
خاص: من أوحى لبكركي بلقاء مات قبل أن يولد؟
من جديد بكركي محطّ أنظار الجميع، سواء كنت مؤيدًا لمواقفها أم مخالفًا لها فلا بدّ أن تعترف بدورها في الحياة الوطنية منذ ما قبل تأسيس دولة لبنان الكبير حتى اللحظة.
واليوم يسعى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي جاهدًا لإيجاد حلول للخروج من مأزق الفراغ الرئاسي الرابع بعد الاستقلال فهو لم يترك مناسبة إلا وأكّد فيها على ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية راسمًا له مواصفات سيادية، إصلاحية وحدوية. إلّا أنّ سفن بكركي الرئاسية عاكستها رياح مصالح بعض القوى والأحزاب اللبنانية .
آخر محاولات البطريرك الماروني تجلّت بجمع ممثلي كلّ الطوائف المسيحية في لبنان على شكل قمّة روحيّة حضرها البطاركة والأساقفة المسيحيون الذين كلّفوا الراعي جمع النواب المسيحيين ال ٦٤ في محاولة للخروج بمرشح أو أكثر من أجل دفع عربة الانتخابات الرئاسية إلى الأمام.
في المبدأ لا شيء في الصّورة غير منطقي أو يدعو للاستغراب. فبكركي جمعت سابقًا وقبل الانتخابات الرئاسيّة القادة الموارنة الأربعة أو بالأحرى أقوياء الموارنة وخرج لقاؤهم بتبني وصول أحدهم الى سدّة الرئاسة لينتخب بعدها العماد ميشال عون رئيسًا توافقيٍّا للجمهورية بعد مخاض طويل بدأ مع تبنّي حزب الله له وانتهى بتسويات أقصت سليمان فرنجية وأدخلت المسيحي الآخر القوي أي القوات اللبنانية شريكًا في الحكومات التي شكّلت في بداية عهده .
لا يختلف اثنان على النتائج الكارثية لتلك التجربة والدليل ما وصل إليه لبنان لاحقًا من انهيار على كافة المستويات الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية والقضائية ومعها لم يسلم شيء من عناصر قوة لبنان الدولة والمؤسسات وكرّس من جديد الانقسام الحاد بين طرفي التسوية المسيحييَّن التيار والقوات .
بالعودة إلى واقعنا لا أعلم من أوحى لسيد بكركي بفكرة اللقاء المسيحي الموسّع بخاصة أنّه أتى بعد فشل بكركي وباعتراف البطريرك في جمع القيادات المسيحية المنقسمة عموديًا بين خيارين: الأول تتمسك القوات والكتائب وبعض القوى الأخرى بخيار الرئيس السيادي القادر على مواجهة حزب الله وسيطرته على الدولة ما يعطي المعركة بُعدًا وطنيًا بعيدًا عن حقوق الطوائف.
أما الثاني يخوض التيار الوطني الحر معركة من باب صون الشراكة الوطنية وصحة التمثيل المسيحي متمسكًا بالتحالف الاستراتيجي مع حزب الله ومَن ورائه من دول الممانعة وحصر الخلاف مع الحزب بتسمية فرنجية للرئاسة الأمر الذي يرفضه باسيل كليًا.
بعض المراقبين يعتبرون أنّ باسيل وبعد تكرار زياراته الى بكركي استطاع التأثير على موقفها من باب الحرص على التمثيل المسيحي وعدم تهميشه الشيء الذي لطالما نادت به بكركي إنما تحت السقف الوطني. بالتالي وبعيدًا عن صدقية ونقاوة نوايا بكركي وسيّدها فإن فكرة هذا اللقاء لم تكن موفقة وبالتالي فهو مات قبل أن يولد بدليل موقف الأطراف الرافضة له كموقف سليمان فرنجية وبعض المستقلّين والمتريثين كالقوات وأحزاب أخرى لا تريد أن يحسب عليها تعطيل التوافق المسيحي فحاولت فرض بعض الشروط قبل انعقاد اللقاء كاقتراح القوات اللبنانيّة الذي يقضي بقبول الأقلية المسيحية موقف الأغلبية .
اذًا وباختصار فإنَّ جبران باسيل يريد إنعقاد هذا اللقاء لتأمين غطاء مسيحي لموقفه الرافض كليًا وصول سليمان فرنجية والعماد جوزف عون الى بعبدا فيما الطرف الآخر يرفض اللقاء لعدم إعطاء باسيل ورقة ضغط رابحة يستعملها في صراعه مع حزب الله متبنيًا ترشيح فرنجية.
أخيرًا هل تعيد بكركي حساباتها؟ وماذا بعد فشل هذا اللقاء الميْت أصلاً ؟ وهل صحيح أنّ لبّ المشكلة يكمن بالتوافق المسيحي المسيحي أم أنّ الموضوع أعمق بكثير ويتمثّل بالخلاف الاستراتيجي القائم بين حزب الله المتمسك بمرشحه للرئاسة على خلفية حماية ظهر المقاومة وبين من يعارض ويحاول قلب هذه المعادلة ؟