وثائق سريّة: إيران تخطّط لتصعيد الهجمات ضد الأميركيين في سوريا

وثائق سريّة: إيران تخطّط لتصعيد الهجمات ضد الأميركيين في سوريا

الكاتب: إيمان شمص | المصدر: اساس ميديا
2 حزيران 2023

“إيران تخطّط لتصعيد هجماتها على القوات الأميركية المتمرّكزة في سوريا، في إطار مؤامرة أوسع تدعمها روسيا لإخراج الأميركيين من المنطقة” بحسب وثائق ومصادر استخباراتية، كشفت عنها صحيفة “واشنطن بوست” .

قنابل خارقة للدروع
أوضحت الصحيفة الاميركية أنّها حصلت على وثائق تشكّل جزءاً من سلسلة الوثائق السرّية التي تمّ تسريبها على منصة المراسلة ديسكورد”Discord” تفيد أنّ إيران وحلفاؤها يعملون على بناء وتدريب مقاتلين على استخدام قنابل خارقة للدروع تزرع على جوانب الطرقات، مصمّمة خصيصاً لاستهداف المركبات العسكرية الأميركية وقتل الأفراد الأميركيين. وإن هذه الهجمات  تشكل تصعيداً لحملة إيران الطويلة التي تستخدم فيها الميليشيات بالوكالة لشنّ ضربات صاروخية وإطلاق طائرات مسيّرة ضد القوات الأميركية في سوريا.
ووفقاً لمحللي مخابرات وخبراء أسلحة حاليين وسابقين تحدّثوا إلى الصحيفة “أدّت هجمات الطائرات بدون طيار إلى إصابة ستة جنود أميركيين وقتل متعاقد مع وزارة الدفاع، وقد تزيد العبوات الناسفة الجديدة من عدد الضحايا الأميركيين، مما قد يوسّع المواجهة العسكرية مع إيران”. وأشاروا إلى أنّ هذا النوع من الأسلحة، المسمّى بـ”المتفجرات الخارقة للدروع”، استخدمه المتمرّدون الموالون لإيران في هجمات مميتة ضد القوافل العسكرية الأميركية أثناء الاحتلال الأميركي للعراق”.
وبحسب أحد الوثائق الاستخباراتية، قاد مسؤولون من وحدة النخبة الإيرانية في فيلق القدس وأشرفوا على اختبار إحدى المتفجرات، والتي ورد أنّها اخترقت درع دبابة مصفّحة في تجربة أجريت في أواخر كانون الثاني في الضُمير شرقي العاصمة السورية دمشق.. استندت هذه الوثيقة، إلى اتصالات اعترضها مقاتلون سوريون ولبنانيون متحالفون مع إيران. وقد تمّ على ما يبدو إحباط محاولة لاستخدام مثل هذه الأجهزة ضد القوات الأميركية في نهاية شباط عندما استولى المقاتلون الأكراد المتحالفون مع الولايات المتحدة على ثلاث قنابل في شمال شرق سوريا، وفقاً لوثيقة ثانية.

تصف إحدى الوثائق المسرّبة محاولات صانع قنابل من جماعة حزب الله اللبنانية، المتحالفة مع إيران، لاختبار نوع جديد من المتفجّرات الخارقة للدروع في سوريا في أواخر كانون الثاني. وتورد أنّه تمّ تقييم الجهاز، الذي يبلغ قطره أقل من خمس بوصات بقليل، على أنه قوي و”قابل للإخفاء” نظراً لصغر حجمه وحمولته البالغة 3.3 رطلاً من المتفجرات العسكرية من طراز “سي فور”،  C-4 وقالت الوثيقة انه خلال اختبارين، تمكّنت قذيفة القنبلة من اختراق درع دبابة يبلغ سمكه حوالي ثلاث بوصات من مسافة 75 حوالي قدماً. لكن الاختبار الثالث فشل.
وتشير الوثيقة، بحسب تقرير واشنطن بوست، الى أنّ كبار المسؤولين في فيلق القدس، وهو وحدة النخبة في الحرس الثوري الإيراني ، ساعدوا في تصميم القنبلة وتقديم المشورة التشغيلية بشأن استخدامها. ووفقاً للوثيقة، حدّد مسؤول في فيلق القدس يدعى صادق عميد زاده على وجه التحديد “المركبات المدرعة الأميركية في سوريا من طراز همفي وكوغار” على أنها الأهداف المقصودة وتحدّث عن إرسال عناصر مجهولة لالتقاط صور استطلاعية للطرق التي سلكتها القوات الأميركية.

جهود ثلاثية لطرد الولايات المتحدة من سوريا
وتصف وثيقة أخرى جهوداً جديدة وأوسع نطاقاً من جانب موسكو ودمشق وطهران لطرد الولايات المتحدة من سوريا، وهو هدف طال انتظاره قد يسمح للرئيس السوري بشار الأسد باستعادة المحافظات الشرقية التي يسيطر عليها الآن الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة. فقد حافظت الإدارات الأميركية الثلاث الماضية على وحدة صغيرة من القوات الأميركية في سوريا – حوالي 900 جندي، معززة بمئات المتعاقدين الآخرين – لمنع عودة مقاتلي الدولة الإسلامية في البلاد، وإحباط الطموحات الإيرانية والروسية والعمل بمثابة رافعة لأهداف استراتيجية أخرى.
تصف الوثائق المسرّبة أيضاً خططًا لحملة واسعة النطاق يقودها معارضو الولايات المتحدة من شأنها أن تشمل تأجيج المقاومة الشعبية ودعم حركة شعبية لتنفيذ هجمات ضد الأميركيين في شرق وشمال شرق سوريا. وبحسب تقييم استخباراتي سرّي أُعد في كانون الثاني، التقى كبار المسؤولين العسكريين والمخابرات الروس والإيرانيين والسوريين في تشرين الثاني 2022 واتفقوا على إنشاء “مركز تنسيق” لقيادة الحملة وتوجيهها.

روسيا لم تتورط
بحسب واشنطن بوست، لم يرد في الوثائق المسربة ما يدل على أي تورط روسي مباشر في التخطيط لحملة القصف. لكنها تشير الى دور أكثر نشاطا لموسكو في الجهود الأوسع المناهضة للولايات المتحدة. فروسيا، مثل إيران، تدخلت عسكرياً في الحرب الأهلية في سوريا لإبقاء نظام الأسد في السلطة وهي تدعم الآن جهود الحكومة لاستعادة السيطرة على البلد بأكمله. وفي الأشهر التي اعقبت نشر الوثائق المسربة، انخرطت روسيا في المزيد من الاستفزازات ضد القوات الأميركية، بما في ذلك انتهاك اتفاقيات تفادي التضارب والتحليق فوق القواعد الأميركية واعتراض الطائرات الأميركية.

وقال آرون شتاين، كبير الباحثين في معهد أبحاث السياسة الخارجية، للصحيفة “إنّ السياسة الروسيّة تهدف منذ فترة طويلة إلى طرد الولايات المتحدة من سوريا، غير أنّ إنشاء مركز تنسيق مشترك لتحقيق هذا الهدف يعد أمراً جديداً. ومن المحتمل أن تعتقد إيران وروسيا أنهما قادرتان على إدارة التصعيد، حيث من المرجح أن يحد الجيش الأميركي من ردّه على الضربات ضد أهداف داخل سوريا، وهو رد انتقامي افتراضي في ظل إدارتي ترامب وبايدن” .. لكنّه حذّر من أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا وانهيار الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 جعلا الوضع أكثر تقلباً ويصعب التنبؤ به، وأنه من الصعب النظر إلى الديناميكيات السياسية الأميركية المحلية على أنها انتكاسة ضد روسيا”.

ووفقاً لتقرير واشنطن بوست، رفض البنتاغون التعليق على الوثائق المسرّبة ولم يرد على أسئلة حول المعلومات الاستخباراتية التي توضح تفاصيل المؤامرات الجديدة ضد القوات الأميركية في سوريا. لكن تحرّك الميليشيات المدعومة من إيران لتكثيف الهجمات ضد الأميركيين بقنابل مزروعة على جانب الطريق تأكد في مقابلات مع مسؤولين حاليين ومسؤول سابق لديه إمكانية الوصول إلى معلومات استخبارية حساسة من المنطقة. وقال بعض المحللين المستقلين إنّ سلوك إيران العدواني بشكل متزايد يشير إلى أنّ طهران تحظى- أو تعتقد أنها تحظى- بدعم ضمني من روسيا لتصعيد حملة الضغط. أصبحت موسكو تعتمد على حليفها الإيراني كمورد رئيسي للطائرات بدون طيار وغيرها من الأسلحة في هجومها العسكري على أوكرانيا .فرزين نديمي، المتخصص في شؤون إيران وكبير الباحثين في معهد واشنطن لسياسة الشرق  وقال الأدنى: “إحدى نتائج العلاقات العسكرية الوثيقة بشكل متزايد بين إيران وروسيا هي حرية العمل في سوريا”. “الآن بعد أن تلقت إيران الضوء الأخضر من الروس، فإنها تريد رفع مستوى لعبتها بشكل تدريجي”.
وفقاً للخبراء الذين تحدثوا الى الصحيفة” من المرجح أن تجد حملة المقاومة الجديدة ضد القوات الاميركية أرضاً خصبة في مناطق الأغلبية العربية التي يزعجها وجود القوات الأميركية وهيمنة سلطة الحكم الذاتي الكردية التي تسيطر على مساحات واسعة من شرق وشمال شرق سوريا. فقد قال آرون لوند، الباحث في مركز أبحاث Century International ، إنّ التنافس المحلي على السلطة و”البيئة غير المنظمة والغاضبة” تخلق مناخاً مثالياً لإثارة الاضطرابات وتنظيم الجماعات المتشددة. اضاف لوند: “لقد خرجت روسيا من الحرب السورية المستمرة منذ 12 عاماً كوسيط القوة الرئيسي في المنطقة، بعد أن أنقذت نظام الأسد، وهي تدير الآن مأزقاً معقداً. فإذا كانت موسكو تشارك سوريا هدفها المتمثل في إخراج القوات الأميركية في نهاية المطاف وتريد مصالحة نظام الأسد مع تركيا لتوفيق بين نظام الأسد وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية – الجماعة المسلحة الكردية التي تدير منطقة الحكم الذاتي في الشرق – فهي  لا تشارك تركيا طموحها في القضاء على السيطرة الكردية بالقوة، مما قد يتسبب في فوضى وعودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.

على الرغم من أن تحالف روسيا مع طهران قد تعزّز منذ بداية الصراع في أوكرانيا، إلا أنّ القادة الروس والإيرانيين لديهم أفكار متضاربة حول إدارة سوريا بعد الحرب، وقد سمحت روسيا ضمنياً لإسرائيل بشن ضربات جوية ضد التهديدات الإيرانية المتصورة داخل سوريا. تشير إحدى الوثائق المسربة إلى أنّ علاقة روسيا “التبادلية” مع إيران كانت مصدر خلاف بين الحكومتين، وأنّ إيران اشتكت مراراً من استبعادها من المفاوضات التي تقودها روسيا مع تركيا بشأن اقتراح لتسوية دائمة للصراع.