فشل اجتماع باريس ينعش رهانات فريق فرنجية؟

فشل اجتماع باريس ينعش رهانات فريق فرنجية؟

الكاتب: سابين عويس | المصدر: النهار
8 شباط 2023

انتهى الاجتماع الخماسي الذي ضم ممثلين عن الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر ومصر في باريس اول من امس تماماً كما بدأ، من دون اعلان أي نتائج عملية يمكن البناء عليها في رسم المشهد السياسي الداخلي، حتى من دون بيان ختامي يعبّر عن فحوى المناقشات او التوصيات التي خلص اليها المجتمعون، هذا اذا وُجدت.

وكان من الخطأ لدى بعض الاوساط السياسية المحلية الرهان على امكان ان يحدِث الاجتماع خرقاً في جدار الازمة اللبنانية، او ان يرسم خارطة طريق او يشكل ضغطاً لانجاز الاستحقاق الدستوري كما توقع البعض، اولاً بسبب المستوى التمثيلي الضعيف للدول المعنية، وثانياً لأن جدول الاعمال لم يدرج البند الاكثر حماوة على الساحة الداخلية، والمتصل بالاستحقاق الرئاسي واحتمال ان يعطي المجتمعون ولو رسماً تشبيهياً للرئيس المقبل، او على الاقل مواصفات تساعد المحللين والمنظّرين على اسقاطها على المرشحين.

لعل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط اول من استشرف هذا الواقع عندما قلل اهميته فور الاعلان عن اسماء المشاركين فيه، فلم يعلق عليه الآمال الكبار، بل بدأ حركته الى جانب رئيس المجلس نبيه بري “منقباً” عن رئيس كما قال لـ”النهار” سابقًا.

لا تتجاوز الاهمية المعلقة على اجتماع باريس حصوله. فانعقاده في حد ذاته حدث يعكس استمرار الملف اللبناني على الاجندة الدولية، ليس من باب الاولوية، بل من باب المساعدات الإنسانية، ودعم الاستقرار. والواقع ان سبب عدم التعويل على نتائج الاجتماع هو انه لم يكن مخصصا للبحث في الاستحقاق الرئاسي، والسبب ان الدول المجتمعة في باريس لا تلتقي حول اسم محدد او حتى مواصفات محددة، طالما ان هناك دولاً تقارب المواصفات من منظارها ولا تجد فيها عدم تطابق مع بعض الاسماء المطروحة. فلدى الدول المعنية بالاجتماع مرشحان انتهت اليهما التصفيات شبه النهائية، انطلاقاً مما تشي به اجواء القوى السياسية اللبنانية هما النائب السابق سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزف عون. وحتماً لا مكان لاسم النائب جبران باسيل الى جانبهما رغم تلويحه بترشيح نفسه، وذلك لأنه لا يحظى بقبول او تأييد او دعم أي من الكتل السياسية على ضفتي الاصطفاف السياسي في البلد، علماً ان تلويحه بالترشح لاحراج حليفه “حزب الله” لم ينجح وبقي الاخير متمسكًا بفرنجية مرشحاً اول له.

وكما يحول الانقسام السياسي الداخلي دون الوصول الى مرشح توافقي، كذلك الامر بالنسبة الى الدول المجتمعة في باريس. ففي حين لا تبدي واشنطن اي حماسة حيال الملف اللبناني، وان كانت لا تمانع بترشيح قائد الجيش، تبدو باريس اكثر براغماتية بذهابها نحو تأييد المرشحَين. وهي ابلغت الدول المعنية كما الداخل انها لا تمانع بفرنجية كما لا تمانع بعون وستتعامل مع كليهما. وقد عبرت عن هذا الموقف في كتاب وجهته السفيرة الفرنسية الى وزير الخارجية اكدت فيه ان فرنسا هي الدولة الوحيدة القادرة على حشد الدعم، وان ألرئيس الفرنسي مستعد للتعاون مع الرئيس المقبل شرط التوافق عليه. وهذا الموقف يأتي غداة تبلّغ باريس ان موافقة “حزب الله” على قائد الجيش مرهونة بضمانات فرنسية بألا يتحول الى “ميشال سليمان آخر” وتعجز باريس عن تقديم مثل هذه الضمانات.

الموقف الفرنسي يتعارض تماماً مع الموقف السعودي الذي ابلغ المعنيين ان المملكة ستمتنع عن اي دور داعم او مساعد للبنان في حال انتُخب مرشح “حزب الله”، داعية الى عدم التعويل عليها في اي دور، باستثناء استمرارها في الدعم الانساني، وعدم المسّ باللبنانيين العاملين في المملكة.

وبما ان الرياض قد وضعت شروطها، وباريس لا ترغب في قطع طرف الخيط مع طهران، فإن التوافق على عون بات اقل حظوظًا على حساب تقدم حظوظ فرنجية من خلال استغلال فريق الحزب للحظة اقليمية ودولية ملائمة لخلق حالة لبنانية تدفع نحو انتخاب فرنجية بالنصف زائدا واحدا.

فوصول عون الى سدة الرئاسة يتطلب توافقاً داخلياً للتوصل الى تسوية تتيح تأمين ثلثي اعضاء المجلس من اجل تعديل الدستور. هذه النقطة التي يستغلها “الثنائي الشيعي” لابقاء حظوظ فرنجية مرتفعة.

في المقابل، يعول هذا الفريق على تأمين “القوات اللبنانية” النصاب القانوني لجلسة الانتخاب، كما يعول على اصوات مسيحية يحظى بها من تكتل “لبنان القوي”.

ويلاحظ ان أوساط “الثنائي الشيعي” لم تعد تستبعد حصول الانتخاب في وقت قريب، من دون ان تعطي موعداً، لكنها باتت تتحدث بالاسابيع وليس بالاشهر على قاعدة ان البلد لم يعد يتحمل تأخيراً وفراغاً، وهو قاب قوسين من الانفجار.

العمل الآن منصبّ على خلق الحدث الذي سيسرّع المسار!