خاص- قانون الكابيتال كنترول بين الجهل والتجاهل…

خاص- قانون الكابيتال كنترول بين الجهل والتجاهل…

الكاتب: محمد الفحيلي | المصدر: Beirut24
24 تشرين الثاني 2022

كتب خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد الفحيلي لموقعنا:

نحن بحاجة إلى “قوانين” وليس “قانون واحد” لإنتظام العمل في القطاع المالي اللبناني.

ما تلهينا به مكونات الطبقة السياسية اليوم تحت مظلة “قانون الكابيتال كنترول” هو لإضافة الضباب والضبابية على ما يعاني منه لبنان اليوم. العناوين العريضة التي يتم مناقشتها خلال اللقاءات النيابية المتكررة للمناقشة من أجل إنتاج قانون الكابيتال كنترول هي:

1. تنظيم العلاقة بين المودع والمصرف،

2. تنظيم دخول وخروج رأس المال من وإلى الداخل اللبناني،

3. وإبراء ذمة المصارف من كل الإرتكابات الغير القانونية التي مارستها المصارف وفُرِضت عليها منذ إنطلاقة الأزمة في تشرين من سنة ال 2019.

من الخطأ ومن المستحيل الوصول إلى إنتاج قانون واحد يعالج هذه العناوين الثلاثة؛ ولهذا السبب لن يبصر النور هذا القانون وكل ما ينجز من خلال هذه اللقاءات هو لتحصيل مكاسب سياسية ليس إلا!

الأهم اليوم، هل لبنان بحاجة إلى تشريع على جميع هذه النقاط؟ الجواب المختصر هو “كلا”!

لجهة تنظيم العلاقة بين المودع والمصرف، إنه شأن السلطة النقدية والوصول لهذا الهدف يتطلب فقط إعادة العمل بوسائل الدفع المتاحة من خلال القطاع المصرفي (بطاقات الدفع والإئتمان، والشيكات والتحاويل) والقوانين التي ترعى هذه العلاقة وتؤمن البنية التحتية القانونية (قانون النقد والتسليف، وتعاميم مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف) لتقديم هذه الخدمات موجودة ومتوفرة. إنه أيضاً الممر الإلزامي لإعادة الحياة إلى القطاع المصرفي وبذلك تكون إنطلاق عجلة ترميم الثقة بين المودع والمصرف (وليس المصرفي). توفر رأسمال في ظل فقدان الثقة لن يجدي نفعاً!

المحور الثاني، تنظيم دخول وخروج رأس المال من وإلى الداخل اللبناني، هو لزم ما لم يلزم اليوم في لبنان. الحد من خروج رأس المال اليوم قد يواجه بالحد من دخوله من قبل الجهات الخارجية. خروج رؤوس الأموال قبل وبعد إندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية في ال 2019 كان يهدف إلى تهريب رؤوس الأموال وكان يتوجب على السلطة السياسية التصرف بسرعة للحد منه آنذاك. طلب مصرف لبنان من المصارف في إحدى مواد التعميم الأساسي رقم 154 العودة إلى تموز 2017 والطلب من عملائها وحثهم إلى إعادة بين 15% و 30% من ما أُخرج من أموال. في تفاصيله يشير هذا التعميم من السلطة النقدية أن الأزمة لم تنطلق في تشرين 2019! أما اليوم حركة رؤوس الأموال، ذهاباً وإياباً، يهدف إلى تمويل أنشطة إقتصادية تعود بالمنفعة للإقتصاد اللبناني المنكوب ويتوجب على المُشرغ تسهيلها وتمكينها.

أما المحور الأخير، إبراء ذمة المصارف من كل الإرتكابات الغير القانونية التي مارستها المصارف وفُرِضت عليها منذ إنطلاقة الأزمة في تشرين من سنة ال 2019، فيجب الفصل وبوضوح بين إبراء ذمة “المصارف” و “المصرفي”. من المستحيل الوصول إلى ضخ رأسمال جديد ونظيف في مؤسسات تعاني وتتخبط بكم هائل من الدعاوى القانونية ضدها. أخطاء المؤسسات المصرفية تُعالج من قبل لجنة الرقابة على المصارف، وإرتكابات المصرفيين الغير قانونية تعالج من خلال القضاء المختص. وإذا كان لبنان بحاجة إلى قانون لإقرار ذلك، فيجب أن يكون إحدى مواد قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي وليس ضمن مواد قانون الكابيتال كنترول.