طائرة لبنانية «خرجت عن الموجة» تستنفر مقاتلات «الناتو» في أجواء اليونان. مخاوف من رئيسٍ للبنان… «على الساخن»

طائرة لبنانية «خرجت عن الموجة» تستنفر مقاتلات «الناتو» في أجواء اليونان. مخاوف من رئيسٍ للبنان… «على الساخن»

الكاتب: وسام أبوحرفوش | المصدر: الراي الكويتية
17 آب 2022

أسبوعان يفصلان لبنان عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، وهو الاستحقاق الذي بدأ يحتلّ الحيّزَ الأوسعَ والأوحدَ من الاهتمام السياسي وسط تحميةٍ للاتصالات الداخلية، لجسّ النبض أو محاولة إرساء «مناطق حظر» على مرشح أو آخَر، من دون أن يُنافِسَ تَصاعُد الحمى الرئاسية، ولو على البارد، إلا عصْف الأزمات المعيشية المرشّحة لمزيدٍ من حرْق آخِر الخيوط التي يتعلّق بها الوطن المهشَّم فوق هشيم الانهيار الشامل.

ورغم أن لا أجواء تشي بأن حلول الأول من سبتمبر يعني أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سيدشّن الدعوةَ سريعاً إلى جلسات الانتخاب الذي يملك لوحده «مفتاحها» حتى الأيام العشر الأخيرة الفاصلة عن انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون (21 اكتوبر) إذ يصبح البرلمان بحال انعقاد حُكْمي (حتى حصول الانتخاب)، إلا أن مجرّد حلول الزمن الرئاسي سيكرّس الطيّ الرسمي لكل العناوين السياسية الأخرى وأبرزها تشكيل الحكومة العتيدة التي كانت من «الأضرار الجانبية» للحرب مع كواتم صوت على كرسي بعبدا.

وإذ كان بري أعطى في معرض تمهيد الأرضية لتعديل توجُّهه لافتتاح جلسات الانتخاب في الأسبوع الأول من المهلة الدستورية، إشاراتٍ إلى أن فترة الـ 50 يوماً الفاصلة عن تحوُّل البرلمان هيئة ناخبة حُكمياً لا تعني وقف عمله التشريعي ومسار إنجاز القوانين الإصلاحية المطلوبة من صندوق النقد الدولي لبلوغ اتفاق نهائي على برنامج التمويل بـ 3 مليارات دولار على 4 سنوات، فإنّ الأكيد أن لبنان سينتقل في شهر الخريف إلى مرحلة مختلفة تماماً ستنطبع بالكمائن الرئاسية وربما «الانتفاضات» السياسية العابرة للاصطفافات، رغم الاقتناع بأن «حزب الله» يبقى الأكثر قدرة على التحكم بمسار هذا الاستحقاق الذي «كيفما أَمْطَرَ فإن خراجه سيكون عنده».

وفي ضوء تحرّي الأجواء لدى مختلف الأطراف الرئيسية محلياً، فإن الحِراكُ الذي يزداد داخلياً في الحلبة الرئاسية لا يوحي أن بالإمكان استشراف أفق واضحٍ لانتخاباتٍ لا يزال البعض يشيع حتى أنها قد لا تحمل في 31 اكتوبر نهاية عهد بل تفتتح فوضى شاملة تحوم فوق القصر أو داخله وتعمّ البلادَ القابعة في برميل بارود مالي – اجتماعي، ويمكن أن تكون «من صُنع» الاختناقات المعيشية التي تعتمل «على السكت» كما بصوت عالٍ، أو «موجَّهَة» أو مُنَظَّمة، أو بالحد الأدنى «يُستفاد منها» لتشكل قوةَ الدفعِ نحو «مسار أصلي» خفيّ يحتاج استيلاده إلى العبور في «منطقة نار».

ولا تقلّل أوساطٌ مطلعة من الاتصالات التي بدأت وستُستكمل في الفترة المقبلة داخل كل من معسكريْ «حزب الله» – حلفاؤه وخصومه كما على مستوى الحركة الانعطافية التي أطلقها زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط باتجاه «حزب الله» والتي قد تحمل قراءتها الهادئة استنتاجاتٍ بأنها أقرب إلى «قطع ورقة» سياسية لحظوظ زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية الرئاسية التي يُعتبر رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الكابِح الرقمي و«المسيحي» لها داخل الائتلاف الذي يقوده الحزب.

ولكن هذه الأوساط ترى أن من الصعوبة بمكان التقاطُ «طرف الحبْل» الرئاسي الذي لا يمكن عزْله بأي حالٍ عن المشهد الاقليمي ومقتضياته، وإن كانت تقرّ بأن الديناميات الداخلية هذه المرة تبقى الأكثر حضوراً في تحديد مصير الاستحقاق ومساره في ضوء الأريحية الاستراتيجية لـ «حزب الله» بإسقاطاتها المحلية والتي لا يعطّلها توازنٌ سلبي في البرلمان أفرزتْه انتخاباتُ مايو الماضي ولا يُسْقِط أن حارة حريك تبقى الممر الإلزامي الرئاسي ولو اقتضتْ المرونةُ الذهابَ إلى خيارٍ في التوقيت المناسب لا يمكن إلا ان يكون وفق شروط الحزب وينطلق من عندياته ويكون للآخَرين في الداخل والخارج حق الفيتو عليه.

في هذا الوقت تتأجّج الاهتراءاتُ المعيشيةُ بالتوازي مع تَعَمُّقِ التشوّهاتِ في صورة لبنان، الدولة والمؤسسات وحتى الشركات، وسط مخاوف من أن يتحوّل الواقع الاجتماعي أحد فتائل تحريك الأرض أو ترْكها «تسخن» لتكون أحد العناصر التي توجّه الاستحقاق الرئاسي وفق الإطار المرسوم وتفرض أمراً واقعاً على الجميع.

وفي حين مضى سعر صرف الدولار في تسجيل قفزاتٍ كبيرة في السوق الموازية حيث ناهز أمس 32 ألفاً و400 ليرة، فإن تقديرات سادت بأن المسارَ التصاعدي للعملة الخضراء قد يستمرّ مستفيداً من قرار مصرف لبنان تخفيف النسبة التي يؤمّنها للشركات المستوردة للمحروقات وفق سعر منصة صيرفة (نحو 26300 ليرة) من 85 في المئة إلى 70 في المئة على أن توفّر الشركات الباقي من السوق السوداء، وهو ما تسبب في الساعات الماضية بعودة الطوابير على محطات البنزين وسط عدم وضوح الآلية الجديدة لفتْح الاعتمادات، الأمر الذي يشي بمزيد من موجات التضخّم المفرط «الكاسِر» لِما بقي من قدرة «بقاء» لدى الفئات القليلة «الصامدة» على حافة خط الفقر المدقع.

ولم يكن ينقص «سمعة» لبنان المتآكلة والمتهالكة إلا مشهد مقاتلتيْن من طراز «إف – 16» تعترضان في الأجواء اليونانية طائرة لبنانية تابعة لشركة طيران الشرق الاوسط، كانت أقلعت في 10 اغسطس من مدريد في اتجاه بيروت وذلك نتيجة عدم استجابة الطيار لاتصالات الرادارات الأرضية.

وضجّ لبنان يوم الاثنين بما ذكره حساب «انتل سكاي» على «تويتر» من ان السلطات اليونانية تأهبت بعد تلقيها إشارة من مركز المراقبة الجوية التابع لحلف الناتو في إسبانيا (CAOC Torrejón)، لاعتراض طائرة مدنية طراز Airbuss A321 على متنها 145 راكباً لا تستجيب للاتصالات.

ووفق الحساب (وهو معني برصد حركات الطائرات) فقد كانت هناك محاولات للاتصال بالطائرة، لكن لم يتم تلقي أي رد عبر «الراديو» «الأمر الذي أثار القلق»، فـ «أقلعت مقاتلتان من طراز إف – 16 كانتا في وضع الاستعداد من منطقة سودا الساحلية في اليونان، واقتربتا من الطائرة المدنية تقريباً فوق منطقة أرجوليدا في اليونان أيضاً».

ونشر الحساب مقطع فيديو يظهر مقاتلة تقترب من الطائرة المدنية، مشيراً إلى أن الطيار «نسي تحويل الموجات إلى التردد الصحيح لذلك لم يردّ على أي من المكالمات».

ولم تجد وزارة النقل والأشغال اللبنانية في بيانٍ أصدرته، إلا أن توضح «أن الطائرة المذكورة، كان يقودها طاقم مؤلّف من قائدي طائرة ومساعد، لديهم كل المؤهلات الفنية المطلوبة للقيام بمهامهم المعتادة، وكانو يتواجدون ثلاثتهم في قمرة القيادة خلال الرحلة».

ولفتت إلى «أن الطائرة اللبنانية تواصلت مع سلطات الملاحة الجوية المعنية مرتين عند دخولها الأجواء اليونانية وقد زودت الطائرة بموجات للتواصل كما يحدث كالمعتاد، وبعد فترة وجيزة من دخول الطائرة الأجواء اليونانية، وفي هذه الأثناء اقتربت طائرة من سلاح الجو اليوناني وتواصلت مع الطائرة للاستفسار عن أي طارئ يحدث معها، ولما كان الجواب بالنفي، حيّا قائد المقاتلة اليونانية، الطائرة اللبنانية، التي تابعت مسارها الطبيعي».

لكن الوزارة اللبنانية لم تحدد طبيعة «الطارىء» الذي استدعى تحركاً «غير معتاد» لطائرتين حربيتين يونانيتين بناء على إشارة من مركز تابع لـ «الناتو».