
خاص – الصندوق السيادي وظيفة ومواصفات
صندوق الثروة السيادية أو الصناديق السيادية هو صندوق مملوك من قبل دولة يتكون من أصول مثل الأراضي ، أو الأسهم ، أو السندات ، أو مؤسسات عامة ، أو عوائد موارد طبيعية كالنفط والغاز والذهب ، ويقوم هذا الصندوق بأدارة هذه الاصول بطريقة مهنية تؤدي الى عوائد مناسبة دون الوقوع في فخ مخاطر التوظيف في المكان والزمان والموضوع الغير مناسبين .
الصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة ، بل يعود تاريخ بعضها إلى العام 1953 حيث أن أول صندوق سيادي في العالم أنشأته دولة الكويت تحت أسم الهيئة العامة للإستثمار ، لكنها بدأت تنشط بصورة مفرطة مؤخراً . استحوذت تلك الصناديق ضمن القطاع المالي وحده على حصص في مؤسسات عملاقة مثل مورغان ستانلي وبير ستيرن وميريل لينش وسيتي غروب ويو بي اس.
هذه الظاهرة انتشرت بين الدول الغنية وقد لجأت أليها للحفاظ على الموارد التي تنتج بمعظمها عن استخراج المواد الاولية في هذه البلدان على اعتبار ان ملكيتها لا تعود فقط للجيل الحالي بل لكل الاجيال الحالية والقادمة ، فأقرت لاجل ذلك قوانين تحكم عمل هذه الصناديق وتضبط عملية أستثمار هذه الموارد الموجودة داخل هذه الصناديق ضمن أبواب معينة مع الاخذ بعين الاعتبار تجنب المخاطر التي يمكن ان تؤدي الى خسائر قد تطيح بأرصدة هذه الصناديق .
ولدينا خلال الاسبوعين الماضيين مثلين ممتازان حول حسن ادارة بعض الصناديق ومنها :
صندوق التقاعد الحكومي الياباني ، وهو أكبر صندوق تقاعد في العالم ، والذي أعلن تسجيل مكاسب قياسية خلال الربع الثاني من العام الحالي بقيمة 18.98 تريليون ين (133 مليار دولار) بفضل الأداء الجيد لسوق الأسهم المحلية والسندات العالمية . وزادت قيمة أصول صندوق استثمار أموال التقاعد الحكومي 9.5% خلال الربع الثاني لتصل إلى 219.17 تريليون ين.
صندوق الثروة النرويجي ، أكبر مستثمر في أسواق الأسهم ، حيث أعلن يوم الثلاثاء الماضي عن تحقيق أرباح بقيمة 1501 مليار كرونة نرويجية (143 مليار دولار) في النصف الأول 2023 ، بدعم من أداء أسواق الأسهم القوية وضعف العملة النرويجية . وقال الصندوق في بيان إن “استثمارات الصندوق في الأسهم حققت أداءً قوياً في النصف الأول من العام بعد أداء ضعيف في عام 2022 ، وحققت استثمارات الأسهم عائداً بنسبة 13.7% خلال نفس الفترة” . ويستثمر صندوق الثروة النرويجي ، الذي تبلغ قيمته 1.4 تريليون دولار ، عائدات الدولة من إنتاج النفط والغاز.
هذا ومن المفترض أن يتضمن أي قانون لأنشاء الصندوق السيادي حد أدنى من المواد والتي يمكن ان تشمل ما يلي :
– هدف الصندوق
– موارد الصندوق
– تشكيل مجلس الادارة وشروط التعيين والكفاءة والخبرة
– وجوب وجود نظام مالي وأداري ينظم عمل الصندوق
– أستقلالية عمل الصندوق
– كيفية التوظيف وضوابط التوظيف
– الرقابة الداخلية والخارجية ولمن توزع التقارير
– الشفافية ونشر البيانات المالية المدققة والتقارير المالية
– الرقابة على عمل وتقييم عمل مجلس الادارة
– كيف يمكن استخدام موارد الصندوق وأرباحه
– المنافع والبونس التي يمكن ان يتقاضاها أعضاء مجلس الادارة
– العقوبات في حال المخالفة أو الاهمال الوظيفي .
ما يتم نشره لغاية اليوم حول المشروع المقدم والذي تدرسه اللجنة المصغرة المنبثقة عن اللجان النيابية المشتركة لا يتمتع بالمواصفات والشروط والمعايير الكاملة التي يتطلبها هكذا قانون ومنها :
1- تعيين مجلس الادارة من قبل مجلس الوزراء بشكل كامل على ان يشرف على الصندوق وزير المالية ، دون اشتراط للشهادات العليا أو الاختصاص في هذه الشهادات ومجددا” يمكن تعيين أي عضو لا يتمتع بالشهادات المطلوبة وبالتالي الخبرة في المجال نفسه وكل هذا يعني اننا قادمون على محاصصة جديدة في التعيينات .
2- لا يفرض القانون وجود وحدة للتدقيق الداخلي في الصندوق تكون وظيفته مستقلة ويرتبط مباشرة بوزير المالية الذي يملك وظيفة الاشراف وبالتالي هو لا يملك أي سلاح يستخدمه لتصحيح أي خلل في الصندوق سواء كان مالي أو أداري .
3- لم يشترط القانون ضرورة الفصل التام والتفرغ التام لاعضاء مجلس الادارة لعمل الصندوق بحيث لا يكون هناك أي تضارب في المصالح ما بين وظيفته كعضو مجلس ادارة ومصالحه الاخرى .
4- لا يتضمن القانون ضرورة نشر البيانات المالية المدققة السنوية والتقارير المالية والادارية بشكل ظاهر للعموم دون الحاجة الى طلبها من الادارة .
5- لا يتضمن القانون تحديد المنافع والعقوبات لاعضاء مجالس الادارة على نتائج أعمالهم مع تحديد الجهة المستقلة التي تقوم بعمل التقييم هذا وتقديم تقرير سنوي لوزير المالية لاتخاذ القرار المناسب .
6- لا يتضمن القانون وضع ضوابط حول التوظيفات وتوزيع المخاطر وكيفية التوظيف دون ان يتحمل الصندوق مخاطر يمكن ان تؤدي الى خسائر كبيرة .
7- لا يتضمن القانون وضع ضوابط حول أماكن أيداع السيولة سواء كانت في لبنان أو في الخارج ، وتحديد فئة المصارف الممكن الايداع لديها وكيفية أختيارها وعلى أي أسس .
8- لا يتضمن القانون ضرورة تقديم كشف بما يملكه عضو مجلس الادارة قبل استلامه لوظيفته واقرار برفع السرية المصرفية عن حساباته والتي يمكن ان تضمن الى حد كبير عدم انجرار أعضاء مجالس الادارة نحو الفساد .
بالتالي فأن الامر سيحتاج الى أصدار مراسيم تطبيقية وبكثافة لاحقا” وهذه ستكون مسؤولية وزير المالية باعتباره وزير الوصاية ، مما سيعيدنا الى نفس المشاكل التي كنا نواجهها مع أصدار أي قانون ، وهي البطئ في اصدار المراسيم التطبيقية أولا” ، ومحاباة الطبقة السياسية في هذه المراسيم ثانيا” ، لذلك من الضروري جدا” أيضاح هذه الامور ضمن القانون المنوي أصداره وتصديقه قبل عرضه على المجلس النيابي بصيغته النهائية والمصادقة عليه وخاصة لناحية النظام المالي والاداري ، والضوابط التي تحكم عمل هذا الصندوق .
