
روسيا تفوز في الكونغرس وتسحق اقتصادات ألمانيا وأوروبا! فهل يكون انهيار الاقتصادات الغربية مدخلاً للسلام في أوروبا؟!
عاجلاً أم آجلاً، سينطلق التفاوض الغربي مع روسيا لإنهاء الحرب مع أوكرانيا على أساس احتفاظها بالمناطق الخمس التي ضمتها!
كنت قد ذكرت في أحد مقالاتي في الأيام الأولى للحرب الروسية – الأوكرانية أن المجتمع الروسي أكثر قدرة على التحمل من المجتمعات الغربية مالياً واقتصادياً واجتماعياً! وهذا ما تأكد مرة جديدة مؤخراً مع خطر “الإغلاق الحكومي” الذي اجتازته الولايات المتحدة بصعوبة!
إن تمويل أوكرانيا وتسليحها أرهق الاقتصاد الأميركي! فالمجتمع الأميركي يحتاج حالياً الى كل دولار في الداخل. وهو غير قادر بالتالي على تحرير مساعدة إضافية لأوكرانيا بقيمة 6 مليار دولار! لا بل إنه يؤدي الى تفكك “سياسي” داخلي وصل الى طرح إمكانية لعزل الرئيس الأميركي جو بايدن بالتزامن مع محاكمة الرئيس الأسبق دونالد ترامب. كل ذلك، بالإضافة الى تبعات أزمة الكورونا المرهقة، والعبور المكسيكي الكثيف للحدود الأميركية…
روسيا سحقت ألمانيا وأوروبا بغازها! فالنموذج الاقتصادي الألماني بحالة خطر كبير. والصناعات الألمانية التي تعتمد على الطاقة، الروسية بشكل خاص، مهددة بإقفال العديد من مصانعها. فتكلفة الطاقة مضاعفة والتلوث يزداد بسبب العودة الى “عصر الفحم الحجري”! وكنت قد ذكرت في مقال آخر في بداية الحرب أيضاً أنه يستحيل على أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي في السنوات العشر التالية لبداية الحرب الروسية – الأوكرانية، لعدم وجود البدائل، ولعدم وجود استثمارات كافية للتحول الى الطاقات المتجددة بالكامل! وها هي الاقتصادات الأوروبية تدفع بشكل أساسي فاتورة الاستغناء عن الغاز الروسي، من دون حتى أن تنجح في التأثير على روسيا للتراجع عن ضمها لأي من المناطق الخمسة، ومن دون أن تنجح أوكرانيا من جهتها بإحراز أي تقدم ملموس في “الهجوم المضاد”!
وبالإضافة الى خطر الانكماش الذي يهدد الاقتصاد الألماني العام المقبل،
ترفع فرنسا من سن التقاعد من 62 سنة الى 64 سنة لمواجهة الشح بالأموال. وهي في الوقت نفسه تخسر “مناجمها” في أفريقيا تباعاً! و”تذبح” الهجرة “البحرية” مع الغاز الروسي ايطاليا. وبولندا تقرر وقف دعم أوكرانيا وتتراجع عن موقفها في ساعات! والسويد تعاني من التضخم ومن ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع أسعار الطاقة بالإضافة الى تدهور اجتماعي هائل بسبب تدفق المهاجرين الكبير في العقدين الماضيين، ما أدى الى تدهور الأمن الاجتماعي وارتفاع منسوب الجريمة والمخدرات في المجتمع الذي اشتهر بكونه “مسالماً”!
إن احتياطي الذخيرة والسلاح في أوروبا (والولايات المتحدة) ينفذ. والاقتصادات الغربية غير قادرة على تمويل إعادة تسليح ذاتها وتأمين حاجات شعوبها والاستمرار بتمويل أوكرانيا في الوقت نفسه! وحدها بريطانيا، تعيش في “جزيرة” اقتصادية بمنأى عن تبعات الحرب في أوروبا! وهي تعرض اليوم تدخلاً مباشراً منها الى جانب أوكرانيا خارجاً عن الناتو! وهذا التدخل ستكون له بالتالي تبعات اقتصادية وسياسية داخلية!
من جهتها، تستعد أوكرانيا لإطلاق عملية الانتاج الداخلي للسلاح والذخيرة. ولكن هل يستطيع الاقتصاد الأوكراني الذي يعاني الأمرين من تحمل تكلفة هذا الانتاج من دون مساعدات مالية دولية؟ وبالتالي، هل يكون الاقتصاد الغربي مدخلاً ملزماً السلام في أوروبا، قبل أن تنفجر حروباً أوروبية أخرى كالتي تطل برأسها بين صربيا وكوسفو على سبيل المثال؟!