“حزب الله” بدأ تنفيذ قرار بالمواجهة… وميقاتي قلق

“حزب الله” بدأ تنفيذ قرار بالمواجهة… وميقاتي قلق

الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار
3 حزيران 2022

تُبدي أكثر من جهة سياسية متابعة لمسار الوضع الراهن على الساحة اللبنانية، مخاوفها من التطورات المقبلة في ظل تنامي حال الانقسام والخلافات، وحيث تذكّر الأجواء في هذه الفترة بحقبة ما بعد العام 2005، يوم كان الصراع محتدما بين فريقي 14 و8 آذار، ناهيك عن أن الاستحقاق الرئاسي يشبه الى حد كبير فترة أواخر الثمانينات عندما كان العماد ميشال عون رئيساً للحكومة العسكرية. هذه الضبابية السائدة تبدّت مشهديتها في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب وبعدها والآتي أعظم. ومن هذا المنطلق عُلم أن لقاءات واتصالات مكثفة جرت في الساعات الماضية على أعلى المستويات بين التكتلات النيابية المعارضة والنواب التغييريين والمستقلين، بغية التواصل والتنسيق وشد العصب لمواجهة التحديات والاستحقاقات المقبلة في ظل الانتقام السياسي الذي أعلنه “حزب الله” جهارا، وهو ما يردده مرجع سياسي بارز أمام زواره، اذ لم يتحمل الحزب خسارة أبرز حلفائه وكان سقوطهم مدوياً، فضلاً عن أجندته المرتبطة بالتوقيت الإيراني، ما يدفعه الى الامساك بكل المؤسسات الدستورية ليناور دعماً لطهران من الساحة اللبنانية.

توازياً، كان اللافت في الاطلالات الإعلامية الأخيرة لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي انه كشف بوضوح ما ينتظر لبنان من صعوبات ومخاوف، مشيراً الى أن كل من التقاهم من زعامات وقيادات عربية وغربية، يؤكدون ضرورة أن يساعد لبنان نفسه وينطلق في عملية الإصلاح. ولعل العامل الذي برز في هذا السياق في الآونة الأخيرة تمثل في عودة “حزب الله” الى التصعيد مجدداً تجاه المملكة العربية السعودية عبر حملات ممنهجة ورسم سيناريوات إعلامية تتناول السفير وليد البخاري، ما يشي بأن الحزب اتخذ قرارا بالمواجهة وأطلق أمر عمليات اعلاميا وسياسيا، وانطلقت ماكينته من ترتيب التحالفات، ولا سيما بين “التيار الوطني الحر” وحركة “امل”، ما ظهر جلياً في انتخابات رئاسة ونيابة رئاسة المجلس النيابي.

وأمام هذه الوقائع يكشف مصدر خليجي بارز لـ”النهار” أن دول مجلس التعاون الست ومن خلال اجتماعات المجلس وفي كل اللقاءات التي حصلت بين القادة الخليجيين، اتفقت على قرار موحد وحاسم، يقضي بتوحيد الموقف من الملف اللبناني أياً يكن الوضع في هذا البلد، بمعنى الاجماع حول كل ما يتناول شؤون اللبنانيين وشجونهم. وعلى هذه الخلفية يخطىء من يظن ان باستطاعته الفصل بين موقف المملكة العربية السعودية وأي دولة خليجية أخرى، أو أن زيارة رئيس جمهورية لبنان أو أي مسؤول آخر الى دولة قطر أو سواها، يمكن أن تغير السياسة الموحدة التي حصل اجماع عليها في كل ما يخص أوضاع لبنان سياسياً وأمنياً واقتصادياً، الى سائر استحقاقاته الدستورية.

ويلفت المصدر الخليجي نفسه الى أنه ليس هناك في الوقت الحاضر أي أجواء تشي بأن التسوية باتت قريبة من أـجل لبنان، أو ان ثمة حراكاً خليجياً لإرساء توافق سياسي، مع الإشارة الى أن المبادرة الكويتية هي خليجية بامتياز وتحظى بتغطية دولية. فالهمّ السعودي تحديداً، والخليجي عموماً، يتمثل في الحد من معاناة اللبنانيين صحياً واجتماعياً، وعلى هذا الأساس كان الصندوق الإنساني ثمرة تواصل وتنسيق بين السعودية وفرنسا، وهذا الدعم مستمر، وهناك معلومات عن تطوير هذا الصندوق نظراً الى ما يشهده لبنان من انهيار اقتصادي وحياتي من شأنه أن يؤدي الى زعزعة الاستقرار الامني والفوضى، مؤكداً أن الأنظار الخليجية والدولية في هذه المرحلة متجهة الى سوريا نظراً الى المخاوف العربية من التغيير الديموغرافي الذي بدأ يعصف بها، وتحديداً من خلال التمدد الإيراني الذي يثير قلق العرب والعالم بفعل تأثيراته الأمنية المقلقة باتجاه الأردن عبر الحدود مع إيران، أو ما يسمى منطقة الجزيرة، ولا سيما في القنيطرة والجولان حيث الجغرافيا تربط طريق بيروت – دمشق. ويتابع المصدر الخليجي أن هناك سعيا واتصالات تحصل على أعلى المستويات مع المعنيين في دول القرار لإنقاذ سوريا التي لها تاريخ عربي كبير ولا يمكن الحاقها بإيران، ولذلك ثمة تشدد خليجي وعربي ودولي حيال هذه المسألة في الوقت الراهن.

ويخلص المصدر الى القول إن الاجماع الخليجي يتمحور حول ضرورة خروج لبنان من دويلة “حزب الله” وسطوته الى رحاب الدولة المركزية والى ذاك البلد الذي لطالما كان قبلة أنظار الخليجيين، وبالتالي كان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان واضحاً عندما أشار الى مسألتين أساسيتين هما “حزب الله” والإصلاح، بمعنى أن يتم وضع حد لتحكّم هذا الحزب بمفاصل الدولة اللبنانية التي أخذها الى المحور الإيراني ومن ثمّ الإصلاح، ومن دون ذلك عبثاً دعم لبنان ومساعدته من أي دولة عربية كانت أم غربية.