خاص: حكومة ميقاتي استفاقت.. صح النوم

خاص: حكومة ميقاتي استفاقت.. صح النوم

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: بيروت ٢٤
21 أيلول 2023

فجأة، ومن دون سابق إنذار، استفاقت حكومة تصريف الأعمال المستقيلة على كارثة النزوح السوري إلى لبنان، مع ما يحمله هذا النزوح من خطر وجودي على البلاد، بعدما تجاوز عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليوني لاجئ ، نحو 880 ألفًا منهم مسجّلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
حمل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مشكوراً قضية لبنان المركزيّة الى أعلى مرجعية دولية. وقال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك: “إن لبنان ما زال منذ اثني عشر عاماً يرزح تحت عبء موجات متتالية من النزوح طالت تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية كافة مظاهر الحياة فيه، وباتت تُهدِّد وجوده في الصميم”. كما أعرب ميقاتي خلال اجتماعه بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، عن قلق بلاده إزاء أعداد النازحين السوريين في ظل عدم قدرة لبنان على تحمل المزيد في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية الحادة التي يعاني منها. وفي تحذير أقرب إلى التهديد، قال ميقاتي في حديث تلفزيوني من نيويورك، إن “الخطر لا يقتصر فقط على لبنان بل على المجتمع الدولي وأوروبا، وإن لم نتعاون جميعاً لوقف النزيف من الهجرة من سوريا فإن هذا النزف سيصل إلى أوروبا”.
وقبل مغادرته بيروت الى نيويورك كان رئيس الحكومة قد أبدى قلقه من التدفق الجديد للنزوح السوري عبر المعابر غير الشرعية بين لبنان وسوريا. كما خصّص جلسة لمجلس الوزراء لأزمة النزوح السوري، حضرها قائد الجيش العماد جوزيف عون الذي حذر السلطة السياسية من مخاطر النزوح، متطرّقاً بشكل خاص إلى المخاطر الأمنية الكبرى التي يحملها النزوح الحالي يوميًا لمئات الشبّان السوريين في ظل عدم قدرة الجيش على التصدي كليًا لهذه الظاهرة، مع ما تحمله من تحديات أمنية كبرى ومجهولة الأبعاد على البلاد.
أن يأتي الشيء متأخّرًا خير من ألا يأتي أبدًا.
بمعنى آخر تبدو المساعي الحكومية في هذا الاتجاه ضرورية وإيجابية، لكنها بالتأكيد غير كافية. فعلى هذه لحكومة، وقبل أن تطلب مساعدة المجتمع الدولي، أن تبادر إلى اتخاذ قرارات سيادية في هذا الشأن تقلل بالتأكيد من مخاطر الأزمة ومفاعيلها المستقبلية المحتملة.
على سبيل المثال لا الحصر، لا بد من توجيه مجموعة أسئلة الى حكومتنا المتباكية في المحافل الدولية، وعبرها الى الحكومات السابقة:
-ماذا فعلت الحكومة لإقفال المعابر غير الشرعية التي اعترف ميقاتي بنفسه بأن النازحين الجدد يمرّون عبرها؟
-ماذا فعلت الحكومة لإحصاء النازحين السوريين، الشرعيين منهم وغير الشرعيين، بشكل دقيق على الأراضي اللبنانية؟
-ماذا فعلت الحكومة لإرغام النازحين السوريين غير الشرعيين على تشريع وجودهم في البلاد من خلال تسجيل أسمائهم في مراكز رسمية مخصصة لهم؟
-ماذا فعلت الحكومة لإرغام العائلات السورية على تسجيل عشرات آلاف الأطفال الذين ولدوا في لبنان على مدى اثني عشر عامًا، قبل أن يتحوّل هؤلاء الى مكتومي قيد في لبنان وسوريا؟
-ماذا فعلت الحكومة اللبنانية لمنع النازحين السوريين من فتح مؤسسات ومشاريع مخالفة للقانون، إضافة الى مزاولتهم أعمالًا يمنعهم القانون من مزاولتها، ما يشكل ضربًا لليد العاملة اللبنانية ويعمّق الأزمة الاقتصادية في البلاد؟
-ماذا فعلت الحكومة اللبنانية، عبر نقاطها الشرعية على المعابر، لمنع عودة “النازحين” المفترَضين الذين يغادرون شهريا الى سوريا ثم يعودون الى لبنان لتقاضي الأموال المخصصة لهم من المنظمات الدولية؟
-يبقى الأهم الأهم: ماذا فعلت الحكومة اللبنانية للضغط على المنظمات الدولية والدول الغربية الداعمة لها لوقف توزيع الأموال والمساعدات بسخاء غير مسبوق على النازحين، علمًا أن الجميع يعلم أن هذه المساعدات تشكل السبب الرئيس لبقاء السوريين في لبنان، لا بل الى استمرار تدفق النازحين اليه؟
صحيح أن القضية خطيرة جدًا لدرجة تهديدها الكيان اللبناني، لكن الصحيح أيضًا أنها غير مستعصية على الحل في حال اتخاذ السلطات اللبنانية مجموعة قرارات سيادية متلازمة وشجاعة تنجّي البلاد من أزمات قد تصبح مستعصية على الحل، حتى لا نقول إنها تنذر بحرب محتملة قد لا تكون بعيدة، يكون السوريون وقودها والوطنيون اللبنانيون ضحيتها. فاللجوء الفلسطيني الى لبنان عام 1948 تسبّب بحرب استمرّت خمسة عشر عامًا وهدّدت الكيان بعد سبعة وعشرين عامًا من حصوله، ولا بدّ أن يكون لنا في ذلك عبَر.