
معركة نائب رئيس المجلس: أول «قياس» حقيقي لحجم القوى الخارجة على ائتلاف «حزب الله» – التيار الوطني الحر وحلفائهما
باتت المعركة على رئاسة البرلمان «منتهية قبل أن تبدأ» حيث يُنافِسُ بري نفسَه على هذا الموقع ساعياً مع «حزب الله»- بعدما اختار زعيم «أمل» التخفّف من لعبة مقايضاتٍ مع «التيار الوطني الحر» اعتبرها مضخَّمة و«لا تستحقّ» المقابل «المضمون أساساً بأصوات التيار ومن دونها» – لرفْع أدنى عدد أصوات سينالها شريكه في الثنائية الشيعية منذ 1992 أقلّه لنصف أعضاء البرلمان زائد واحد (65 نائباً) لِما لذلك من بُعد معنوي، إضافة إلى كونه سيفضي لمزيد من «التمويه» حول انتقال الأكثرية البرلمانية من ضفة إلى أخرى وحول هل ثمة مَن يُمْسِك فعلياً بغالبية «دائمة وثابتة».
أما الصورة في ما خص انتخاب نائب الرئيس فما زالت محكومة بضبابية ترتكز على مسألتين:
الأولى تَعَدُّد المرشحين، المعلَنين مثل النائب الياس بوصعب الذي رشّحه تكتل النائب جبران باسيل، والنائب سجيع عطية (قريب من نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس وأعلن تشكيل كتلة من نواب شماليين بينهم قدامى تيار «المستقبل»)، كما المُضْمَرين، مثل النائب المستقل غسان سكاف (البروفيسور ورئيس قسم جراحة الأعصاب والدماغ والعمود الفقريِ في الجامعة الأميركية في بيروت – المركز الطبي)، والنقيب السابق لمحامي بيروت ملحم خلف (من التغييريين).
والثانية هل تحتفظ الأطراف المعنية بالمنازلة على هذا المنصب بـ «أوراق مخفية» لربع الساعة الأخير، باعتبار أن هذه المحطة ستشكّل أول «قياس» حقيقي لحجم القوى الخارجة على ائتلاف «حزب الله» – التيار الوطني الحر وحلفائهما وقدرتها على إدارة تَنوُّعها (بين قوى سيادية وتغييرية ومستقلون) بما يجعلها مؤثّرة في المسارات السياسية المُقَرِّرة، بدءاً من تكوين المطبخ التشريعي ثم ملفي الحكومة والرئاسة.
وبدا الترشيح «الاضطراري» من تكتل باسيل للنائب بوصعب لمركز نائب رئيس البرلمان محاولةً لجذْب بري (الذي لن يصوّت له نواب باسيل) إلى هذا الخيار الذي سيشكّل «حزب الله» رافعةً له وذلك على قاعدة إعلاء أولوية إبقاء «8 مارس» مُمْسِكة برئاسة المجلس ونيابته معاً، في أول «اختراقٍ» لِما سبق أن اعتبره الحزب أكثرية «وهمية».
في المقابل، اعتبرت أوساط مطلعة أن المعلومات عن أن التكتلات السيادية والتغييرية والمستقلة اختارت أن تصوّت أيضاً بالأبيض لهذا المنصب على غرار رئاسة مجلس النواب ليست دقيقة، موضحة أن الاتصالات تستمرّ بين هذه المكوّنات للتوصل إلى تفاهمات.
وإذ كان بوصعب يزور أمس بري في محاولة لتوفير أرضية لـ«فك اشتباك» حول موقع نائب الرئيس بين «التيار الحر» وزعيم «أمل»، فإنّ الأوساط العليمة أبلغت إلى «الراي» أن قوى الغالبية «مع وقف التنفيذ» لا مصلحة لها في «الاستقالة» من معركة نيابة رئاسة مجلس النواب وتسليمها «على طبق من فضة» لـ «حزب الله» وحلفائه، ولا سيما أن هذا الموقع له دور مهم نصت عليه المادة 6 من النظام الداخلي لمجلس النواب في فقرتيها: الأولى وتنص على أنه «يتولى نائب الرئيس صالحيات الرئيس في حال غيابه أو عند تعذر قيامه بمهمته»، والثانية تقول: «إذا تعذر على الرئيس ونائبه متابعة رئاسة الجلسة، يتولى الرئاسة أكبر الأعضاء الحاضرين سنا وذلك بتكليف من الرئيس أو نائبه”.
وترى الأوساط نفسها أنّ حتى اجتذاب كتلة رئيس البرلمان (وهو ما يبقى صعباً) لانتخاب بوصعب – ولو لم يمنح التيار لزعيم «أمل» أصواته – لن يضمن وصول الأول، باعتبار أن «المراعاة» لبري (من الحزب التقدمي الاشتراكي وبعض النواب سواء كانوا مستقلين او من قدامى المستقبل) لا تنطبق على الموقف من باسيل وحزبه، وتالياً ثمة إمكانية لخوض معركة رابحة على هذا الموقع، وسط رصْد إذا كانت عمليات تدوير الزوايا ستتيح وصول خلف الذي لا يمانعه بري أو سكاف الذي قد يشكّل نقطة تقاطُع بين أكثر من طرف سيعتبر كل منهم أن له «حصة» فيه.