
سباق محموم على الكرسي الرابع… هل من مفاجآت؟
إلى جانب معركة الاستقطاب التي تجري على رئاسة مجلس النواب، تجري أخرى مماثلة ربما تكون أشدّ قساوة على مستوى نيابة رئاسة المجلس، التي أصبحت ملعباً للبازارات في السياسة والأصوات.
ترسم الجلسة الأولى لمجلس النواب مساراً أولياً لما سيكون عليه مشهد البلد في الاستحقاقات المقبلة التي ستليها، بدءاً من هيئة المجلس ورئاسة اللجان إلى انتخابات الرئاسة وما بينهما تشكيل حكومة والحصص والاتفاقات في داخلها.
وإن كانت رئاسة المجلس محصورة بشخص واحد والمعركة تدور حول عد الأصوات، فإن معركة نيابة الرئاسة تأخذ طابعاً مختلفاً في ظلّ التفتّت الحاصل بين الكتل النيابية، وإذا سارت الأمور كما هو حاصل حتى اللحظة فليس هناك أيّ مرشح لهذا المنصب حاصل على دعم أكثر من كتلتين نيابيتين تؤمنان له الاكثرية في أي حال من الأحوال.
ويبدو أن احتدام معركة أصوات الرئاسة أرخى بثقله على نيابة الرئاسة وأبعد أسماء الأقوياء لمصلحة أسماء أخرى، بدأت تظهر تباعاً، ستستفيد من صراع الكبار لتقطف الموقع الرابع ولقب دولة الرئيس.
حتى هذه اللحظة، لم تقفل الخطوط غير المباشرة بين “التيار الوطني الحر” والرئيس نبيه بري، التي يقودها “حزب الله”، إذ بحسب المعلومات لا سلام ولا كلام مباشر بين بري ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران منذ أشهر، وحتى لم يجر اتصال في مرحلة الانتخابات، على الرغم من اللوائح المشتركة التي جمعت الطرفين، وما زال هناك رهان على توصّل الحزب الى تسوية ما تضمن تصويت جزء من كتلة “التيار الوطني الحر” لبري مقابل مغانم في نيابة رئاسة المجلس ورئاسة اللجان، وإذا نجحت هذه الاتصالات يكون الموقع لمرشح “التيار الوطني الحر”.
ولكن بحسب مصادر قيادية في “التيار الوطني الحر”، إن عدم انتخاب بري ما زال هو رأي التكتل ولا نيّة لمقايضة انتخاب الرئيس بنائبه، وهناك سلة كاملة يطلبها “التيار” عبّر عنها رئيسه إذا تم السير فيها عندها يمكن أن يتغيّر الموقف، والأمور متوقفة عند هذه النقطة.
وفي المعلومات ايضاً، إن باسيل أبلغ الوسطاء وعلى رأسهم رئيس جهاز التنسيق والارتباط في “حزب الله” وفيق صفا أن مرشّحه لنيابة الرئاسة النائب جورج عطا الله وليس الوزير الياس بو صعب كما أثير في الإعلام.
وتردّ المصادر بأن “مسألة اختيار عطا الله هي بسبب التصاقه بباسيل من جهة، وبسبب عدم قربه من بري من جهة أخرى بعكس بو صعب الذي تربطه علاقات وثيقة ببري، إضافة الى علاقات دولية وعربية تجعله في موقع خارج عن السيطرة في كثير من الأحيان”.
وتختم المصادر بالإشارة الى أن “تصلّب باسيل في موقفه من بري، وطرح شخصية لصيقة كالنائب عطا الله سيكون بموقع استفزازي لرئيس المجلس الذي يرى أن باسيل هو بهذا الموقع، وبالتالي سيتشدد أكثر، ما سيؤثر على مكاسب كثيرة يمكن أن يحققها التيار منها نيابة الرئاسة والحضور في هيئة المجلس وفي رئاسة اللجان، وخصوصاً أنه ليس بإمكان باسيل بناء أي تحالف من خارج الثنائي وبالتالي سيكون “التيار” خارج دائرة القرار في مجلس النواب”.
وإن كان “حزب الله” لا يزال يعمل على اتفاق مع “التيار الوطني الحر”، فإن الخطوط بين “القوات” وعين التينة مقفلة تماماً ولا أحد يعمل عليها، فالقوات حاسمة في عدم التصويت، وهذا سيدفع بري إلى ردّ التحيّة لها بنيابة الرئاسة، وكما “التيار”، ليس لدى “القوات” الكثير من الحلفاء لدعمها، فرفض الحزب و”التيار” وحركة أمل تحصيل حاصل، ومثلهم النواب التغييريون الذين لن ينتخبوا حزبياً لهذا الموقع، وهم على خلاف مع مجموعة النواب السنة، باستثناء أشرف ريفي وبلال الحشيمي الحليفين، ولم يرتبوا أوراقهم بعد مع الكتائب والنواب السياديين، وبالتالي لم يبق لهم سوى وليد جنبلاط، الذي بحسب ما علمت “النهار”، لم يعط جواباً بالنسبة لدعم مرشحهم، إذا قرّروا الترشح لهذا الموقع.
ويبقى في هذا الإطار ما جرى الحديث عنه عن إمكانية ترشّح النائب ملحم خلف لهذا الموقع، إلّا أن خلف حتى الساعة أيضاً يرفض الأمر، وهو ملتزم مع زملائه “التغييريين” عدم الدخول في أي مساومات بهدف تحصيل مواقع، ولن يسعى الى هذا المنصب.
ووفق ما تقدّم، بدا واضحاً أن الأسماء التي تصدّرت المشهد فور إعلان نتائج المجلس الجديد، أي الياس بو صعب وغسان حاصباني وملحم خلف، قد تراجعت حظوظها أو انتفت، لتظهر أسماء بديلة، كانت في الظلّ، أولها النائب سجيع عطية، الذي أضحى لديه كتلة من ستة الى سبعة أصوات تدعمه، وهي اتخذت قرارها بدعم بري لرئاسة المجلس، بالإضافة الى اسم الدكتور غسان سكاف، الذي ينطلق من صفته المستقلة وبإمكانه التواصل مع الجميع وهو على علاقة جيدة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يمكن أن يستفيد من اللحظة للدفع به وتحقيق مكسب كبير في السياسة لم يحصل عليه في عز قيادته السياسية لمرحلة طويلة من تاريخ لبنان.