خاص- زيارة لودريان في أيلول: مصالح فرنسا أولاً

خاص- زيارة لودريان في أيلول: مصالح فرنسا أولاً

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: خاص-beirut24
28 تموز 2023

بعد انفجار المرفأ المدمّر، سارع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى زيارة بيروت لمرتين متتاليتين في أقل من شهر، ومارس ضغوطاً هائلة من أجل تشكيل حكومة بمهمة انقاذية برئاسة مصطفى أديب، وطالب باصلاحات عاجلة، مهدداً باجراءات عقابية. لكن اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة شكّل أول فشل للمبادرة الفرنسية، وذهبت كل هذه الجهود مع الريح.
وعلى رغم خيبة الأمل الكبيرة، لم ييأس ماكرون. فحرّك مبادرته من جديد، وأرسل مستشاريه الى بيروت، وقام باتصالات مع واشنطن والدول الاقليمية المؤثرة، ولكن كل ذلك لم ينفع أيضاً.
أما المبعوث الرئاسي الفرنسي الحالي ووزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، فكانت له صولات وجولات مع لبنان. فهو الذي شبّه الانهيار بغرق سفينة التايتانيك، ولكن من دون أوركسترا، وهو الذي حذر من زوال لبنان إن لم تجرِ اصلاحات سريعة. لكن كل ذلك أيضا لم ينفع.
اليوم يقوم لودريان بمهمته بوصفه مبعوثاً للرئيس الفرنسي. وقد عمل مع اللجنة الخماسية من أجل ايجاد حل لمسألة الانتخابات الرئاسية. ولكن، كما في المرّات السابقة، لا نتائج.
وهنا يطرح السؤال: لمَ سيعود لودريان في أيلول، طالما أن مهمته في الملف الرئاسي اللبناني محكومة بالفشل في ضوء المعطيات السياسية الدولية والاقليمية الحالية؟
في الواقع، لقد خفّض لودريان سقف مبادرته من طرح اسم فرنجية إلى عدم الممانعة في طرح خيار ثالث، ومن الدعوة الى “حوار” الى اقتراح “عقد لقاء لبناء الثقة”. لم يعد يهمه الوصول الى نتائج في الملف الرئاسي بقدر ما يهمه استمرار الدور الفرنسي فاعلا في لبنان. والحديث عن زيارات أخرى وطروحات بات الهدف الرئيسي منه ربح الوقت قدر الإمكان، علّ توازنات جديدة تطرأ على الوضعين الاقليمي والدولي بما يسمح بتفعيل المبادرة الفرنسية من جديد.
فلفرنسا مصالح سياسية واقتصادية عبر لبنان لا تريد التخلي عنها. فقد أتت الفرصة السانحة لتعود لاعباً على المسرح الشرق أوسطي من البوابة اللبنانية، خصوصا في ضوء انسحاب معظم اللاعبين الاقليميين والغربيين في السنوات الأخيرة. وبسبب تاريخ طويل من العلاقات السياسية والثقافية بين البلدين، تريد باريس ترسيخ دورها من جديد، محاولة أن تأخذ ضوءاً أخضر لم يصل بعد من واشنطن.
أما على الصعيد الاقتصادي والاستثماري، فالمصالح كثيرة أيضاً. وعلى رأسها حالياً التنقيب عن الغاز عبر شركة توتال. ومن المتوقع ان تصل سفينة الحفر الاستكشافية الى المياه الاقليمية اللبنانية خلال شهر آب المقبل لاستكشاف امكان وجود مكمن تجاري للغاز في البلوك الرقم 9. كما أن فرنسا مهتمة بإعادة إعمار مرفأ بيروت وبمجالات استثمار عديدة أخرى.
لذا، فإن وصول لودريان في زيارته الثالثة في أيلول يتزامن مع بدء الحفر لاستكشاف وجود الغاز. وعلى فرنسا أن تؤمن غطاء سياسيا طويل الأمد في لبنان يضمن لها استخراج الغاز وتحقيق الأرباح.