الرئيس العتيد هديّة الميلاد وحرب تصفية الحسابات بدأت…

الرئيس العتيد هديّة الميلاد وحرب تصفية الحسابات بدأت…

الكاتب: وجدي العريضي | المصدر: النهار
7 تشرين الأول 2022

عادت الضبابية لتخيّم على الوضع الحكومي وتأخذ في طريقها الاستحقاق الرئاسي بعدما بات محسوماً من خلال ما يسرّب، أن الانتخابات الرئاسية قد تكون هديّة الميلاد لا قبلها إلا إذا نضجت الاتصالات الدولية – الإقليمية وأنتجت تسوية وعندها تأتي اللحظة المؤاتية ليُنتخب الرئيس العتيد للجمهورية في ظل معلومات عن كثافة اتصالات تجري بين مثلث واشنطن – باريس – الرياض، بعيداً عن الأضواء. ذلك ما يفضي به أحد السياسيين العائدين من العاصمة الفرنسية بعدما التقى بأكثر من مسؤول في الإليزيه وتأكّد له بالملموس مدى الاهتمام الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالملف اللبناني. ويُنقل عن لسان سفير فرنسي سابق في لبنان، أن ماكرون يولي مسألة انتخاب رئيس الجمهورية عناية خاصة، وكما أصرّ على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها فهو حريص على أن ينسحب ذلك على انتخاب الرئيس الجديد، وهذا ما تمّ إبلاغه لمرجعيات رئاسية وسياسية لبنانية عبر جولات السفيرة آن غريو التي أبلغت من التقتهم حتى الآن من كبار المسؤولين بضرورة الإسراع في إجراء هذا الاستحقاق في موعده الدستوري المحدّد، ويؤكّد من التقاها حسمها وحزمها في التحذير من مغبّة حصول شغور رئاسي وإلا فستكون كلفته باهظة على لبنان في ظل معلومات عن لقاء فرنسي – سعودي سيُعقد قريباً لمتابعة ومواكبة هذا الاستحقاق والملف اللبناني عموماً من روحيّة ما تضمّنه البيان الأخير بين الطرفين، الذي حدّد مواصفات الرئيس العتيد.

في السياق، السؤال الكبير: هل تحديد رئيس المجلس النيابي نبيه بري الجلسة الثانية لانتخاب الرئيس منتصف الشهر الجاري، مبنيّ على معطيات وصلت إليه مؤدّاها أن هناك أجواءً إيجابية توافقية قد تفضي الى انتخاب الرئيس؟ هنا تؤكد مصادر سياسية عليمة لـ”النهار”، أن هذه الجلسة ستكون على غرار الأولى أي لا رئيس بل “بلوك جديد”، مع تقلص الأوراق البيضاء وربما مفاجآت على صعيد المرشحين القدامى والجدد، حيث ستكون اللعبة مفتوحة على كل الاحتمالات، إذ عُلم أن “حزب الله” ما زال “يداوي” خلاف حليفيه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وزعيم تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية دون حصول أي خرق، وبالتالي ما زال الحزب على موقفه لناحية عدم إبلاغ دعمه لكل من باسيل وفرنجية، فيما ثمة أجواء موثوقة عن لقاء حصل بمسعى من رجل أعمال شمالي معروف جمع رئيسي البرتقالي والمردة ولكن بقي باسيل على شروطه إذ طالب بأن يسمّي مقابل دعمه لفرنجية حاكم مصرف لبنان ورئيس مجلس القضاء الأعلى وقائد الجيش، وفي المحصّلة لم يقبل فرنجية وبقي التباعد سائداً بين الرجلين.

وتردف المصادر لافتة إلى أنه حيال هذه المؤشرات ليس ثمة انتخابات رئاسية إلا في حال حصول عجيبة خارجية وداخلية، لأنه لا يمكن التوافق على أي مرشح رئاسي إلا بقبّة باط دولية إقليمية وحتى الآن لم تتوفر هذه المعطيات، ولكن العالمين ببواطن الأمور يؤكدون أن ما يسمّى المرشحين الطبيعيين باتوا خارج السباق الرئاسي، وبناءً على ذلك ثمّة أكثر من إشارة خارجية تصبّ في خانة الرهان على قائد الجيش العماد جوزف عون لدواعٍ أمنية وتجنّباً للفوضى وتحريك الشارع وأيضاً للخروج من الاصطفافات وتمترس فريقي 8 و14 آذار السابقين كلٌ في وجه الآخر، ما قد يفرض اللجوء إلى مرشح توافقي إن لم يأت قائد الجيش، أي إن كل السيناريوهات مطروحة والاستحقاق يدور في حلقة مفرغة في ظل الستاتيكو القائم حالياً، ولكن عوداً على بدء فالمساعي تتفاعل دولياً وثمة حسم بأن فرنسا، بالتناغم مع الرياض وبتفويض أميركي ودولي، ستأتي برئيس جديد للجمهورية عندما تستوي الطبخة ويتم تجاوز بعض العقبات الإقليمية التي بدورها تزيل الاصطفافات على الساحة اللبنانية.

ويبقى أخيراً، أنه في موازاة الحراك الدولي فإن تصفية الحسابات بين المكوّنات السياسية المحلية جارية على قدم وساق من اللاعبين المخضرمين، وتحديداً من قبل رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بحيث يخوضان معاً معركة القصف السياسي والتنقير المستمر على رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب باسيل، ذلك انطلق عبر بري أثناء ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر في صور واستمرّ عبر نواب وقياديي حركة أمل، ليتابعه جنبلاط في حواره المتلفز الأخير، وبالتالي هذه المعارك تجري على ضفاف الاستحقاق الرئاسي لقطع الطريق على المرشح البرتقالي للجم شروطه التي يصرّ عليها حكومياً ومن ثمّ التعيينات ما بعد انتهاء ولاية عمّه. وفي غضون ذلك، فإن اللقاءات التي تجري بين حزبي القوات والاشتراكي والتغييريين والتجدد والمعتدلين جارية على قدم وساق، وقد يكون لها مفعولها ودورها على صعيد خلط الأوراق الرئاسية.