خاص: النّاس أعطوكم فرصة فلا تفرّطوا بها

خاص: النّاس أعطوكم فرصة فلا تفرّطوا بها

الكاتب: جورج العليّة
13 حزيران 2022

في ١٥ أيار قال الشّعب اللبناني كلمته بحزم متحدّيًا كلّ المعوقات والشوائب التي سبقت، رافقت، وتلت العملية الانتخابية فأوصل إلى الندوة البرلمانية عددًا من النوّاب التغيريين. نتائج الانتخابات فاجأت الجميع بمن فيهم القوى التغييريّة أنفسهم، وأكّدت للعالم بأسره أنّ هذه القوى، لو أنّها توحّدت بكافة أطيافها الحزبية والمستقلة لكانت شكّلت تسونامي واجتاحت عددًا أكبر من المقاعد وبالتالي قلبت النتائج رأسًا على عقب.

بناءً على ما تقدّم، علينا أن نتعِظ من أخطاء المرحلة التّحضيريّة للانتخابات وإجراء تقييم ولو مبكر إنّما قد يكون تحذيريًّا.

في قراءة أولية لمجريات الاستحقاقات والأحداث التي تلت الانتخابات يظهر جليًّا أنّ النّواب التغيريين الجدد الـ١٣، والذين لا ينتمون إلى أحزاب أو تجمعات إلتقوا ضمن تكتّل واحد وهذه خطوة جيّدة في سبيل الوصول إلى الأهداف المرجوّة. إلّا أنّ الممارسات والمقاربات التي توالت فردية كانت أو جماعية لم تكن حتى الآن على قدر تطلعات شريحة واسعة من النّاخبين الطّامحين إلى التّغيير، ربما لأنّ نشوة النّصر المفاجئ أشعرت بعض النواب الجدد بفائض قوّة وهمي طبعًا لن يستطيعوا من خلاله قلب المعادلات القائمة أو ربما لتمسكهم بمقاربات أثبتت فشلها خلال التّحضير للانتخابات وهي غير صالحة طبعًا لمرحلة ما بعد الانتخابات.

وبعيدًا عن النوايا الحسنة والتي لا نشك بصدقيتها فإنّ على هؤلاء الاعتراف أولًا بحجمهم الحقيقي، وثانيًا بنتائج الانتخابات التي كما أوصلتهم أوصلت نوابًا وكتلًا ليسوا ببعيدين عن توجهاتهم السياسية والاقتصادية والوطنية. من هنا فإنّ مقاربة ” كلّن يعني كلّن” وإن صحّت قبل الانتخابات على طريقة أتركوا الشعب يقرر من يريد أصبحت وبالتأكيد من دون جدوى في مرحلة ما بعد الانتخابات وإذا استمرّ بعض هؤلاء النوّاب بالذهنيّة نفسها فهم من حيث يدرون أو لا يدرون سيكونون نسخة مُنقحة عن بدايات التيّار الوطني التي شيطن فيها كل معارضيه من دون استثناء ليعود وينغمس معهم في محاصصات وتسويات على حساب المبادئ والقيم.

وهنا نقول لا الشَيطنة واقعية ومقبولة بخاصة بعدما قال الشعب كلمته ولا المشاركة في المحاصصات والتسويات هي الحل. المطلوب في هذه المرحلة: العقلانية والقراءة المتأنية للواقع بدقّة وموضوعية من دون أنانيّة وفوقية ولغات خشبية بالإضافة إلى مقاربة الاستحقاقات المقبلة بحنكة وهدوء وروية من دون عقد وبعيدًا عن إلغاء الآخر.

كونوا على قدر المسؤولية وعلى قدر آمال من انتخبكم.

لوحدكم أنتم أقليّة غير مؤثِرة ومع باقي القوى والأحزاب والشخصيّات التغييريّة أنتم أكثرية قادرة. فلا تضيّعوا البوصلة ولا تخذلوا مؤيديكم كي لا تحذوا حذو مَن اِدّعى الإصلاح والتغيير.

النّاس أعطوكم فرصة فلا تفرّطوا بها.