
النافذة الضيّقة: 3 أشهر أمام مجلس النواب
في خطوة تعبر عن ضرورة خروج القوى السياسية من سجالات الربح والخسارة ما بعد الانتخابات وجه مجلس الامن الدولي دعوة الى تشكيل سريع لحكومة شاملة جديدة وتنفيذ عاجل للإصلاحات الملموسة المحددة مسبقا، بما في ذلك الاعتماد السريع لميزانية مناسبة لعام 2022 من شأنها أن تمكّن من إبرام سريع لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، للاستجابة لمطالب اللبنانيين. كان بعض السفراء الاجانب بدأوا بدورهم يتحركون تحت هذا العنوان وكانت لافتة زيارتان قام بهما السفير المصري ياسر علوي في اليوم نفسه الى الرئيس نبيه بري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعدما كان زار الرئيس نجيب ميقاتي واعلن على اثر لقاء بري ” فيما يخص الانتخابات بإعتبارها الخطوة الاولى نحو إعادة تكوين السلطة السياسية وفقاً لمقتضيات الدستور ووفقاً للإرادة الشعبية للشعب اللبناني الشقيق ودعمنا لإستكمال هذه الخطوات والإستحقاقات الدستورية في مواعيدها خاصة انه لا يخفى على احد أننا لا نملك لا في لبنان ولا في المنطقة ولا في الظروف الدولية لا أحد يملك رفاهية اضاعة الوقت. مطلوب استكمال سريع لاعادة تكوين السلطة السياسية وهناك إستحقاقات متتالية لان إعادة تكوين السلطة السياسية هي الشرط الضروري لإتمام عملية الإصلاح والإنتقال بالوضع الإقتصادي الى المكان الذي يستحقه هذا البلد”. واللقاءات او الاتصالات الديبلوماسية البعيدة ايضا عن الاضواء تظهر قلقا عميقا ازاء المرحلة المقبلة وتضغط بداية من ضرورة اعتبار الانتخابات محطة وضرورة الانتقال بسرعة الى تأليف حكومة جديدة . والقلق المتعاظم ازاء ما يمكن ان يؤول اليه الوضع في لبنان مبني على اقتناع بان المجلس النيابي الجديد الذي يقارع مجلس النواب العراقي وما يعنيه ذلك من امكانية للتعطيل يمتلك فرصة او نافذة محدودة الوقت نسبيا للعمل التشريعي . فالاسبوع المقبل يرجح ان يشهد انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس والتي يتم عبرها تسجيل نقاط من كل فريق في مرمى الاخر على خلفية ان القوى السياسية تبقى اسيرة مواقفها المعلنة في الاسابيع القليلة ما بعد الانتخابات . وليس من شك بان الرئيس نبيه بري سيعاد انتخابه في ظل حرص على ان يكون انتخابه من اكثر من نصف المجلس فيما ان المعركة هي معركة رموز تخوضها القوى السياسية علما ان اهمية بري وموقعه انه ضمانة الحوار الخارجي قبل الداخلي مع الطائفة الشيعية في ظل العقوبات على “حزب الله” وتصنيفه ارهابيا من دول عدة
لكن الاهم هو ما بعد اكتمال هذه الخطوة باعتبار ان المهلة المتاحة امام المجلس للتشريع يفترض ان تبدأ فورا من اجل استغلال بضعة اسابيع لا يتخطى عددها ١٢ اسبوعا قبل بدء المهلة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بحيث يتحول المجلس الى هيئة ناخبة ويعجز عن التشريع. هذه الاسابيع بالغة الاهمية من اجل تمرير بعض القوانين المطلوب اقرارها من صندوق النقد الدولي من اجل بدء الحكومة في التنفيذ وكذلك صندوق النقد الدولي. وما لم يحصل ذلك في مدة الاشهر الثلاثة المقبلة، فان الخشية ستكون اكبر اولا من شلل نيابي في مجلس النواب وثانيا من تقييد حكومي في ظل حكومة تصريف الاعمال وثالثا من فراغ في موقع الرئاسة الاولى . فهذا السيناريو الاسوأ على الصعيد السياسي بالنسبة الى لبنان هو الماثل راهنا امام بعض البعثات الديبلوماسية التي لا تزال تهتم بلبنان وتحذره من مغبة الذهاب بسرعة الى هذا السيناريو
هذا هو لسان حال غالبية الديبلوماسيين في لبنان الذين يخشون تضييع فرصة اقرار بعض القوانين سريعا في مجلس النواب في موازاة الخشية من تعثر تأليف حكومة جديدة . ذلك انه في حال لم تستدرك كل القوى لا سيما منها المستقلة او المعارضة القديم منها او الجديد ماهية التخطيط بحكمة للمرحلة المقبلة وتستمر في مخاطبة الشارع فيما هي في المجلس النيابي حيث المطلوب ان تحاور القوى الاخرى ، فان لبنان قد يواجه تعثرا حتميا في تأليف حكومة جديدة. فالاتجاه الى عدم تسمية الرئيس نجيب ميقاتي مثلا وترجيح اسماء اخرى يفتح الباب على احتمال رفض ميقاتي ان يكون رئيسا تسميه قوى ٨ اذار وحدها فيما ان اي رئيس للحكومة سبقه في اشكالية التوفيق بين المواقف الراغبة في تمثيل سياسي مباشر كالتيار العوني الذي تردد ان رئيسه سيصر على وزارة الخارجية له في اي حكومة جديدة ومعه ” حزب الله” مما قد يؤدي الى تسمية بري النائب علي حسن خليل لوزارة المال مجددا ما يجعل من الحكومة صعبة بوجود وزيرين على لائحة العقوبات الأميركية ويتعذر التواصل خارجيا مع الحكومة. وهناك مشكلة ان تبقى الحكومة بمكوناتها الحالية في الوقت الذي تغيرت المعادلة المسيحية على الاقل وبقوة لمصلحة القوى غير التيار العوني الى جانب فوز مستقلين وقوى من المجتمع المدني. وتعقيدات تسمية رئيس جديد للحكومة وتأليف حكومة جديدة والمحاصصة فيها لا تمنع التشديد الديبلوماسي في اتجاه بذل الجهود من اجل عدم تطيير او استبعاد هذا الاستحقاق. اذ على رغم الاقرار بصعوبته فان البعثات الديبلوماسية لن تتهاون ازاء ذلك وسيكون على لائحة تمنياتها او ضغوطها خشية استهانة القوى السياسية بذلك ما قد ينعكس على تطيير الانتخابات الرئاسية كذلك. اذ ان عدم التوافق على تأليف حكومة يعني استحالة التوافق على انتخاب رئيس مقبل والعكس صحيح علما ان بعض القوى قد تهرب من الضغط الديبلوماسي والداخلي كذلك في موضوع الحكومة الى الدعوة الى انتخاب رئيس جديد ثم الذهاب الى حكومة جديدة نظرا لقصر مدة الحكومة بين الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية