خاص- مؤتمر روما للهجرة: “رشوة” بالمال مقابل ابقاء النازحين؟

خاص- مؤتمر روما للهجرة: “رشوة” بالمال مقابل ابقاء النازحين؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: خاص beirut24
24 تموز 2023

تشكل الهجرة غير الشرعية من بلدان افريقيا والشرق الأوسط كابوساً بالنسبة الى دول الاتحاد الأوروبي التي تعمل بشتى الوسائل لوقفها. وفي هذا الاطار انعقد في روما الأحد “المؤتمر الدولي للتنمية والهجرة”، والذي يهدف الى ايجاد الحلول المستدامة التي تمنع تدفق المهاجرين على القارة الأوروبية. ويأتي هذا المؤتمر بعد عشرة أيام على تصويت البرلمان الأوروبي على إبقاء النازحين السوريين في لبنان.

ويُعتبر المؤتمر الذي دعت اليه رئيسة الوزراء الايطالية جورجيا ميلوني على جانب كبير من الأهمية، لأنه يحاول البحث عن الأسباب الجذرية وراء الهجرة ومساعدة الدول التي ينطلق منها المهاجرون في مجالات التنمية، ما يسهم في ايجاد حلول مستدامة لهذا الملف. هذه هي نية المجموعة الأوروبية على الأقل. ولكن إلى أي مدى تستطيع تحقيق هذا الهدف عبر إنماء دول فقيرة وانهاء النزاعات والحروب والبؤس في دول افريقية وأخرى شرق أوسطية تعتبر منطلقا للهجرة الواسعة صوب دول الاتحاد الأوروبي؟

لقد شارك في مؤتمرروما ممثلون لأكثر من عشرين دولة ومنظمة دولية، وأطلقوا ما سمّي “مسار روما” للحدّ من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. وكانت الدول المعنية باللاجئين السوريين حاضرة كلبنان والأردن وتركيا، اضافة الى دول افريقية وأخرى خليجية. وفيما لم يكن هناك ممثلون لكل من اسبانيا وفرنسا، شارك ممثلون لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك التنمية الاسلامي.

وإذ تعهّدت الامارات العربية المساهمة بمبلغ 100 مليون يورو في صندوق لتمويل الخطط التي ستقرّ، أعلنت رئيسة الوزراء الايطالية اليمينية عقد مؤتمر للمانحين قريباً. فهل يمكن لهذه النظرة الجديدة أن تنجح؟

باتت أوروبا ملزمة الآن بالنظر في الأسباب العميقة التي تؤدي الى الهجرة، وهي تشدد على أهمية التعاون من أجل تحقيق التنمية في الدول التي ينطلق منها المهاجرون وتركيز التمويل في الاستثمارات الاستراتيجية والبنى التحتية وخلق فرص عمل ومحاربة الفقر.

ولكن هل النموذج الذي أرسته أوروبا في الاتفاقية مع تونس هو المثال الصالح لتحقيق ذلك؟

الاتفاق يعد بمساعدة تصل الى 105 ملايين يورو مخصصة للاجراءات التي تمنع انطلاق القوارب من الشواطئ التونسية واعادة المهاجرين الى بلدانهم. ويريد الاتحاد الاوروبي مناقشة اتفاقات مماثلة مع كل من مصر والمغرب. ولكن هذا الاتفاق ووجه باعتراض شديد من منظمات حقوق الانسان، حيث قالت منظمة هيومن رايتس ووتش مثلاً إن اوروبا لم تتعلم شيئاً من “التواطؤ” في الاساءات الفظيعة التي تعرض لها المهاجرون في ليبيا، كما أشارت الى اساءات خطيرة قامت بها قوات الأمن التونسية في الأشهر الأخيرة في حق اللاجئين الأفارقة.

وحسب الأمم المتحدة فإن أكثر من 100 ألف مهاجر وصلوا الى اوروبا في الأشهر الستة الأولى من العام 2023 عبر البحر المتوسط، انطلاقا من شواطئ شمال افريقيا وتركيا ولبنان، فيما تقول ايطاليا إن 80 ألفا وصلوا الى شواطئها منذ بداية العام الحالي، أغلبيتهم انطلقوا من تونس.

أين موقع لبنان الذي يستضيف أكبر عدد من النازحين على الاطلاق نسبة الى عدد السكان، في هذا المؤتمر؟ وهل تمكّن من ايصال صوته الى الدول الاوروبية التي تشدد على العودة الآمنة والطوعية؟

اذا أخذنا المثل التركي نموذجاً، نرى أن أنقرة استفادت في مراحل عدة من المساعدات الأوروبية في مقابل العمل على الحد من توجه اللاجئين صوب الشواطئ الأوروبية.

أما لبنان الذي شارك في مؤتمر روما عبر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فقد طلب في كلمته الدعم للبنان في ملف النازحين الثقيل. وفي أي حال، ما زال من المبكر معرفة المبلغ الذي يمكن أن يحصل عليه لبنان. ولكن الأكيد أن أوروبا ترفض اعادة النازحين ضمن الظروف السياسية السائدة حاليا في سوريا.

فهل تكون “الرشوة” بالمال هي المقابل لبقاء النازحين السوريين في البلدان المضيفة؟