خاص- هل تمنع التعزيزات الأميركية فتح جبهة لبنان؟

خاص- هل تمنع التعزيزات الأميركية فتح جبهة لبنان؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24خاص
20 تشرين الأول 2023

قصفت اسرائيل غزة بأعنف الغارات، وقتلت مئات الفلسطينيين في مجزرة المستشفى الأهلي، ولا تزال الجبهة اللبنانية مع “حزب الله” مضبوطة بعد 13 يوماً على عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة “حماس. وتهدّد اسرائيل الآن بتنفيذ عملية بريّة، بعدما أجبرت مئات آلاف الغزّيين على النزوح جنوباً. فهل تستمرّ الجبهة مع لبنان مضبوطة أيضاً عند بدء الهجوم البرّي؟
بُذلت جهود دولية وعربية حثيثة من أجل إبقاء الجبهات الأخرى هادئة نسبياً، وأبرزها طبعاً لبنان. ولكن لم يصدر عن ايران أو عن الحزب ما يوحي بماهية الخطوات التي ينويان اتخاذها، وما إذا كانا يخططان للتصعيد الميداني أو الإبقاء على سقف الردود المحدودة.
ولكن، ومنذ الأيام الأولى لحرب غزّة، سارعت الولايات المتحدة إلى إرسال حاملتي طائرات إلى المنطقة، كما أرسلت معدات حربية تحتاجها اسرائيل. وتقول تقارير صحافية من العاصمة الأميركية إنّ أحد الأهداف الرئيسية لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن تل أبيب، إضافة إلى إعلان الدعم المطلق لحليفته، هو العمل على منع تمدد الصراع إلى جبهات أخرى، بما يحوّله إلى حرب إقليمية. وقد أفادت هذه التقارير أيضاً بانتشار ميليشيات سورية وعراقية موالية لإيران في الجولان، وأشارت إلى وجوب التنبه لتحركات الحوثيين في اليمن وإمكان اطلاقهم صواريخ على اسرائيل. وهذا ما حصل بالفعل، حيث أفيد عن اعتراض صاروخ ربما يكون أطلق من اليمن.
لا تريد الولايات المتحدة توسع الحرب إلى حرب إقليمية، لأن ذلك يهدّد مصالحها في المنطقة، وستكون له عواقب على أمن اسرائيل التي ستقع تحت وابل من الصواريخ المنطلقة من لبنان، فيما هي تريد أن تركز على غزة ولا تشغل قواتها بمحاور متعددة في آنٍ واحد.
وقد أرسلت ايران في أي حال رسائل استباقية لواشنطن، حيث استهدفت الفصائل العراقية الموالية لايران قاعدتين أميركيتين في العراق، كما استُهدفت قاعدة أميركية في سوريا. وهذه التطورات الميدانية ستجعل الولايات المتحدة تصعّد من إجراءاتها أيضاً. وقد تنفذ الطائرات الأميركية تدريباً استطلاعياً على سبيل المثال، أو قد تتحرك عبر قواعد لها في المنطقة. ولكنها ستتحاشى الإقدام على عمل عسكري مباشر، أو توجيه ضربات إلى ايران، إلّا في حال حصول مفاجآت.
في المقابل، ليس من مصلحة ايران في الوقت عينه توسيع نطاق الحرب و”المخاطرة” بإضعاف القدرات العسكرية لـ “حزب الله” التي تضاعفت منذ حرب العام 2006، واستهلاك ترسانته العسكرية الضخمة التي بناها في السنوات الماضية. وربما لن تكون ايران قادرة على مدّه بالصواريخ بالسرعة المطلوبة.
كما أنّ حرباً اسرائيلية على لبنان ستدمّر البنية التحتية لهذا البلد المنهار أصلاً ، والذي يعاني من أزمة اقتصادية ونقدية غير مسبوقة. وهذا يزيد النقمة الشعبية على الحزب الذي سيتحمّل مسؤولية الخسائر التي ستنجم عن الحرب والتي ستفاقم الوضع الصعب أصلاً.
وسيؤدي اقدام الحزب على فتح جبهة الجنوب، وبالتالي إدخال لبنان في حرب واسعة، إلى ازدياد النقمة عليه من جانب الشرائح اللبنانية الأخرى التي ترفض كون الحزب هو من يأخذ قرار الحرب والسلم. وفي ظرف من الانهيار كالذي يعيشه لبنان، وفي غياب المؤسسات وعدم وجود رئيس للجمهورية والأزمة السياسية القائمة، لا يمكن التحكم بتطور الأحداث في حال نشوب حرب مع اسرائيل. وربما تعلن أطراف لبنانية مثلاً أنها غير معنية بالقرارات التي يتخذها “حزب الله” نيابة عن اللبنانيين، وتعمل لتحييد مناطقها عن الحرب التي يمكن أن تقع، بما يكرس وقائع جديدة على الأرض لن تكون في مصلحة الحزب.
إذاً، يبدو أن توسيع نطاق الحرب ليس في مصلحة أي من الأطراف، سواء الولايات المتحدة أو ايران و”حزب الله”. وستكون طهران حريصة على عدم التفريط بالورقة “الأثمن” لديها، أي ورقة الحزب، لأنها ستكون الورقة الأخيرة بعد استنفاد ورقة “حماس”.