طبيب يركل ممرضة… ويهدّدها بالصرف

طبيب يركل ممرضة… ويهدّدها بالصرف

الكاتب: رمال جوني | المصدر: نداء الوطن
3 حزيران 2022

الاعتداء على الممرضة فاطمة يحيى في مستشفى بنت جبيل الحكومي سلط الاضواء على معاناة جيشها الابيض المحروم من مستحقاته التي اقرتها الحكومة، وعلى واقع المستشفى.

ما كانت تريد فاطمة ان تدخل في صدام مع احد، جلّ ما ارادته الدفاع عن حقّها وحقوق جميع العاملين في المستشفى، غير ان رئيس مجلس ادارتها امتعض من تحركهم الاحتجاجي وقرر فضّه، فكانت المواجهة بينه وبين فاطمة التي ذنبها الوحيد انها طالبته «بحقها» لا اكثر. فهي، كما جميع الممرضين والممرضات، لم تحصل على قرش واحد من المساعدة الاجتماعية وبدل النقل الذي أُقرّ.

ركلة فاطمة القاسية من قبل الدكتور ت. ف هزّت الرأي العام، فالسكوت عن الاعتداء قد يجر الى اعتداءات مماثلة وربما الى أسوا، والسكوت عن الحق شيطان اخرس تقول الممرضة غير مصدّقة ما جرى. ما تؤكده أنها لم تُسئ التصرف، ولم تستفزّ المدير، ما فعلته هو فقط «طالبتو بحقوقي، فهل هذا جرم قانوني»؟ وفق فاطمة، فإن تصرف المدير لم يقف عند حدّ الاعتداء، بل هدّدها بالصرف من العمل، وقام بخصم راتبها كله وابقى على يومين فقط، وبحسب قولها: «لم يهتزّ ضميره قيد انملة، ولم يتراجع، وهو ما دفعها لنشر الفيديو على «غروب» الهيئة التأسيسية للممرضين في لبنان، لحفظ حقّها لا اكثر».

صحيح ان الاعتداء حصل في الثالث والعشرين من الشهر الماضي في التحرك الاول للجيش الابيض داخل المستشفى، غير انه دخل حيز التفاعل ما ان نشر الفيديو. وبحسب فاطمة فـ»إننا لم ندخل الاضراب الا لاننا مجبرون، فواقعنا مزرٍ كما حال المستشفى الذي يواجه اسوأ مراحله»، واكثر ما يؤلمها أن من وقف في صفوف الدفاع الاولى ضد «كورونا» يعاقب بالطريقة هذه.

لن يمر الاعتداء على الممرضة مرور الكرام، فهو شرّع الابواب على واقع هذا المستشفى المهمل والمهمش وقد دخل في حالة «كوما» قد تنتهي بإقفاله، ما لم يتم دعمه قبل فوات الاوان.

في الثالث والعشرين من الشهر الماضي بدأ الجيش الابيض في المستشفى تحركاته الاحتجاجية للمطالبة بحقوقه المشروعة التي اقرتها الحكومة اللبنانية، حقوق رفضت ادارة المستشفى صرفها بحجة «خلّي الدولة تدفعها»، وفق ما يؤكد المعتصمون، ممن ضاقوا ذرعاً من سياسة التهميش والتطنيش التي تمارس بحقهم.

لم يتقبل مدير المستشفى الدكتور ت.ف تحرك الطاقم التمريضي داخل المستشفى، المصاب بسرطان الاهمال وسوء الادارة، فركل الممرضة رغبة منه في فضّ التحرك القائم. ركلة قلّبت الرأي العام والرأي الطبي ضدّه، وفتحت الابواب على مشاكل وهموم هذا المستشفى المهدّد بالاقفال، في ما لو استمرت سياسة الاهمال القائمة.

لم يدخل هذا المستشفى الذي بنته قطر بعيد حرب تموز مصاف المشافي المتطورة اسوة بمستشفى النبطية الحكومي، رغم التجهيزات الطبية المتطورة داخله، فغياب الرؤية التطويرية داخله ادى الى ما هو عليه، معظم اقسامه مقفلة، لا ثقة للمرضى فيه، اغلب الادوية غير متوفرة، اما الفحوصات فيضطر المريض لاجرائها في مختبرات خارجية.

لا يتعدى عدد المرضى داخله اصابع اليد، الامر الذي سرَّع انهياره ودخوله غرفة الانعاش، بإنتظار ضخ استراتيجية ادارية جديدة تعيده الى الحياة، وهي خطط يؤكد العاملون فيه انها غير واردة، فالادارة الحالية اسهمت في القضاء على المستشفى الحيوي في المنطقة، وزاد الطين بلة تدهور الوضع المعيشي وباتت ايراداته تصرف فقط على تأمين المياه والكهرباء، فهو يحتاج شهرياً قرابة 60 مليون ليرة للمياه، و30 مليون ليرة للمازوت، للابقاء على قسم غسيل الكلى والطوارئ « شغالاً» وهو ما حرم الموظفين والممرضين من مستحقاتهم التي اعاقت وصولهم للعمل، ودفعهم باتجاه رفع الصوت واعلان الاضراب المفتوح، لتحصيل حقوقهم المادية وحماية المستشفى، ويعولون على ان تكون «صفعة» الممرضة بداية الاهتمام بهذا المستشفى الذي لم يحظ يوماً بأي دعم من وزارة الصحة، بقي على الهامش حسبما يقول الممرضون ممن باتوا يخشون خسارتهم لعملهم نهائياً في ما لو اقفل المستشفى.

اكثر من 130 عائلة مهددة بقطع مصدر رزقها داخل هذا المستشفى الذي يترنح تحت وطأة العجز، فكل اقسامه مقفلة، باستثناء قسمي الطوارئ وغسيل الكلى، فعدد المرضى داخله قليل جداً، بالكاد تجد مريضاً او اثنين، وهذا ما يضعه على سكة الاقفال، ما لم تتحرك وزارة الصحة والمعنيون للمعالجة.

وبحسب احد المعتصمين فإن المستشفى ابقى على غسيل الكلى والطوارئ مفتوحة، «لان هدفنا مطلبي وليس الوقوف في وجه اهلنا، فواقع المستشفى المزري والازمة الاقتصادية فجّرا الوضع، حقوقنا مشروعة ويجب ان ننالها». غير انه يؤكد على اهمية تطوير المستشفى «كي لا نصل الى الاقفال، فأزمة المستشفى خطيرة جداً، تبدأ من غياب الرؤية التطويرية التي دمرت مستقبل المستشفى وتركته يصارع البقاء، مروراً بالادارة الفاشلة، وصولاً الى الحقوق المهدورة، عوامل قد تؤدي الى اقفال احد ابرز المستشفيات في قضاء بنت جبيل.

عند باب المستشفى وقف الجيش الابيض، في تحركهم المستمر، اعلنوها صراحة «بدّنا حقنا وبدّنا نطوِّر المستشفى»، يشير عدد منهم الى حجم الاهمال المستشري في اقسامه، فمعظم الاجهزة اما معطلة او تحتاج الى صيانة، وبرأيهم من أوصل الامر الى هنا الادارة الفاشلة ويفترض تغييرها وان تتدخل الوزارة سريعاً، فـ»الخدمة الصحّ تدفع باتجاه ضخّ النبض مجدداً في المستشفى.

لم يحرّك نواب المنطقة ساكناً تجاه دعم المستشفى رغم ادراكهم جيداً لواقعه ووضعه الصعب ووضع موظفيه في هذه الازمة، اداروا لهم الاذن الطرشاء وبقي الجيش الابيض وحيداً. فهل تتحرك وزارة الصحة لرأب الصدع، ام تتبع سياسة التطنيش؟