“هيستيريا” الـ 15 ألفًا للدولار الواحد.. كيف ستدفع القروض وهل ستتأثر السوق السوداء؟

“هيستيريا” الـ 15 ألفًا للدولار الواحد.. كيف ستدفع القروض وهل ستتأثر السوق السوداء؟

الكاتب: مالك دغمان | المصدر: الافضل نيوز
1 شباط 2023

يتساءل اللبنانيون اليوم عن تثبيت قيمة العملة الوطنية مقابل 15 ألف ليرة للدولار الواحد الذي أعلن عنه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ومع أسعار الصرف المتعددة من السعر الرسمي إلى منصة صيرفة، الدولار الجمركي أو السوق السوداء الذي ومع كل تعميم لحاكم المركزي يهبط ويعاود الارتفاع بشكل هستري ما يخلق الفوضى في السوق من ناحية المبيع والشراء، يتأثر المواطن اللبناني أولاً الذي يسمع عند ارتفاع الأسعار “وحياة أختي اشتريت البضاعة لما كانت على سعر صرف الـ 60 ألف”.

لفهم هذه المعضلة الاقتصادية وتشعباتها بشكل أبسط يمكن العودة إلى العام 1984 حيث عرف لبنان تجربة خفض لسعر صرف عملته، نشأ عنها تضخم هائل، وترتبت عليها كلفة اجتماعية فادحة. وقد انتقل سعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية من 6,8 ل.ل./ د. في نهاية العام 1984, الى 1838 ل.ل./ د، بنهاية العام 1992. وارتفعت الاسعار بنسبة 11 ضعفاً بين هذين التاريخين، وانخفض الحدُّ الادنى للأجور مما يعادل 242 دولاراً في العام 1983 الى 64 دولاراً في العام 1992.وجرى بنهاية العام نفسه، تثبيت سعر الصرف الاسمي للعملة اللبنانية. ونجم عن ذلك خفض لمعدلات التضخم. وقد بلغ معدل التضخم الوسطي لحقبة 1994-¬ 2001, 5,3 % سنوياً.

في الشكل الدراماتيكي للأحداث فهناك تشابه واضح أما في الظروف فهي مختلفة.

يقول اللبناني عن فترة 1984 “كان في غلاء وكان في حرب بس كان في مصاري وكنا عايشين”. اليوم لم يعد المواطن قادرًا حتى على شراء الأساسيات والاستمرار خاصة بعد اختفاء الحدِّ الأدنى للأجور، انهيار الدولة اللبنانية بكل قطاعتها، عجز سياسي واضح، تخبط كبير بين الساسة وتقاذف للمسؤوليات.

ما يهمُّ اللبنانيُّ جملة من الأسئلة:

هل هو السعر الرسمي؟

هل ستتأثر السوق السوداء؟

كيف سأدفع مستحقات القرض للمصرف؟

هل يحتاج هذا القرار لمشروع قانون من مجلس النواب؟

دولار الـ 15 ألفًا ليس رسميا؟

موقع “الأفضل نيوز” حمل هذه الأسئلة وطرحها على الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي الذي، “استغرب لدولار الـ 15 ألفًا أن يكون رسميا في ظلِّ وجود العديد من الأسعار الرسمية وهذا ما ينم عن تخبّط وتعثّر كبير للسياسية النقدية في لبنان”، وأضاف، “الواقع المفروض اليوم ما هو إلّا حصاد واضح لما زرعه المصرف المركزي منذ عام 1993 من تطبيقات “منحرفة” للسياسيات النقدية المتعارف عليها دوليًّا خصوصا عندما اعتمد سياسية تثبيت سعر صرف الليرة اللبنانية مع استعمال نسب الفوائد المرتفعة جدا من أجل تحقيق هدفه بمعزل عن عمل سوقي النقد والقطع وكأنه طبّق الاقتصاد الماركسي لأنه كان يحدد مركزيًّا سعر صرف الدولار وكذلك الأمر بالنسبة للفائدة أي ثمن النقد بمعزل عن تفاعل قوّتي العرض والطّلب في سوقي النقد والقطع في لبنان”.

بتعريف سريع للاقتصاد الماركسي هو أحد أركان الماركسية الثلاثة الذي كتبه كارل ماركس نتيجة النقد والتأثر بالاقتصاد السياسي الانجليزي، حيث يقوم بدراسة التطور الاقتصادي وتطوراته عبر منظور المنطق الجدلي، ويعتبر ماركس أنَّ كل تطور في العلاقات الاقتصادية يخضع لقوانين الديالكتيك، معطياً مثل وحدة صراع المتناقضات في بيئة الاقطاعي والفلاح، التي تستمر لبدء مفعول تحول الكم إلى كيف بالثورة البرجوازية، ومن ثم يتم نفي النفي ليظهر لاحقا العامل ورب العمل.

يُعتبر الاقتصاد السياسي أحد أركان الماركسية وأهم ما كتبه كارل ماركس في حياته، ورغم أن الدول العظمى تعتمد تحليل ماركس للازمات الاقتصادية، الا أن الاقتصاد السياسي الماركسي، لم يطبق إلاّ في الدول الشيوعية.

بالعودة إلى لبنان ودولار الـ 15 ألفًا اعتبر الدكتور يشوعي أن، سياسة التثبيت النقدي لا تزال مستمرّة بواسطة منصة صيرفة فهي انتقلت من 12 ألف ليرة للدولار الواحد ومن ثم إلى 38 ألف أمّا اليوم من المرجح أن تصل إلى سقف الـ 45 ألفًا”. وتابع، “بالنتيجة السوق الحقيقية لن تتبع بالسياسيات التي وصفها “بالمنحرفة” التي وضعها رياض سلامة، بل الأخير هو مضطر أن يلحق سياسية السوق الموازية”. واستطرد، “نحن اقتصاد “سوق وحر” والأجدر من رياض سلامة بدلا من التفريط بكل هذا الكم من الدولارات عبر تثبيتها بأسعار متفاوتة بين 8 و12 ألفًا كان من المفروض إنشاء سوق حرّة للصرف الحرّ مع هامش تقلّب واسع، ومهمة سلامة ضبط إيقاع التقلّب في الهامش الواسع بواسطة تدخلاته وليس عبر أسواق موازية “مبتكرة ومنحرفة”.

هل ستتأثرُ السوق السوداء؟

يرفض الدكتور يشوعي تسمية السوق السوداء بهذا الاسم ويشدّد على أن، “أسواق رياض سلامة هي السوداء فصيرفة هي جريمة مالية ترتكب بحق اللبنانيين وهي مصدر لتحقيق الأرباح غير المشروعة، وامتداد لسياسة التثبيت النقدي “الفاشلة” و “المكلفة”.

أما عن علاقة الـ 15 ألفًا وسعر الصرف في السوق الواقعية كشف يشوعي أنّ، “علاقة ازدياد الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية وكمية أموال المودع ستظل نفسها، لأن سقف السحوبات بالدولار سيتراجع للتخفيف من تضخم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية ولعدم تأثر العملة الوطنية سلبا”.

كيف ستدفع القروض؟

الخبير الاقتصادي الدكتور إيلي يشوعي تحدّث بإسهاب عن موضوع القروض وأصرّ على أنه، “كل ما هو دولار يجب أن يعاد بشيك دولار، أمّا عن القروض بالليرة اللبنانية فتُدفع بالليرة وعلى سبيل المثال لا الحصر إذا كانت قيمة التسديد هي مليون ليرة أو ما يعادل الـ 675 دولارا قديما والتي أصبحت اليوم تساوي بضع دولارات ترد للمصرف مليون ليرة”، وأردف، “المسؤولية تقع على الدولة اللبنانية وليس على المواطن وبحسب الاتفاق وحسب العقد الأساسي للقرض ونوعية الفوائد إذا كانت متحركة أم ثابتة”، هنا شدّد يشوعي أنه، “يجب معرفة الفوائد المتحركة تأثرت بفعل ماذا ومرتبطة بماذا هل بنسب التضخّم مثلا؟

هل يحتاج هذا القرار لمشروع قانون من مجلس النواب؟

بحسب يشوعي، “أعطيت الصلاحية لوزير المال ولحاكم مصرف لبنان لتقرير مصير الدولار الجمركي الذي أصبح سعره اليوم 15 ألفًا وقرروا أن هذا السعر سينسحب على الودائع بالدولار في المصارف”.

وعن سؤال عما إذا كان القرار يحتاج إلى قانون من مجلس النواب اللبناني قال يشوعي: ” هناك انقسام في الرأي، فالأوّل يشدد على ضرورة القانون أما عن الرأي الثاني يعتبر أن هذا القرار لا يحتاج لجلسة مجلس نواب باعتباره يخص السياسية النقدية وهو من صلاحية حاكم المركزي”، ولفت إلى أن، “حاكم المركزي ليس من وظيفته تثبيت النقد وهذا ما يفعله سلامة اليوم تثبيت سعر الصرف 15 ألفًا وقيمته الحقيقة 60 ألفًا أي أكثر بـ4 مرات”.

أما عن قانون مجلس النواب استكمل يشوعي، “مجلس النواب لا يستطيع لعب دور شاهد الزور بتثبيت الدولار على الـ 15 ألفًا فهي سرقة علنية وبالقانون فالسرقة لا تقونن ولا تشرع”.

يشوعي ختم متهما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإفلاس لبنان واسقاطه ماليا عبر نهب مقدرات الدولة عبر مجموعة من القوانين والتعاميم المالية، وبهذا التصرف وفقا ليشوعي يكون سلامة قد كشف جميع أوراقه، واليوم سينجح المشروع المخطط له من تقسيم وفدرالية طائفية ومذهبية وهو المطلوب منذ العام 1975.