بين لقاءات نيويورك وتقويم صندوق النقد

بين لقاءات نيويورك وتقويم صندوق النقد

الكاتب: روزانا بو منصف | المصدر: النهار
22 أيلول 2022

تكتسب اللقاءات التي عقدها رئيس الحكومة المكلف نجيب #ميقاتي في #نيويورك على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة اهمية كبيرة ليس من واقع التأكيدات على ايجابيات في ملف الترسيم الحدودي مع إسرائيل ، وهذا ليس جديدا فعلا ، بل من حيث واقع حصولها وثانيا من حيث مستواها الديبلوماسي والسياسي الرفيع وثالثا من حيث النتائج المرتقبة . ويتفق سياسيون كثر على اعتبار ان هذه اللقاءات ساهمت على الهامش في تظهير مدى الحاجة الى رئيس للجمهورية يتمتع بمقدار من القبول السياسي الخارجي لكي يستطيع ان يمثل #لبنان ويعلي صوته وهو ما لم يتمتع به الرئيس الحالي الذي قام بخطوة جيدة في امتناعه عن المشاركة في اجتماعات نيويورك هذه السنة نظرا لمدى الانكشاف بين ما كان يمكن الا يعقده من لقاءات وما عقده ميقاتي منها . وهذه الملاحظة لم تكن لتحصل فيما ان اي مسؤول كبير يمثل لبنان في الخارج ايا كان موقعه لولا ان الصراع لم يكن على ذرائع ما يسمى الحقوق والصلاحيات وما شابه فيما بات ملاحظا على الصعيد الديبلوماسي كما الداخلي مدى حاجة لبنان لرئيس للجمهورية يعيد للبنان حضوره الخارجي والعربي ولا سيما من موقعه كرئيس مسيحي لدولة عربية متعددة الطوائف . ولكن على اهمية هذه الرسالة الداخلية في المعطيات السياسية التي تتفاعل في لبنان ، فانها غير محورية في سياق اسئلة مهمة تتصل في شكل اساسي بمدى حصول ضغوط او مساعدة سياسية خارجية للبنان في لقاءات نيويورك من اجل انجاز استحقاقاته الدستورية كما تتصل بمدى القدرة لدى ميقاتي على شراء الوقت لحكومته وللبنان اذا كان هذا الاخير مقبل على شغور رئاسي طويل في ظل فشل علني وواضح في تلبية الحد الادنى من شروط الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وسقوط المهل التي التزمتها حكومة ميقاتي باجراء الاصلاحات قبل موعد الانتخابات النيابية التي جرت في ايار الماضي . ذلك ان الدفع الخارجي الذي ساهم في توقيع صندوق النقد الدولي الاتفاق المبدئي مع لبنان انما حصل على اساس معطيات سياسية واعدة استندت الى اجراء الانتخابات النيابية بموعدها واحتمال انعكاس ذلك ايجابا على التزام انتخاب رئيس جديد وتأليف حكومة جديدة وعلى اساس معطيات اقتصادية معينة ايضا تقضي بالتعهد بالتزام شروط الصندوق وتلبيتها قبل دخول المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد موقع التنفيذ . هذه المعطيات باتت تختصر بان لا الحكومة ولا السلطة ككل التزمت تنفيذ الشروط الاصلاحية المطلوبة فيما ان الوضع الاقتصادي تدهور جدا خلال المدة الاخيرة ولا افق لانتخاب رئيس جديد في المدى القريب .

 

يتكامل التقويم الذي اجراه وفد الصندوق الدولي مع الشق السياسي في ظل امرين : احدهما تنفيذ لبنان الحد الادنى من القوانين المطلوبة للاصلاحات والامر هو الدعم الدولي المطلوب في المرحلة المقبلة والذي يتفاوت بين 6 و8 مليارات دولار لا يستطيع لبنان تأمينها ما لم يضمن تنفيذ القوانين الاصلاحية المطلوبة ولكن ايضا وجود رؤية سياسية واضحة للمرحلة المقبلة تحدد موقع لبنان وسياسته المقبلة . وحين يجول سفير المملكة السعودية في لبنان وليد بخاري مغردا ” ان اتفاق الطائف غير صالح للانتقاء وغير قابل للتجزئة ” فانما الامر معبر في ظل الاعتماد مستقبلا على الدول الخليجية تلازم مجمل هذه الاعتبارات معا اي ان تنفيذ شروط الصندوق لن تكتمل الا بالدعم اللاحق من الدول الخليجية تحديدا اكثر من سواها. اذ ان التعويل على الدول الاوروبية بات صعبا اكثر من اي وقت مضى ايا كانت التعهدات السابقة في مؤتمر سيدر او سواه في ظل التحديات امام هذه الدول . وهذا البعد السياسي مطلوب ايضا من الخارجين رئيس جديد للجمهورية يجسد مرحلة جديدة من النهوض . اذ ان اتفاق الترسيم الحدودي على اهميته فهو ليس للاستفادة الفورية فيما ان الاتفاق مع الصندوق والرؤية السياسية الجديدة للبنان هي المحور راهنا .

التحدي راهنا هو اذا كان هناك شغور رئاسي وفق ما يروج ويشاع او يرجح كذلك ، هل يملك لبنان الفرصة في حال اقر القوانين المطلوبة من صندوق النقد الدولي وماذا لو لم يقرها فهل يعطى فرصة ثانية ام يفقد الفرصة التي اعطاها الصندوق له ومن ورائه الدول المؤثرة . يقول متصلون بوفد الصندوق ان لبنان لا يزال يملك الفرصة بمعزل عن تغيير الوضع السياسي على قاعدة سعى الرئيس ميقاتي للترويج لها الا وهي التكيف مع الوضع السياسي القائم حتى يحين اوان تغييره . ولكن السؤال يبقى كيف يمكنه وقف الانهيار فيما ان كان ذلك مهمة حكومة تصريف الاعمال الحالية التي تألفت قبل سنة لهذه الغاية على قاعدة ان يكون وقف الانهيار هو نقطة الانطلاق للعمل مع الصندوق . وهذا لم يحصل بل ان الانهيار يتواصل ويزداد . وفي ظل الكباش السياسي الذي سيتواصل بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي كما في المدة الفاصلة عن مغادرته موقعه الذي كان يؤمل ان تشكل محطة تغييرية لا سيما اذا انتخب رئيس جديد للجمهورية ، من المفيد ان يحظى اللبنانيون كما الخارج باجوبة عن هذه الاسئلة حول كيف يمكن شراء الوقت ولما يحصل ذلك اذا كان البلد تتفكك مؤسساته وتتحللل مع تعاظم المخاوف من الرهانات على وضع الجيش في مواجهة الناس المنتفضين على الواقع الاذلالي الذي يفرض عليهم .