
إقرار بنود اتفاق الصندوق لقاء فراغ محتمل؟
ذهب مجلس النواب الى اقرار احد البنود المطلوبة من صندوق النقد الدولي من اجل وضع الاتفاق المبدئي الموقع معه موضع التنفيذ باقرار قانون رفع السرية المصرفية انما على نحو ملتو وعلى الطريقة اللبنانية بحيث يتفق اكثر من خبير مالي على ان التعديلات التي طاولته تجعله غير فاعل من حيث المضمون . وليس واضحا اذا كان الصندوق سيتكيف مع هذا الاسلوب على قاعدة دفع لبنان الى بدء خطوات اصلاحية ونتيجة رغبة دولية يستغلها اهل السلطة في منع المزيد من انهيار البلد. ولكن البعض يرى ان وضع الخطوة في اطار الانجاز كتعبير عن بدء السلطة تنفيذ التزاماتها هو ما سيؤخذ في الاعتبار مع الضغط لعدم تحوير البنود الاخرى المطلوبة بحيث تفقد هذه البنود مضمونها او يتم تجويفها. وذلك علما ان الصندوق سبق ان تكيف مع ظروف لبنان من حيث مضيه في توقيع الاتفاق المبدئي معه بغض النظر عن واقع انتهاء العهد خلال اشهر قليلة وكذلك انتهاء فاعلية الحكومة التي كانت ستتحول الى حكومة تصريف اعمال بعد الانتخابات بالاضافة الى انتظار نتائج انتخابات نيابية كذلك . ومبادرة المجلس الى ذلك بوصفها بدء خطوات الانقاذ يجعل صعبا عدم ملاقاتها بحسب هؤلاء فيما ان مسؤولي الصندوق لم يتوقعوا اقرار اي بند من البنود المطلوبة قبل بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بحيث بدا هؤلاء على ادراك كامل بانه قد يتعين عليهم انتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتأليف اولى حكومات العهد المقبل قبل بدء العمل على اقرار البنود المطلوبة . كما تفيد معلومات ان استعداداتهم للمرحلة المقبلة اخذت في الاعتبار جملة امور من بينها : اولا احتمال حصول فراغ رئاسي تبعا لتكرار تجربة التعطيل التي امتهنها فريق السلطة قبل وصوله اليها وفي اثناء وجوده فيها ، وهو امر قد يبعد باقل تعديل استكمال الاتفاق مع الصندوق الى اجل غير واضح . ثانيا ان المعطيات التي بني عليها الاتفاق المبدئي الذي تم توقيعه بين لبنان والصندوق ستتغير حكما في ظل التحولات المتسارعة المتصلة بتصاعد الازمة ما قد يوجب اعادة النظر في هذا الاتفاق وتاليا احتمال العودة الى نقطة الصفر . ثالثا ان التعهدات التي قدمها المسؤولون على نحو فردي اي كل من رئيس الجمهورية علما انه يغادر منصبه بعد ثلاثة اشهر ورئيس الحكومة الذي كان على وشك الذهاب الى رئاسة حكومة تصريف للاعمال بالاضافة الى رئيس مجلس النواب، هي فرصة وظفها اصدقاء لبنان مع الصندوق على قاعدة التزام هذه التعهدات . وهي فرصة وحيدة، على رغم كل الاعتبارات المذكورة، بحيث ان من يكفل احدا لدى اي طرف ثالث يصعب عليه ان يكفله مرة اخرى في حال لم يلتزم تنفيذ ما تعهد به بضمانة الكفيل . وهذا كان سيضع من قام بهذا الدور من قادة او مسؤولين في موقع صعب نتيجة الحاجة الى ضمانات جديدة سيطالب بها الصندوق لا سيما ان اهل السلطة في لبنان الذين تصدروا واجهة التحكم بمسار البلد وادارته ابان ذهابه الى الانهيار لا يتمتعون باي صدقية يعتد بها في الواقع.
السؤال الاساسي الذي يبرزه بعض المتابعين يتصل بما اذا كان السعي الى تنفيذ البنود مع صندوق النقد قد يساعد في استكماله حتى في ظل حكومة تصريف الاعمال ستوفر حافزا لاهل التعطيل التقليديين بالمضي قدما بتعطيل اجراء انتخابات رئاسية في موعدها. فهؤلاء لا يأملون الكثير بالضغوط الديبلوماسية في هذا الاتجاه على قاعدة نجاح هذه الضغوط بالدفع الى اجراء الانتخابات النيابية ما قد يشكل تجربة ناجحة لها يمكن اعتماده ا خلال الاشهر المقبلة . ويعود ذلك الى نجاح اهل السلطة في تأكيد ممانعتهم في انقاذ البلد بعد انفجار مرفأ بيروت في ٤ آب ٢٠٢٠ واهتمام الاطراف المشاركين فيها باعادة الاعتبار لانفسهم عبر تحقيق مصالحهم على حساب لبنان واللبنانيين مع نجاح باهر جدا حققوه في نقل الحملات والاتهامات التي وجهها الناس اليهم الى مصرف لبنان والقطاع المصرفي لا سيما انهم كانوا اداروا الازمة منذ ١٧ تشرين الأول بصرف اموال المودعين على دعم صب في اتجاه سوريا التي كانت في وضع أسوأ فامتدت المواد المدعومة كما الدولارات ايضا في الوقت الذي استفادت ايضا المافيات من التجار والمحتكرين وباتت هناك طبقة جديدة كليا من هؤلاء في المولدات والافران والسوبرماركات وما الى ذلك . وفيما يصر رؤساء بعثات ديبلوماسية عدة مؤثرة على ان اجراء الانتخابات يجب ان يتم بموعده لان الوضع في حال اهتراء كلي وأسوأ من اي وقت مضى حتى ايام الحرب الاهلية ، ولان احدا خارج لبنان لا يرى سوى ان يقوم الاطراف السياسيون بواجبهم والا لن يساعدهم احد، فان الشكوك اللبنانية بناء على التجارب السابقة اكبر من الاطمئنان الى ذلك او الى الركون الى اهتمام المسؤولين بما يذهب اليه البلد اكثر من ذلك . فهناك دول تتحدث عن اعطاء لبنان الكثير الكثير بعد انفجار مرفأ بيروت في ظل تعاطف عالمي غير مسبوق ولكن اهل السلطة لم يستفيدوا من ذلك لتوظيف الفرصة التي اتيحت لهم ان عبر الزيارات الديبلوماسية التي تزايدت الى لبنان او عبر المساعدات اليه .
على اي حال، ثمة انتظار اذا كان سيقر المجلس البنود الاخرى المطلوبة خلال شهر آب ام يكتفي ببند رفع السرية المصرفية. لا تترك السلطة المجال لامال كبيرة ولكن سيكون اقرارها بمثابة امر جيد يؤشر بان البلد يوضع على السكة الصحيحة على الاقل . وهذا ما يهم كثر لا سيما في الخارج بعيدا من المناورات السياسية بيعا وشراء ارتباطا بالاستحقاقات الداخلية .