خاص- كيف سيتمّ إشراك ايران في التسوية اللبنانية؟

خاص- كيف سيتمّ إشراك ايران في التسوية اللبنانية؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24خاص
18 أيلول 2023

كتبت ايلين زغيب عيسى التالي:

المعلومات التي أوردها موقع beirut 24 في مقال بعنوان “هل تتراجع السعودية عن سياسة الحياد في الملف اللبناني؟” نُشر في 22 آب الماضي، تأكّدت صحّتها. فالسعودية عادت بزخم إلى الاهتمام بالملف اللبناني بعد فترة من “الحياد”. والدليل إلى ذلك اللقاء الذي انعقد في دارة السفير السعودي وليد البخاري في حضور المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان ومفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان وعدد كبير من النواب السنّة، بعدما كان البخاري قد جمع عدداً من النواب السنّة الشهر الماضي، ودعاهم الى أن يتوحّدوا حول تصور مشترك.
يأتي ذلك في الوقت الذي وُضعت فيه المبادرة الفرنسية على الرفّ، وتراجعت باريس عن طرح اسم سليمان فرنجية، معلنة وجوب البحث عن خيار ثالث لا يشمل جهاد أزعور أيضاً. ويبدو أن المبادرة الفرنسية أفسحت الطريق أمام الدور القطري، مع الحديث عن قرب زيارة موفد الدوحة لبيروت من أجل البحث في الملف الرئاسي.
وبما أن الرياض عادت لتشكل كفّة راجحة في اختيار الرئيس اللبناني، فهذا بالطبع يتطلب موافقة الكفّة الثانية، وهي ايران. فالتسوية الرئاسية اللبنانية لن تتم من دون توافق سعودي ايراني ورعاية أميركية. ويظهر من المعطيات الأخيرة أن هذه التسوية وضعت على السكّة، وإن كانت تحتاج إلى مزيد من الوقت والتشاور.
و تكمن أهمية العودة إلى إبراز الدور القطري في قدرة الدوحة على أن تكون وسيطاً مسموع الكلمة لدى كل من ايران والسعودية. وإذا كانت ايران خارج اللجنة الخماسية المعنية بالوضع اللبناني، فإنّ في إمكان قطر أن تكون صلة الوصل مع ايران، بما يضمن عملياً إدخال طهران في التسوية المنتظرة حول الانتخابات الرئاسية في لبنان. وستعقد اللجنة الخماسية في أي حال اجتماعاً في نيويورك للبحث في الموضوع اللبناني على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبعدها قد يعلن عن إعطاء الضوء الأخضر للموفد القطري للقيام باتصالات مع الأفرقاء المعنيين بالطبخة اللبنانية.
وبالفعل، فقد ترافقت زيارة لودريان الأخيرة للبنان مع تلميع اسم قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح ثالث. وقد سبق للموفد الأميركي آموس هوكشتاين أن التقى العماد عون. ثم تعمّد “حزب الله” تسريب خبر اللقاء بين النائب محمد رعد وقائد الجيش، بهدف ارسال أكثر من إشارة إلى الخارج والداخل في آن واحد.
فاللقاء شكل رسالة لواشنطن توحي بإمكان قبول الحزب بمرشح غير فرنجية ضمن سلّة يُتفق عليها في لقاءات تشاور أو اجتماعات حوار. ولكن هذه الرسالة سرعان ما أُتبعت برسالة معاكسة، حين قام النائب محمد رعد بزيارة بنشعي ولقاء رئيس تيار المردة، في أعقاب اللقاءات التي أجراها لودريان في حارة حريك. وقد حرصت أوساط الحزب على تأكيد الاستمرار في تبني اسم فرنجية للرئاسة الأولى.
أما في الداخل، فإنّ الرسالة موجهة بالطبع للنائب جبران باسيل، الذي يكبّر حجر طلباته من الحزب، ويرفع سقف المساومة معه. وطرحُ اسم قائد الجيش في التداول هو بالنسبة الى باسيل أشد وطأة من اسم فرنجية.
ولكن، الحركة الداخلية التي طرأت في ختام زيارة الموفد الفرنسي تبقى محدودة النتائج، ما لم ترافقها حركة خارجية، يبدو أنه يجري العمل عليها ببطء داخل اللجنة الخماسية المعنية بلبنان. وإعطاء الدور الأول لقطر في الوساطة في المرحلة المقبلة يشير إلى أن دول الخماسية اقتنعت بأنه لا بدّ من اشراك ايران في التسوية الرئاسية اللبنانية. إذ لا يمكن لأي مرشح أن يصل إلى سدة الرئاسة من دون موافقة “حزب الله” بالطبع.
لذا، فإن رفع السقف في البيان الأخير للجنة الخماسية هو تحديد للمواصفات التي تريد كل من السعودية والولايات المتحدة أن يتمتع بها الرئيس اللبناني المقبل وخريطة طريق الاصلاح الاقتصادي والسياسي من وجهة نظر كل من واشنطن والرياض. ولكن هذه الشروط ستكون شروطاً للتفاوض مع ايران عبر قطر حول التوصل إلى تفاهم في الملف الرئاسي اللبناني، قد يشمل تفاهمات في مواضيع أخرى تتعلق بلبنان أو بغيره من الملفات المطروحة في المنطقة.