحزب «الاشتراكي» كداعم لـ «الثورة» والحراك المدني ومنفتح على «القوى التغييرية»، لذا ترك الحرية للناخبين الحزبيين لاختيار من يرونه مناسباً في دائرة عاليه – الشوف، فكانت النتيجة سقوط ارسلان وخروجه من ساحة النجمة بطريقة مدوية، بعد ان شغل المنصب النيابي على مدى عقود من الزمن، حيث انتخب عضوا في المجلس النيابي في العام 1992، وأعيد انتخابه أربع مرات كما عيّن وزيراً مرات عديدة منذ التسعينات.

وعلى خط آخر، تلقى ارسلان الدعم غير الرسمي من الحزب «السوري القومي» المنقسم الى قيادتين، فتوزعت اصوات مناصريه على مارك ضو وطارق خيرالله، كما صوّت بعض القوميين لمصلحة المجتمع المدني.

في غضون ذلك، افرزت الانتخابات النيابية في دائرة الشوف – عاليه واقعاً جديداً لناحية دخول نواب من كتلة « تغييرية « الى المجلس من خارج السلطة، والمعركة في الشوف كانت بين جنبلاط والخصم السياسي وهاب الذي يدور سياسياً في فلك الممانعة، لذا استطاع جنبلاط شدّ العصب الدرزي انطلاقاً من هذه النقطة ونجح في ذلك، وتمكن من إيصال معظم مرشحي لائحة «الشراكة والإرادة» الى الانتصار، الامر الذي حقق «الانتفاضة الدرزية» ضد الوجوه السياسية التقليدية، وسجّل «إنتصاراً ثورياً» في عاليه لكن بطريقة خفية…