
خاص – هذه المرّة.. أنت تعلَم
يخطئ من يظنّ أن عملية “طوفان الأقصى” التي بدأتها حركة “حماس” ضد إسرائيل، واستدعت ردّا إسرائيليًا “أوليًا” بعملية “السيوف الحديدية” قد تظلّ محصورة بالزمان والمكان اللذين رسمتهما فصائل المقاومة الفلسطينية للعمليّة. واللافت أن “حماس”، وبعد ساعات قليلة على بدء العملية، طلبت الدعم والمؤازرة من كل فصائل “محور الممانعة” أينما وُجِدوا، وهو ما يؤكّد المؤكّد من أن العمليّة لن تقف عند حدود جغرافية أو زمنيّة معيّنة. وفي هذا الإطار تتجه الأنظار في لبنان والعالم إلى رد الفعل المرتقَب من”حزب الله”، وخاصة بعد أن تبلغ موجة العنف الإسرائيلي ذروتها ضدّ الفلسطينيين في الأيام القليلة المقبلة.
في حرب تموز 2006، وبينما كانت المقاتلات الإسرائيلية تدمّر البنى التحتيّة اللبنانية، أطلّ أمين عام “حزب الله” السيّد حسن نصرالله في أحد خطاباته المتلفزة ليبلغ اللبنانيين “عذرًا أقبح من ذنب”، مطلٍقًا جلمته الشهيرة “لو كنت أعلم”. أما اليوم، وبعد 17 عامًا على حرب تموز، بات على نصرالله ان يعلم، وهو بالتأكيد يعلم, ولكن، ومن باب التذكير، لا بد من بعض الأسئلة المبدئيّة:
-هل تعلم يا سيّد، قبل أن تقوم بأية مغامرة كارثية، بأن البلاد بلا رأس بسبب عرقلتكم الانتخابات الرئاسية، ما يعني أن لا أحد سيكون مسؤولًا عن إدارة مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل عبر الأمم المتحدة، على غرار ما فعل الرئيس إميل لحّود عام 2006؟
-هل تعلم يا سيّد، أن البلد بلا حكومة لأن حكومته مستقيلة وهي بالكاد تصرّف الأعمال الملحّة، وهي بالتأكيد ستكون عاجزة عن أن تكون “حكومة حرب”؟
-هل تعلم يا سيّد، أن الجيش يكافح بكل ما أوتي من عزم وقوة للمحافظة على الحدّ الأدنى المطلوب من الأمن في الداخل وعلى الحدود، ولن يكون بالتالي قادرًا على تحمّل أية أعباء إضافية ستفرضها ظروف الحرب؟
-هل تعلم يا سيّد، أن الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تضرب البلاد منذ سنوات عدّة ستجعل من الصّعب، اذا لم يكن من المستحيل، على أي مواطن أن يغيّر زجاج منزله اذا تعرّض للقصف، فكيف بالأحرى إذا تهدّم بالكامل، وبالتالي فإن “القرض الحسن” لن يكون قادرًا على إقراض عشرات لا بل مئات آلاف المحتاجين؟؟
-هل تعلم يا سيّد، أن العزلة العربية والدولية التي أوصلتم لبنان إليها بفعل انغماسكم في “محور الممانعة”، جعلت معظم البلدان العربية المؤثرة وكذلك الدول الكبرى، غير مهتمّة بمصير لبنان في السلم وفي الحرب، ما سيجعلها بالتالي غير مهتمّة بإزالة أضرار الحرب وإعادة بناء ما تهدّم على غرار ما حصل عام 2006؟
-هل تعلم يا سيّد، أن في لبنان أكثر من مليوني نازح سوري سيكونون عبءًا إضافيا على البلد في حالة الحرب أكثر مما هم عليه في حالة السِلم؟
-هل تعلم يا سيّد، أن الشقيقة سوريا لن تكون هذه المرّة قادرة على مساندتك في أي حرب، لا من خلال إمدادك بالسلاح، ولا عبر استقبال عشرات آلاف النازحين المحتملين من الجنوب والضاحية الجنوبية، على غرار ما حصل في حرب تموز؟
-هل تعلم يا سيّد، أن مرجعيّتك إيران لن تكون قادرة على تمويل حربك المحتملة بفعل الأزمة الاقتصادية التي تضربها، ما يعني أن صناديق الذخيرة المعبّأة بالدولارات التي توزّعت على الطرقات عام 2006 لن تكون موجودة هذه المرة؟
أكثر من ذلك:
-هل تعلم يا سيّد حسن، أنك إذا أخذت منفردًا هذه المرة قرار الحرب، من دون الرجوع الى شركائك في الوطن وتسببت بخراب لبنان على غرار حرب تموز وربّما أكثر، لن تجد في الداخل اللبناني من يدعمك أو يقف الى جانبك، وسيكون عليك بالتالي، أنت وبيئتك الحاضنة تحمّل مسؤولية قرارك ونتائجه؟
في النهاية ،لا بدّ من التأكيد أنك يا سيّد حسن تعلم كل ذلك وأكثر. لذلك فمسؤوليتك كبيرة وكبيرة جدا تجاه كل لبنان وجميع اللبنانيين، أللهم إلا إذا كان البعض على حقّ بقولهم إن قرارًا بهذا الحجم يُتّخذ في طهران وتدفع ثمنه بيروت.