أسئلة محرجة في جوهر أداء نيابي معيب

أسئلة محرجة في جوهر أداء نيابي معيب

الكاتب: روزانا بومنصف | المصدر: النهار
25 تشرين الثاني 2022

تثير شريحة واسعة من النواب عبر أدائها في جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية شعور الكثير من اللبنانيين بالخجل، لكونها تمثل لبنانيين انتخبوهم إبان أكبر أزمة انهيار مالي واقتصادي وواقع مصيري من أجل المساعدة في إنهاض البلد، فيما يتسلّون بوضع أسماء بعضها يوجّه رسالة إهانة إلى موقع الرئاسة الأولى.

مخجل ومعيب ومهين كذلك، نواب يتلهّون بالوقت الضائع ويتسلّون بمآسي البلد غافلين عن مسؤولياتهم في ما أوصلوا البلد إليه، وفي عجزهم عن تقديم الحلول المعروفة أصلاً منذ ثلاث سنوات، فيما بات القاصي والداني يعرف الطريق الذي لا يسلكونه وينظّرون على الناس بإطلاق مواقف تتسم بالغباء والمكابرة في ظل شعارات ومصالح شخصية لا صلة لها بمصلحة البلد والناس. لم يطّلع النواب أو المجلس النيابي ككل على التقرير الأخير للبنك الدولي الذي يكرّر منذ ثلاث سنوات حجم ومدى الانهيار وتبعاته، أو ربما ضمّوه إلى سائر التقارير الدولية والمواقف الخارجية فحسب في الجوارير أو سلة النفايات ما يجعل منهم غير مؤهّلين لمواقعهم ومسؤولياتهم.

توجّه نخب البلد من القانونيين انتقادات شديدة، أولاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يمكن أن يرغم الجميع في الجلوس للتحاور من أجل الاتفاق من خلال دعوته كتلته إلى البقاء وعدم مغادرة الجلسة، وتالياً عدم رفعه الجلسة بمجرد انتهاء التصويت وفرز الأصوات. ففي ظل دعوته إلى الحوار، لا يزال بري الأكثر قدرة ومن الأكثر تعويلاً عليه من سفارات أجنبية، عربية أو غربية كانت، من أجل كسر الحلقة المفرغة التي تدور فيها مهزلة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية وإدارته مناقشات على هامش هذه الجلسات العقيمة أو في الكواليس من أجل أن يكون للمجلس النيابي الدور المطلوب الذي لا يقوم به في الواقع. فالنواب الجدد ومن يرفع شعار الاستقلالية يكادون يدفعون الناس إلى الترحّم على الأحزاب ويفوّت هؤلاء هذه النقطة من خلال مزايدات ليس واضحاً إن كان من انتخبوهم يفهمون مغزاها أو أنهم انتخبوهم من أجل تمايز عميق لا يعرفون كيفية إبرازه ويحتاجون إلى “فت خبز” كثير قبل أن يدركوا كيفية التصرف، فيما البلد لا يتحمّل ترف انتظار أن يتعلموا السياسة.
تودّ بعض العواصم المؤثرة لو ترى النخب في البلد من وسائل إعلام ونخب المجتمع المدني وعموم الناس يضغطون على الأحزاب وعلى مجلس النواب من أجل التحلّي بالمسؤولية على وقع جملة تساؤلات. كيف يستطيع “حزب الله” أن يفرض رئيساً للجمهورية في لبنان فيما أهل إيران نفسها يثورون على السلطة فيها، والرياضيون الإيرانيون في مونديال كرة القدم في قطر أو في مباريات دولية أخرى يتحدّون الفرض الإيراني أياً يكن؟ وتالياً ما الرسالة التي يجب أن يتلقفها المسيحيون خاصة في لبنان إن كان لـ”حزب الله” الرئيس الذي يريده بغضّ النظر عن مواصفاته؟ وهل دورهم حماية ظهر الحزب فحسب؟

هل يغيّر رئيس التيار العوني رأيه حين يرى أن مقترحاته لا صدى لها فيوفّر الغطاء المسيحي لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية بناءً على ضمانات من الحزب حليفه بوعد أن يعمل على انتخابه في المرة المقبلة أو شيء من هذا القبيل، علماً بأن الحزب بعد الانتخابات النيابية الأخيرة بات عاجزاً عن إعطاء ضمانات أو وعود من هذا النوع؟
هل يستمرّ نواب التيار العوني الرافضين لتسلط رئيسه وإدارته اللعبة السياسية في الانصياع لهذه اللعبة، أم يتمرّدون عليها بالخروج عليها وتبنّي نهج جديد؟

هل يستطيع أن يأمن جبران باسيل لتفاهمات تضمن له مواقع في السلطة إبان ولاية أيّ رئيس مقبل، أم ينبغي عليه أن يخشى نقضاً لها أو انقلاباً عليها بعد بضعة أشهر كما فعل هو بانقلابه على تفاهم معراب وبالتسوية مع الرئيس سعد الحريري؟

إن كانت هناك صفقة مع الدول الغربية من ملحقات اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل أن يُنتخب رئيس للجمهورية يرتاح إليه الحزب، الذي يسري أنه حصل على موافقة الدول الغربية على مرشحه، فهل ينتظر الحصول على موافقة المملكة السعودية أم ليس في حاجة إلى موافقتها؟ وهل أيّ صفقة حتى مع الغرب يمكن أن تجد طريقها إلى التنفيذ إن كانت السعودية غير موافقة؟

هل تضطرّ بكركي للموافقة على أي مرشح إن حصل على توافقات فريق، لنَقُل إنه فريق 8 آذار من دون سائر الأفرقاء الآخرين، ولن يقف في وجهه تحت وطأة مخاوفه من استمرار الشغور الرئاسي، أم هي تعمل من أجل مرشح تراه هي المناسب؟ وهل ترى أن مؤتمراً دولياً من أجل لبنان لا ينقل انتخاب رئيس جديد للجمهورية إلى الخارج، فيفرض على الداخل عندئذ أم ماتت الفكرة بسرعة وفق ما ترى مصادر ديبلوماسية؟
هل سيكون موقف رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع محرجاً إن أمّن النصاب لجلسة انتخاب سليمان فرنجية رئيساً وإن لم ينتخبه فيما يُلام لاختياره التفاهم مع ميشال عون في 2016 وانتخابه رئيساً التفافاً على ترشيح الحريري فرنجية آنذاك، وسيكون مسؤولاً عن إتاحة انتخاب فرنجية إن حصل ذلك أم يؤدي لقاء المصالح بين التيار العوني والقوات اللبنانية إلى تزكية مرشح ثالث؟ وهل احتمال التلاقي بين جعجع وباسيل أصعب من احتمال التلاقي مع فرنجية، أم أن هذا التلاقي بين الأخير وجعجع ممنوع بخطوط حمر تمنع إضعاف رئيس التيار العوني؟

هل من الشروط على الرئيس المقبل أن يكمل من حيث ترك ميشال عون في أسلوبه تجويف اتفاق الطائف تحت عنوان الدفاع عن صلاحيات الرئاسة الأولى؟ وهل المطلوب رئيس دمية أو واجهة برئيس ظل كما حصل في الأعوام الماضية؟

هل المطلوب من الرئيس المقبل إعادة سوريا إلى لبنان مقابل إعادة الانخراط السياسي لدول الخليج في لبنان مجدّداً على خلفية أن لبنان أسير النظام السوري وطموحاته بالحصول على التعويم كذلك؟

هل الطعون عن المجلس الدستوري ترجمة لموازين القوى في السلطة، كما تصويت لبنان في مجلس حقوق الإنسان رفضاً لإدانة إيران؟

يُخشى أنه لم يبق شيء من لبنان ولا شيء يدحض ذلك.